مختصون في الشريعة: بقاء المعتمرين في السعودية يعد نقضا للاتفاقيات والعهود

أمير منطقة مكة المكرمة يرأس اليوم اجتماع لجنة الحج المركزية

حاجة هندية تودع أسرتها قبيل تحركها ضمن فوج من الحجاج صوب مكة المكرمة (أ.ب)
TT

في الوقت الذي يرأس فيه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية بمكة المكرمة اليوم اجتماع لجنة الحج المركزية، لمناقشة واستعراض خطط الجهات الحكومية المعنية التي أعدتها لتقديم خدماتها لحجاج بيت الله الحرام خلال موسم حج هذا العام، اعتبر مختصون في الشريعة الإسلامية في السعودية بقاء المعتمرين أو الحجاج بعد انقضاء مناسكهم نقضا للاتفاقيات والعهود, التي بموجبها سمح لهم بدخول الأراضي السعودية.

واعتبر المختصون التخلف عن العودة سببا في انفلات الضبط الإداري تجاه هؤلاء المتخلفين من قبل السلطات, منوهين بأن عدم جواز بقاء المعتمر أو الحاج بعد انقضاء مناسكه, يأتي دفعا للكثير من الآثار السلبية المترتبة على هذه الظاهرة.

وتأتي دعوة العلماء متزامنة مع إطلاق اللجنة الوطنية للحج والعمرة، أمس, حملة «عمرة بلا تخلف», تحت مظلة الغرفة التجارية، مطالبين من خلال رسائلهم التي تم إطلاقها, عدم التعامل مع هؤلاء المخالفين لأنظمة الإقامة في السعودية وعدم التستر عليهم الذي سيؤدي إلى تنامي الظاهرة السلبية وصعوبة القضاء عليها.

وتهدف اللجنة الوطنية للحج والعمرة من إطلاق الحملة التوعوية الوطنية، لتوعية المواطنين والمقيمين بمخاطر التستر على المتخلفين عن العمرة، والأضرار والسلبيات التي تفرزها تلك الظاهرة، سواء كان ذلك على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو الأمني، مبينة في حملتها أن الوطن فوق كل اعتبار، وأن المساس به بأي شكل من الأشكال يعد خطا أحمر لا يمكن تجاوزه.

وفي هذا الصدد قال الشيخ الدكتور صالح الفريح, وكيل التطوير بكلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى: «إن هذه الظاهرة تعد سلبية ومضرة للمجتمع الذي تنشأ فيه», معتبرا أنها ظاهرة منتشرة في كل بقاع الأرض «حيث تجد هناك من يقيم إقامة غير شرعية, ولهذه الظاهرة دلالات سلبية تنخر في عظام المجتمع سواء اقتصاديا أو أمنيا, ويصعب على السلطات في البلاد إدخالهم ضمن منظومته الإدارية والانضباطية، وذلك لوجودهم من دون أي إثباتات رسمية».

وأشار الفريح إلى أن «دوافع المعتمر أو الحاج المخالف للأنظمة دوافع اقتصادية, فهو ينتظر لظروفه لعدم إمكانية دخوله إلا من هذا الباب القدوم إلى السعودية من خلال أداء مناسك العمرة أو الحج, لأن تكاليفها قد تكون منخفضة, وبالتالي سيجدها فرصة للبقاء في مكة أو أي منطقة في السعودية بحيث يبدأ عملية البحث عن العمل بطرق مخالفة للأنظمة والقوانين».

وطالب وكيل التطوير في جامعة أم القرى بتشديد الأنظمة من خلال فرض عقوبات قاسية على المخالفين الذين يتسترون عليهم, خصوصا أن بلادنا ولله الحمد تعد بيئة خصبة لتنامي مدخرات هؤلاء المخالفين لأنظمة الإقامة، نظرا لكثير من الخيرات التي تكتنزها بلادنا, وبالتالي لا بد من سن قوانين وعقوبات رادعة تحد وتساهم في انحسار هذه الظاهرة السلبية.

من جهته، قال الشيخ فائز الرويثي، الداعية والمنسق في جمعية مراكز الأحياء في مكة المكرمة: «كثير من السلبيات التي يخلفها بقاء الأجانب، سواء من الحجاج أو المعتمرين, ظاهرة التسول، التي انتشرت في مكة المكرمة جدة والمدينة المنورة, وتتنامى وتكثر بشكل كبير خلال المواسم الدينية التي تشهدها مكة والمدينة, كمواسم الحج والعمرة».

وأردف الرويثي: «لعل ما نطلع عليه يوميا من خلال وسائل الإعلام, عن وقوع جرائم سرقة وقتل, تكون فيه نسبة العمالة المخالفة هي الأكبر, وبالتالي فإن لظاهرة التخلف سلبية أمنية واقتصادية ومجتمعية, لا بد من تكاتف جميع الجهات سواء السلطات السعودية أو المواطنون والمقيمون, وكذلك الشركات السياحية والاستقدام».

وأضاف المنسق في جمعية مراكز الأحياء في مكة المكرمة: «لا بد أن يتم النظر في هذه الظاهرة السلبية من كل الأوجه, ووضع الحلول الناجعة للقضاء عليها من خلال الدراسات الاستقصائية والميدانية, وملامسة الواقع لكي يصل المسؤولون في الجهات المعنية إلى حلول تنهي الصداع المزمن من قبل ظاهرة مخالفة أنظمة الإقامة».

من جهته اعتبر الدكتور محمود محمد عبد الله كسناوي أستاذ التربية الإسلامية والمقارنة بكلية التربية جامعة أم القرى ظاهرة المتخلفين والمخالفين لأنظمة الإقامة والعمرة من الظواهر المزمنة التي عانى منها المجتمع السعودي منذ عقود من الزمن، فعلى الرغم من تطور المحاولات التنظيمية المتعددة التي تبذلها الجهات ذات العلاقة بهذا الشأن، والتي بدورها تقوم بالقبض على كثير من المتخلفين وترحيلهم إلى بلادهم، فإن المشكلة ما زالت مستمرة في النمو عاما بعد آخر، نتيجة لكثير من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتنظيمية، إضافة إلى الزيادة السنوية في أعداد الحجاج وفتح باب العمرة على مصراعيه طيلة أيام السنة, ومع تزايد أعداد المتخلفين عاما بعد عام خاصة شهر رمضان وموسم الحج أصبحت هذه المشكلة على درجة كبيرة من التعقيد، خاصة أن التقارير الأمنية تؤكد يوميا ارتكاب هذه الفئة من المتخلفين لجرائم متعددة تهدد أمن الفرد والمجتمع.

وأشار كسناوي إلى أن ظاهرة التسول تعد من أبرز المشكلات الاجتماعية المرتبطة بمشكلة التخلف حيث يعد هدفا رئيسيا لبعض المتخلفين، فتشير التقارير التي تناولت هذه المشكلة في المشاعر المقدسة إلى أنه توجد شركات مهمتها المتاجرة بأجساد الأطفال في مهنة التسول، يتكفل فيها الهوامير الأفارقة بكل ما يتعلق بهم من استخراج الجوازات وتأمين الحجوزات، بالإضافة إلى توفير حافلات خاصة لاستقبال المقبلين وتوزيع نقاط عملهم ومناطق التسول بإعاقاتهم وهيئاتهم الجديدة، والتسبب في مشكلات اجتماعية في الأحياء العشوائية، التي تمثل إحدى المشكلات الرئيسية التي تعاني منها بعض المدن، كنتيجة لتزايد أعداد المتخلفين واستيطانهم مثل تلك الأحياء؛ ففي مكة المكرمة على سبيل المثال يقيم المتخلفون في منازل عشوائية فوق سفوح الجبال، ويعملون في البيع والشراء وحمل الأمتعة, بالإضافة إلى تفشي ظاهرة افتراش الكباري والأماكن العامة، حيث تشير التقارير الرسمية إلى أنه من أسباب افتراش الحجاج والمعتمرين للطرق والممرات ارتفاع نسبة المتخلفين، سواء بعد رمضان أو بعد الحج.

وأبان الدكتور كسناوي أن ظاهرة الافتراش أصبحت (سواء في الحرم المكي أو المدني) من المشكلات التي أصبحت تؤرق كثيرا من رجال الأمن، وكذلك المواطنون حيث إنها ترتبط بكثير من الجوانب السلبية وتشويه مظهر الأماكن المقدسة. إضافة إلى تكشف عورات النساء أثناء النوم، وانتشار القاذورات التي لا تتناسب وقدسية المكان.