الثوب والعباءة بوابة السعوديين لدخول عالم الموضة

تغييرات فرضها واقع الانفتاح الثقافي

الثوب الجينز الأكثر انتشارا بين السعوديين
TT

العباءة والثوب على الرغم من كونهما، بوابة لكثير من السعوديين؛ في عالم الموضة والأناقة، فإن المحافظة على وضع بصمة حقيقية في تصميمهما مكنت أسماء كثيرة من أن تصبح ماركة مسجلة يتسابق الكثير للحصول عليها من باب إضفاء شخصية خاصة على مرتديها.

وبينما كانت البداية لا تختلف كثيرا بين مصممات العباءة، كونهن انطلقن من قاعدة «لا يعجبني الموجود في السوق»، كما أوضحت أمل بن شيهون، كان التغيير أمرا بديهيا في العباءة التي حافظت عبر أجيال، على كونها مجرد رداء ساتر، يحفظ للمرأة حشمتها.

ولعب الملل دور البطولة في الترويج لتصاميم الثوب بدلا من المحافظة على الصورة العتيقة للرجل السعودي، داخل الثوب الأبيض التقليدي. وهو «ما ساعد القائمين على تطوير صناعة الثوب على إيجاد أكثر من خيار عند ارتداء الثوب»، كما أوضح حاتم عقيل، مصمم الأزياء السعودي.

وفي ظل التغيير والانفتاح على الآخر كان لا بد من إحداث تغييرات تتناسب مع واقع الانفتاح الثقافي، وخصوصا أن العباءة والثوب ما زال كل منهما يعتبر حتى وقت ليس ببعيد الزي الرسمي للسعوديين. الأمر الذي انعكس على انتشار تصاميم غزت الأسواق المحلية ولاقت قبولا اجتماعيا، وذيلت بتوقيع «مصمم»، على الرغم من جدل قائم حول الكلمة التي يرى سراج سند، مصمم الأزياء السعودي، أنها كلمة لا تنطبق على كثيرين؛ كونه يرى العاملين في هذا الحقل «ليسو سوى مطورين»، بينما واقع الحال يؤكد بروزهم كمصممين.

وعلى الرغم من كلاسيكية الأبيض والأسود، فإن تصنيف الألوان الذي يضع الأسود في خانة اللون الصعب؛ باعتباره «لونا يليق بأشخاص معينين، بحسب تصنيف يقسم الناس حسب لون البشرة، الأمر الذي يتيح لكل مجموعة ارتداء ألوان أكثر مناسبة لها على مدار السنة»، كما أبانت ريهام أبو الفرج، خبيرة الألوان، موضحة أن اللون الأسود يعطي انطباعا لمن يرتديه إن كان من خارج دائرة التصنيف اللونية بـ«عدم قدرته على التواصل مع الآخرين، وبأنه شخص بارد وأكبر سنا عن عمره الحقيقي، ناهيك بتأثيرات الأسود على الوجه، والتي تساعد على ظهور الخطوط في منطقة الذقن، وتجاعيد الوجه، وظلال تحت العين. ويعكس اللون الأبيض وهو الأكثر مرونة حالة من الارتياح لمرتديه ولمن تقع عينه عليه، ناهيك بتأثيره الإيجابي على نظافة الشخص من الداخل، إلا أن دائرة التصنيف لم تشفع لمرتدي اللون الأبيض خارج دائرة التصنيف، بسبب التأثير الباهت والتعب والإرهاق الذي يعكسه مرتديه».

الثوب السعودي الذي يحدده في الغالب اللون الأبيض، والذي يحاول كثيرون تغييره، من خلال كم الألوان، التي يتم ترويجها بين الشباب، وتتدرج بين ألوان البني والأحمر والبرتقالي، ما وصفه سند بغير اللائق، معتبرا أن الطبيعة والمناخ تلعب دورا في اختيار الألوان المناسبة، وهو ما تعكسه ألوان مثل الأبيض والكريمي، والسكري، بالنسبة للمناطق الساحلية، بينما تتسق البنيات مع البيئة الصحراوية. ويأتي ذلك في وقت يلعب فيه تجار الأقمشة دورا رئيسيا في تحديد موضة اللون لكل موسم، مع الهيئة العالمية للأقمشة، بالإضافة للمعارض التي تقام في باريس وميلانو، كما أبان سند. إلا أن هذا الدور لتجار الأقمشة لم ينعكس على سواد العباءة السعودية كعلامة مميزة للمرأة السعودية، كما وصفتها بن شيهون، موضحة «اللون الأسود لون هادئ وأنيق»، الأمر الذي أتاح لها فرصة للعب في اختيار نقشات الأقمشة، ومتيحة لنفسها بذلك مساحة إبداعية لتصميم الأكمام.

وفي مقابل لغة العباءة التي تتقنها المصممات السعوديات، تأتي محاولة القائمين على تطوير شكل الثوب، كسر حاجز الصمت الذي هو عنوان الثوب الخليجي، لولا الاختلاف في قصة الثوب على إحداث نقلة نوعية، عبر إدخال تطريزات بسيطة في الأكمام، إلى جانب الخط العربي، الذي أضفى نوعا من الأناقة؛ دون أن يؤثر ذلك على الشكل الأساسي للثوب.

وفيما يعتقد أن الشكل التقليدي للثوب، والمكون من اللياقة والقلاب والكبك «اقتباس من القمصان الإيطالية، لا أحد يعرف الشكل الأساسي للثوب»، كما أوضح سند. يبدو أن المحافظة على كلاسيكية هذا الثوب. تدخل في نطاق كونه «هوية باعتباره الزي الرسمي للدولة، في كل المشاركات العالمية والمحافل الدولية»؛ لذلك لا بد من احترام هذه الهوية، بدلا ما سماه «الإسفاف ومحاولة البعض تأنيث الثوب، عبر عمل فتحات، ناهيك بإكسسوارات منها السحاب الذي يتم استهلاكه مع الغسيل»، يأتي ذلك في وقت يسعى فيه كثير من المصممين لاختيار شريحة معينة تكون هدفا مباشرا؛ وهو ما ساعد على انتشار ثوب الجينز الحاضر بقوة، في قاموس كثير من المصممين؛ كونه أكثر أنواع الملابس التصاقا بفئة الشباب، والأكثر قبولا في الفئة العمرية (13 - 18).

يأتي ذلك في وقت انتشرت فيه تصاميم أحدثت لبسا في تصنيفها بين العباءة والفستان، بما تحدثه من لفت للنظر، كون «الأصل في ارتداء العباءة هو الستر»، كما أبانت بن شيهون، إلا أن ذلك لم يقف حاجزا أمام انتشار تصاميم، تحاول الخروج عن الشكل التقليدي للعباءة، الأمر الذي يفقدها وظيفتها الأساسية في المجتمعات المحافظة، مثل العباءات الملونة، التي انتشرت لفترة؛ قبل أن يعود اللون الأسود ليقول كلمته الأخيرة، في العباءة؛ دون أن يحول ذلك بين «إدخال تفصيلات صغيرة ملونة، تتفاوت بين التطريز على الأكمام، أو تركيب قطع من الكريستال، تعطي شكلا أنيقا للعباءة، ودون الحاجة للبهرجة»؛ كما أوضحت بن شيهون.

العباءة والثوب باعتبارهما الملابس الرسمية، في بلد مثل السعودية، كان أمرا طبيعيا أن يكون الجلوس في المنزل، بأريحية يعرفها السعوديون؛ خصوصا عندما يتعلق الأمر بمجتمع الرجال! وهو ما ملته السعوديات في وقت تطالب فيه الزوجة بالأناقة داخل المنزل. كما وصف سند، الأمر الذي انعكس على وجود تصنيف للثوب بين «الكلاسيك، والمناسبات الخاصة، وثوب البيت».

وأصبحت العباءة التي لم تكن تتجاوز قيمة الـ50 ريالا، تشكل عبئا إضافيا على المرأة على اعتبار أنها تحدد المستوى الاقتصادي لمن يرتديها، بالإضافة لكونها ترسم الانطباع الأول عن الشخصية، ما دعا لتصنيفها في مجموعات، تتأرجح أسعارها بين 1800 ريال للعباءة اليومية، في حين تصل حدود الـ6000 للمناسبات.

في حين ظل الثوب يتراوح ما بين الـ450 والـ1200، إلا أن ذلك لم يمنع وجود أثواب تجاوزت قيمتها حاجز الـ3000، وهو ما تحدده «نوعية الأقمشة، التي تحتاج أحيانا خياطا متخصصا»، كما أبان سند، معتبرا أن جودة الخياطة والخامات المستخدمة، أمور إيجابية، ولعبت دورا في دخول أسماء لعالم صناعة الثوب.

وترى بن شيهون أن الخبرة التراكمية تلعب الدور الأبرز في هذه الصناعة، ما جعلها تقف عند تصميم العباءة، دون الدخول في متاهة عالم الأزياء، رغبة منها في الوصول للـ«high end»، في حين ظلت محال بيع العباءات والثياب المنتشرة مقتصرة على ذوي الدخل المحدود، والتي لا تتجاوز أسعار العباءات فيها حاجز الـ300 ريال، في حين ظل مؤشر الثوب السعودي عند حاجز الـ35 ريالا.