«خروج الحج» يجبر «المكاويين» على الانتقال لمدينتي الطائف وجدة

عقود الإيجارات تعلق شهرا كاملا والعاصمة تتحول لمنطقة حج بالكامل

أحياء مكة المكرمة تتحول إلى منطقة إسكان للحجاج (تصوير: أحمد حشاد)
TT

علقت آلاف العمائر السكنية في العاصمة المقدسة جرس «الخروج المؤقت»، أو ما بات يعرف لدى المكيين بخروج «الحج»، واضطرت كثير من الأسر للنزوح لمناطق الأطراف، أو الانتقال إلى مدينتي جدة والطائف، كأحد الحلول المؤقتة.

وبحلول المنصف من شهر ذي القعدة، فإنه يتعين على كثير من الأسر مغادرة منازلها، حتى الخامس عشر من ذي الحجة، نظرا للجوء كثير من العمائر السكنية إلى تأجير آخر للاستفادة من الموسم، وسط معاناة لآلاف المواطنين والمقيمين الذي يلجأون قصرا نحو تأمين مساكن بديلة، ولو كانت بمساحة غرفة واحدة فقط.

وبحسب الدكتور فهد اليافعي، أستاذ الاقتصاد الإسلامي، فإن الاستثمارات العقارية في العاصمة المقدسة تعتبر حاليا العصب الرئيسي في حجم الاستثمارات، بل إنها تعد من أقوى الاقتصادات العالمية، مقارنة بحجم الأمتار العقارية وارتفاعها، التي تعد الأغلى عالميا دون منافسة.

وقال اليافعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن العاصمة المقدسة تجني أرباحا كبيرة، وواسعة إسكانيا، حيث تغيرت المفاهيم الاقتصادية لكثير من ملاك العقارات وقطاع الإيواء، معتبرا أن ما يجري حاليا يحتاج إلى مأسسة عقارية تستند على خارطة إسكانية جديدة تراعي مدى الحاجة والطلب المتزايد الذي تشهده العاصمة المقدسة جراء الطلب المتزايد.

وحول ما تشهده معظم الدول العربية من صراعات وثورات، دافع اليافعي عن البنية الاقتصادية الإسكانية لمكة، مستشهدا بأن ثلثي قطاع الإيواء في السعودية يختزل في العاصمة المقدسة، داعيا في ذات السياق إلى ضرورة تقنين الخطط العقارية لتتواءم مع التطور التي تشهده العاصمة المقدسة على الصعيدين التنموي والإسكاني.

وتوقع أستاذ الاقتصاد الإسلامي، أن لا يهتز حاجز الملياري دولار كقيمة متوقعة للإسكان، وذكر أن الإيجارات تختلف بحسب الموقع والقرب والبعد من الحرم الشريف وتتراوح بشكل عام الإيجارات بين 1000 دولار و10000 دولار للحاج الواحد، مؤكدا أن زيادة المساحة المخصصة للحاج الواحد أدت إلى استئجار عدد كبير من العمائر في عدد من الأحياء، مؤكدا أن العمائر التي تم استئجارها من قبل بعثات الحج والشركات السياحية مرخص لها من قبل لجنة إسكان الحجاج، وتتوفر بها كل اشتراطات السلامة لأن البعثات والشركات السياحية مطالبة بتوثيق عقود الإيجار من مؤسسات الطوافة المعنية.

من جانبه، قال بندر الحميدة، الخبير العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروعا كمشروع الشامية على سبيل المثال في الساحات الشمالية للحرم قلص أكثر من 300 ألف متر في المساحة العمرانية والإسكانية والتجارية، وهناك مشاريع الخطوط الدائرية والخط الموازي والطريقين الدائريين الثالث والرابع، التي قلصت المساحات الإسكانية، مشيرا إلى أن الأهم أنه لم تحدث توسعة في عدد المخططات بما يقابل المساحة التي تقلصت في عدد المشاريع في المناطق المركزية من المدينة.

وأضاف بندر الحميدة أن عملية النمو السكاني وعامل الهجرة كلها أدت إلى رفع أسعار العقار وزيادة الطلب على الأراضي والعقارات، مشيرا إلى القاعدة العقارية التي تقول: «إذا زاد الطلب ارتفع السعر»، وبين أن تعويضات الساحات الشمالية في الشامية وصلت إلى 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار)، وزاد: «نتوقع كرجال أعمال ارتفاع أكثر من 72 في المائة في أسعار مكة».

وذكر أن تراجع أسواق الأوراق المالية والأسهم أوعز للمستثمرين التنوع في استثماراتهم، وتوجه كثير من رجال الأعمال من المنطقة الشرقية والرياض والقصيم إلى الاستثمار في منطقة مكة، مما زاد عدد المستثمرين من خارجها.

وأشار الحميدة إلى أن سعر المتر المربع حاليا في مكة لا يعكس الحقيقة، موضحا بقوله: «لأننا دائما كرجال أعمال نربط السعر مقابل العائد، فمن الممكن أن تزيد التكلفة إذا كان العائد يزيد، فالعائد من الإيجارات سواء كان تجاريا أو سكنيا ارتفع مباشرة بعد مشروع الشامية»، وذكر أن سعر تكلفة الحاج في العام الماضي كان 1300 ريال (346.66 دولار)، بينما وصل هذا العام إلى 2500 ريال في منطقة كالعزيزية، وكل هذا بسبب تقلص المساحات الإسكانية جراء المشاريع التي تحظى بها مكة المكرمة، وزياد الطلب على المناطق خارج المدينة المركزية.