«المسرح» جاذب جديد لاستثمارات الشباب والفتيات

من خلال إنشاء مؤسسات صغيرة للعمل المسرحي

العمل المسرحي أصبح يشكل منعطفا استثماريا جديدا للشباب في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أصبح التمثيل والعمل المسرحي عوامل جذب كبيرة لدى بعض الشباب والفتيات في السعودية، الذين قرروا مؤخرا الاستقلال بأنفسهم في ذلك المجال من خلال إنشاء مؤسسات صغيرة للعمل المسرحي، تشمل دورات تدريبية في الإخراج والتمثيل والهندسة الصوتية الخاصة بالمسرح وغير ذلك من العمل المسرحي، بهدف الاستثمار فيه بعد أن وجد إقبالا كبيرا عليه من فئات المجتمع في السنوات الأخيرة.

وبين زياد السلمي مساعد المشرف العام لـ«محترف كيف للفنون المسرحية»، أنهم بدأوا كفرقة مسرحية عام 2006 ثم تحولوا مؤخرا إلى «محترف كيف» وهي عبارة عن مؤسسة صغيرة يسعون إلى التوسع فيها.

ولفت إلى أن مؤسسة «محترف كيف» لديها عدة أقسام فمنها ما يهتم بإعداد المسرحيات ومنها ما هو متخصص بمجلة «كيف» التي ترصد كل ما يتعلق بالمسرح العربي والدولي كمتابعات ونصوص وتحقيقات وأخبار، كما يوجد لديهم قسم التدريب الذي يجد إقبالا كبيرا من الشباب الراغبين في تنمية موهبتهم في مجال التمثيل والعمل المسرحي، مشيرا إلى أن الدورات يقدمها خبراء إلى جانب أنها معتمدة من قبل جمعية المسرحيين السعوديين.

وحول أماكن عرض مسرحياتهم أشار السلمي إلى أنهم يعرضون أعمالهم في المكتبة العامة، مشيرا إلى تعاون بينهم وبين وزارة الثقافة والفنون إضافة إلى النادي الأدبي لعرض تلك المسرحيات فيها.

ويرفض محترفو كيف أن يكونوا من الذين يعتبرون المسرح «دكانا» يقتاتون على ما يبيعونه من تهريج، ووفقا للسلمي الذي بين أن المقصود من تلك العبارة أن هناك من يقدم مسرح دون هدف بل يسعى للكسب المادي، رافضا بذلك هذا النوع من العمل المسرحي.

من جهة أخرى بينت سلوى باعارمة التي تعمل مخرجة ضمن فريق حكاية النسائي، إلى أنه لا يزال هناك احتياج لأفراد يملكون مهارات عالية في كل ما يتعلق بالمسرح الأمر الذي جعل فريق «حكاية» يبحث عن الاستقلالية بعد أن كان يعمل منذ سنوات تحت مظلة الندوة العالمية للشباب الإسلامي، للعمل على جذب وتدريب الفتيات بشكل خاص على تلك المهارات.

ويهدف فريق «حكاية» النسائي إلى إدراك أهمية العمل المسرحي كوسيلة لبث الوعي والتأثير على ثقافة المجتمع، إضافة إلى تفعيل المواهب الشابة وتحفيزها لتعلم فن المسرح المحترف من إنتاج وإخراج وتمثيل، إلى جانب تعزيز قدرات الفتيات في مهارة القيادة والإدارة وفن الاتصال والتحليل والتفاوض من خلال آلية العمل المسرحي.

ويوجه «حكاية» رسالة إلى الفتيات من سن 16 إلى 35 سنة كونها هي الفئة التي تحتاج إلى من يناقش قضاياها وتواجه تحديا كبيرا من قبل المجتمع، مؤكدة أنهم يتناولون القضايا بشكل جدي محاولة منهم لإيجاد الحلول المناسبة والتي تتوافق مع المجتمع.

وبينت باعارمة أن الفريق قدم أول أعماله لمناقشة موضوع القضية الفلسطينية عام 2010 من خلال مسرحية كـ«رائحة البرتقال»، بمنظور جديد أحداثها معاصرة في مكان ما في أرض فلسطين، وكانت فصولها عبارة عن عدد من القضايا التي تجسد فيها روح المجتمع المناضل الصامد تجاه قضاياه، حيث ملئت المسرحية بالأحداث التي تنتهي بحل يفاجئ الجميع، بطريقة درامية قصتها جادة، إلا أن الفكاهة التي تتخللها تمثل متنفسا رائعا فيها.

والعمل الثاني الذي قدمه حكاية، مسرحية بعنوان «صباحك سما» تجسد من خلالها قضايا المجتمع المتشابكة في شخصيات وجدت على المسرح لتعرض الواقع وتضع اللبنة الأولى من لبناته، وكان لحكاية السبق في إقامة أول ورشة عمل تختص بهندسة الصوت النسائي على مستوى المملكة حيث تم تدريب أعضاء فريقها مع أخريات من جهات مختلفة.

وأبدت مخرجة المسرح استياءها من بعض الجهات التي تقف عائقا في طريقهم لا سيما بعض الجهات الحكومية التي ترفض منحهم تراخيص لعرض مسرحياتهم، إلى جانب منعهم من التصوير في بعض الأماكن.

ولفتت إلى أن عدم تقبل المجتمع لفكرة وجود مسرحيات من العنصر النسائي يعود للعرف الاجتماعي الذي يقيد المرأة ويمنعها من الخروج والعمل والتمثيل، حتى وإن كان أمام مجتمع نسائي، مبينة سعيهم لكسر وإزالة هذا الحاجز.

وأشارت إلى أن عدم توفر مسرح قومي مجهز بالشكل الكافي لإقامة عروض مسرحية وفنية يعتبر أيضا أحد المعوقات التي تقف أمام تقدمهم، خاصة أن أغلب المسارح الموجودة في السعودية صغيرة جدا حيث صممت لإقامة المؤتمرات والندوات.

وحول تقبل المجتمع لهذه المسرحيات لفتت إلى أنهم لمسوا من خلال عرضهم للمسرحيتين السابقتين «رائحة البرتقال»، و«حكاية سما» أن هناك تجاوبا وإقبالا كبيرا من فئات المجتمع التي هي بحاجة للمسرح وفنونه حيث إن القاعات كانت تمتلئ جميع مقاعدها أثناء العرض.