وزير العمل السعودي لـ «الشرق الأوسط»: نطور برنامجا للتأمين ضد التعطل «المؤقت».. ولدينا برامج جديدة لمنع التحايل على «نطاقات»

قال إن المرأة لا تحتاج لوكيل في وزارة العمل وتستطيع متابعة أمورها بنفسها

وزير العمل السعودي المهندس عادل فقيه («الشرق الأوسط»)
TT

أكد وزير العمل السعودي المهندس عادل فقيه أن وزارته تعمل حاليا على إطلاق برامج أخرى لمنع التحايل على برنامج نطاقات، مشيرا إلى العقوبات لم تمنع البعض من محاولات الالتفاف على الأخلاق والتنظيمات، وذلك عبر تسجيل المواطنين في التأمينات الاجتماعية لقاء مبلغ ضئيل من المال.

ودعا وزير العمل في حوار خاص أجرته معه «الشرق الأوسط» أصحاب العمل إلى عدم الاستثمار في أعمال الالتفاف على بيانات التوطين، حيث إنه سيكون استثمارا خاسرا على المستوى القريب والبعيد، واستبدال ذلك بالاستثمار البناء في مستقبل أبنائنا وبناتنا وفي اقتصاد الوطن.

وكشف الوزير السعودي الذي يتولى سدة أكثر الوزارات جدلا عن برنامج يجري التحضير له للتأمين ضد التعطل المؤقت، مشيرا إلى أن قضية هروب العمالة باتت تشكل ظاهرة مقلقة على سوق العمل ولها تداعيات أمنية واقتصادية.

وتحدث وزير العمل في هذا الحوار عن أبرز قضايا سوق العمل في السعودية، من قضايا التوظيف للجنسين وملف حافز وما واجههما من انتقادات ومشاكل الفصل التعسفي والبرامج التي تطبقها وزارته لدعم عمل السعوديين، فإلى تفاصيل الحوار.

* ما هي خططكم المستقبلية التي لم يعلن عنها لتطوير وزارة العمل وماذا لديكم من جديد تحت الدراسة؟

- تعمل وزارة العمل على تطوير أدائها وأداء المؤسسات الشقيقة بشكل متواز معتمدة على الحوار والتشاركية مع أطراف سوق العمل وأصحاب المصلحة، لتلبي قراراتها وبرامجها ومبادراتها احتياجات سوق العمل، ولتنصب مخرجاتها في مصلحة الوطن والمواطن.

ولقد أطلقت الوزارة خلال العام الماضي الكثير من المبادرات على المستوى الوطني، وذلك للحاجة الماسة للتعامل مع قضايا البطالة والتوطين والتدريب وغيرها. ويتم حاليا العمل على تطوير هذه المبادرات بهدف دعم فعاليتها، وذلك في ضوء تطبيقها فعليا على أرض الواقع. كما أن هناك الكثير من المبادرات الجديدة التي نخضعها لكثير من التأمل والتفكير والنقاش مع المختصين قبل إطلاقها، وذلك لتكون مؤثرة وعملية. ولا يتم الإعلان عن المبادرة إلا بعد الوصول إلى درجة معقولة من الاطمئنان لها. وإذا لم يكتمل لدينا الاطمئنان الكافي لأي مبادرة، فإنها تظل كفكرة، قد تكتمل ثم تطلق لاحقا أو تلغى إذا لم تثبت جدواها.

وتنطلق خطة الوزارة بشكل عام من أهداف استراتيجية التوظيف السعودية المعتمدة من مجلس الوزراء الموقر. وتسعى هذه الخطة في مجملها إلى معالجة ثلاثة محاور أساسية هي: محور الطلب، والذي يتم تنشيطه عبر مبادرات توليد الوظائف الجديدة وعبر تفعيل آليات التوطين والإحلال؛ ومحور العرض، والذي يتم تنشيطه من خلال مبادرات دعم التدريب وتهيئة الشباب الباحث عن العمل؛ ومبادرات المواءمة، والتي يتم تفعيلها من خلال رفع كفاءة سوق العمل ودعم آليات البحث والتوظيف وتوفير المعلومات.

وفي هذا السياق، تنوي الوزارة إطلاق موقع إلكتروني تعرض من خلاله مسودات مبادرات وبرامج الوزارة على الرأي العام ليتمكن كل مهتم من التعليق على مضامينها، ولتخرج تلك المشروعات معبرة عن كافة آراء ومصالح أطراف سوق العمل.

* كوزير للعمل ما هو الشيء الذي يزعجك وترى أنه يعيق عملكم كوزير للعمل؟

- أحاول، كوزير، ما استطعت، عدم أخذ الأمور على محمل شخصي، وأن أرى في كل تحد فرصة، وفي كل نقد نصيحة، وفي كل إخفاق درسا مستفادا. ويعلم كل مشتغل بقضايا الشأن العام أن هذه المسؤولية تتضمن التعامل مع كثير من الضغوط التي تتطلب التعامل والتكيف معها بشكل إيجابي، وذلك للاستمرار في حفز الهمم نحو مزيد من الإنجاز.

إن قضايا العمل هي بطبيعتها قضايا مجتمعية معقدة ومتشعبة. ولا تكاد تخلو أي معالجة لها من آثار قد ترضي البعض بينما لا ترضي الآخرين. ويندر جدا أن تجد قرارا يتفق الجميع عليه سواء كان ذلك في مجال سوق العمل أو في غيره من المجالات. من هنا فإن ما يكتسب أهمية قصوى هو أن نسعى أولا لنيل رضا الله سبحانه عبر إخلاص النية، وأن نسعى لنيل رضا ولي الأمر عبر صون الأمانة التي ألقاها على عاتقنا وعاتق كل مسؤول، وأن نضع مصلحة الوطن والمواطن فوق اعتباراتنا الشخصية، وأن نوازن بين الآثار المتوخاة على جميع فئات المجتمع، وأخيرا أن نوازن بين الآثار الآنية والآثار بعيدة المدى.

وإذا ما وضعنا في الاعتبار كل هذه المنطلقات، وقبلنا حقيقة أننا كبشر لن نصل للكمال، فإن الصعوبات التي نواجهها تصبح جزءا من طبيعة عملنا. ومن الصعوبات، التي نعمل على التعامل معها بحزم، هي محاولات البعض الالتفاف على الأنظمة، مثل اللجوء إلى السعودة الوهمية السريعة بدلا من الاهتمام بالاستثمار بعيد المدى في التدريب، أو الاعتقاد بأن الاستقدام حق مكتسب يعلو فوق حق المواطن في العمل. إلا أن ذلك جزء من الواقع الذي نحرص على أن نتعامل معه بمهنية، رغم الإزعاج الذي يسببه لنا وللوطن والمواطنين.

* يقال: إن عدد المراقبين الميدانيين التابعين لوزارة العمل قليل جدا، وبالتالي كيف يمكنكم مراقبة كل تلك الأوامر والقرارات، وأيضا السعودة في الميدان بهذا العدد القليل، وهل لديكم خطط لزيادته؟

- إن مراقبة سوق العمل هي عنصر فاعل في دعم كفاءة أداء البرامج والمبادرات التي تطلقها الوزارة ومؤسساتها الشقيقة. ويغطي نطاق التفتيش أرجاء المملكة في وقت يشهد فيه القطاع الخاص نموا متواصلا. لذا فقد أضحى عدد المفتشين مع انطلاق برنامج «نطاقات» بالفعل قليلا، وبشكل لا يتناسب مع حجم المسؤوليات التي توليها الوزارة جل اهتمامها.

ودعما لجهود وزارة العمل في هذا الصدد، صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، بإحداث 1000 وظيفة مفتش جديدة للوزارة، ويجري العمل حاليا على توظيفهم. وسوف يساعد ذلك في تخفيف العبء الحالي على التفتيش. ومن ناحية أخرى تعكف الوزارة الآن على تطوير آليات وطرق لرفع كفاءة التفتيش، بما يمكنها من مسايرة النمو المستمر في القطاع الخاص. ونأمل أن نطلق تلك المبادرات فور اكتمال الاستعداد اللازم لتنفيذها.

كما أود التأكيد هنا على أن نجاحنا في وزارة العمل ومؤسساتها الشقيقة لن يكتمل دون مشاركة مجتمعية لضبط سوق العمل ومساعدة الجهات الرسمية في القيام بأعمالها على الوجه المطلوب. ولعلي أنتهز هذه الفرصة لتشجيع كافة فئات المجتمع على تبليغ الجهات المعنية بالوزارة - من خلال مركز الاتصال الخاص بالوزارة أو أي من مكاتب العمل المنتشرة في مدن المملكة - عن أي تجاوز أو خرق لنظام العمل أو تراخ في تطبيق أي من مبادراتها أو برامجها.

* ألا تخشون أن يكون لبرنامج حافز دور في زيادة البطالة في البلاد خاصة أن البعض سيكتفي به؟

- الإعانة المادية لحافز، والتي أطلقها خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله لمساعدة الشباب الباحثين عن العمل، هي وسيلة وليست غاية. والإعانة كما يعرف الجميع هي إعانة مؤقتة لفترة 12 شهرا هجريا محددة بألفي ريال شهريا، ولا يمكن الركون إليها «كمصدر للدخل الثابت».

وفي حين لا يخلو أي مجتمع من فئات تجنح إلى الرغبة في الحصول على دخل دون عمل، فإننا نؤمن بأن أغلبية أبنائنا وبناتنا يدركون أن الهدف الرئيسي لـ«حافز» هو إعانة وتيسير السبل أمامهم للحصول على الوظيفة المستقرة ضمن بيئة العمل الصحية والمستدامة. ذلك أن توظيف شبابنا هو ما يضمن لهم بإذن الله العيش الكريم والمساهمة بشكل فاعل في التنمية الوطنية الشاملة.

من هنا نبذل كل الجهد في وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية (وهي الجهة المنوط بها إدارة برنامج حافز) لتصل هذه الرسالة إلى كافة المستفيدين، وذلك من خلال التواصل المباشر عن طريق الموقع الإلكتروني للبرنامج أو الرسائل النصية القصيرة. كما نسعى ومعنا الكثير من الشركاء وأصحاب المصلحة في سوق العمل بالمملكة إلى بث ثقافة عمل أكثر إيجابية داخل المجتمع. ولعلنا من خلالكم نؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه كافة الجهات الرسمية والخاصة ومؤسسات المجتمع لترسيخ قيم العمل التي تؤهل وتدفع بشبابنا لخوض تجربة العمل والنمو فيها ومن خلالها.

* يشتكي كثيرون من إجراءات حافز وأنها تخضع لمزاجية وزارة العمل أكثر من الأنظمة وإلا كيف يخصم من سيدة مثلا الضمان الاجتماعي الذي تحصل عليه نتيجة ظروف خاصة؟

- أود أولا أن أشير إلى أن المعايير التي تم وضعها لاستحقاق الدعم المادي لبرنامج حافز لم يتم وضعها من قبل مسؤولي وزارة العمل وحدهم، حيث تم اعتمادها من قبل مجلس الوزراء. وقبل ذلك عرضت هذه المعايير على اللجنة الدائمة بالمجلس الاقتصادي الأعلى. وقد وضعت هذه المعايير بالاستعانة بخبرات الكثير من الأطراف لاستخلاص أفضل الممارسات العالمية في تصميم وإدارة هذا النوع من البرامج. لذا فإن تنظيم حافز ولائحته التنفيذية هما نتاج مجهود مشترك للكثير من الجهات ذات العلاقة. وقد تمت مناقشة كافة تفاصيل البرنامج مع أصحاب المصلحة من خلال المئات من الاجتماعات وعشرات ورش العمل المتخصصة.

ولقد جاء البرنامج ليحوي عددا من العناصر الإنسانية المميزة، منها على سبيل المثال، صرف الإعانة على مبدأ الاستفادة الفردية عوضا عن إعانة الوحدة الأسرية، مما يسمح مثلا للزوج وزوجته بالتقدم والاستفادة من البرنامج. كما حرص البرنامج في لفتة تعد الأولى من نوعها على مستوى البرامج الحكومية على فتح باب التسجيل لأبناء الأم السعودية من زوج أجنبي، كما سمح البرنامج للطلبة المنتسبين ومرافقي المبتعثين والمرضى بالتسجيل في البرنامج.

أما بالنسبة للمستفيدين من الضمان الاجتماعي فإن التنظيم يسمح لهم بالتسجيل، وتصرف لهم الإعانة (بعد مطابقة بياناتهم مع ضوابط البرنامج) مخصوما منها ما يتم تسلمه من الضمان الاجتماعي، لكي لا يزيد دخل المستفيد الشهري عن ألفي ريال، والذي يعد الحد الأعلى للدخل الشهري، أسوة بغيرهم من المستفيدين من البرنامج.

كما أود أن أوضح أن خصم الضمان الاجتماعي من إعانة حافز يقع فقط على المستفيد الرئيسي من الضمان، وليس على من يعول من أفراد عائلته. وعليه فإن أفراد عائلة المستفيد الرئيسي من الضمان الاجتماعي لا يتم تطبيق أي خصم عليهم، وتصرف لهم الإعانة كاملة.

وفيما يتعلق بما أثرتموه بخصوص المزاجية في أعمال الوزارة، فإن توجه وزارة العمل والمؤسسات الشقيقة نحو أتمتة خدماتها يحد من دور المزاجية أو التدخلات البشرية. فاعتماد برنامج حافز على تطبيقات الحكومة الإلكترونية منذ بداياته لا يدع مجالا للتأثير البشري في مدخلاته أو مخرجاته. وعملا بمبدأ الشفافية المعلوماتية فإن كافة اللوائح والتنظيمات الخاصة بالبرنامج منشورة على الموقع الإلكتروني. هذا بالإضافة إلى إجابات للأسئلة الأكثر شيوعا.

وقد وفر البرنامج آلية اعتراض هاتفية من خلال مركز اتصال حافز لكل من يرى غضاضة في أي من قرارات البرنامج. ويعد مركز اتصال حافز، الذي يضم 600 من الكوادر الوطنية من الجنسين، إحدى قصص النجاح في حافز، حيث استقبلت تلك المراكز نحو 7 ملايين مكالمة وسجل خلالها أكثر من 90 ألف اعتراض منذ بدء البرنامج إلى اليوم.

* متى تتوقعون أن ينتهي برنامج حافز ونحتفل بتوظيف آخر سعودي عاطل من الأرقام الموجودة لديكم؟

- إن برنامج «حافز» هو برنامج مستمر ومتطور لا يتوقف بنهاية الاثني عشرة شهرا، إلا بالنسبة للمستفيدين الذين أتموا فترة الاستفادة من البرنامج. ذلك أنه، وكما هو معلوم، أن نحو 250 ألف باحث عن عمل من الجنسين (حسب الإحصاءات الرسمية) يدخلون سوق العمل سنويا. ويتطلب هذا الأمر وجود برنامج كحافز يدعمهم ويطور مهاراتهم ويؤهلهم لشغل فرص وظيفية مناسبة سواء في القطاع الخاص أو العام. وتهدف وزارة العمل من خلال مبادراتها وبرامجها إلى وضع البنية التحتية من إجراءات وتشريعات لخلق بيئة عمل صحية وجاذبة للمواطن. كما تعمل الوزارة ومؤسساتها الشقيقة بالشراكة والحوار مع كافة أصحاب المصلحة على التطوير المستمر لبرامجها لتتواءم مخرجاتها مع متطلبات سوق العمل ومع المعروض من الوظائف.

وأود أن أشير هنا إلى موضوع التكامل بين مبادرات منظومة العمل. ذلك أن لبرنامج «حافز» دورا مكملا ومحفزا في هذا الاتجاه، حيث تشكل قاعدة بيانات الباحثين عن العمل المسجلين في البرنامج مرجعية أساسية لكافة خدمات التوظيف التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية. كما أن للعلاقة التكاملية بين برنامج «نطاقات» وبرنامج «حافز» أكبر الأثر في تحقيق زيادة طردية في معدلات التوطين في القطاع الخاص. ولقد بدأنا بالفعل نشهد زيادات مشجعة في أعداد التوظيف. وتقوم الوزارة دوريا بالإعلان عن إحصاءات سوق العمل عملا بمبدأ الشفافية الذي تنتهجه الوزارة كأسلوب إدارة.

* إلى أي مدى ترون جدية الملتحقين بحافز للعمل والحصول على وظائف؟

- كما سبق وأشرت، فإنه لا يخلو أي مجتمع من فئات ترغب في الحصول على دخل دون عمل، ونحن في الوزارة والمؤسسات الشقيقة نحسن الظن بالجميع وكلنا ثقة في أن أبناءنا وبناتنا من المستفيدين سيكونون على قدر المسؤولية، بحيث يستفيدون من مزايا البرنامج وخدمات التدريب والتوظيف المصاحبة، الأمر الذي سيزيد إن شاء الله من فرص حصولهم على وظائف تضمن لهم سبل العيش الكريم، ويستطيعون من خلالها المساهمة في بناء اقتصاد وطني قوي.

ولقد صممت اللائحة التنفيذية للبرنامج بحيث يتم التأكد من جدية المستفيدين في البحث عن العمل، وذلك من خلال تسجيل «الدخول الأسبوعي»، الذي يظهر مدى تقدم المستفيد في مراحل الحصول على عمل، كما يمكن المستفيد من الاطلاع على الإرشادات والمعلومات الخاصة بخدمات التدريب والتوظيف التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية.

* ألا تخشون أن يصبح «حافز» ضمانا اجتماعيا آخر بدلا من أن يكون مساعدا للبحث عن العمل؟

- تسعى المملكة إلى تطوير وإطلاق منظومة متكاملة من شبكات الأمان الاجتماعي. وتتكون هذه المنظومة عادة من عدد من البرامج التي تستهدف فئات معينة أو فترات معينة أو ظروفا معينة. وفي حين يتسم برنامج الضمان الاجتماعي بالاستمرارية في تقديم مساعدات لشرائح قد تجد صعوبة في العمل، أو هي غير قادرة عليه من الأساس، فإن برنامج «حافز» يهدف إلى توفير الإعانة المؤقتة للشباب الباحث عن العمل بهدف مساعدتهم في الحصول على وظيفة مستدامة، وبحيث يتحول الشاب أو الشابة بعدها إلى قوة عاملة فعالة تساهم في مسيرة التنمية.

لذا فإن المستهدف الرئيسي للبرنامج يبتعد كل البعد عن «التشجيع على الاتكالية» أو «ترسيخ مفهوم الإعانة كبديل عن التوظيف»، خصوصا أن المستفيدين يعلمون أن هذه الإعانة مرتبطة بفترة محددة وبجديتهم في البحث عن عمل. إن الاستثمار في رأس المال البشري الوطني هو الخيار الاستراتيجي لبرنامج «حافز»، وعليه فإن الاستفادة من البرنامج تتعدى قيمة الإعانة الشهرية وتكاليف التدريب وخدمات التوظيف المصاحبة للبرنامج، التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية.

وفي نفس الوقت تعمل الوزارة الآن على تطوير برنامج ثالث في منظومة شبكات الأمان الاجتماعي، وفق الأمر السامي الكريم، وهو برنامج التأمين ضد التعطل المؤقت. ويستهدف هذا البرنامج الشرائح التي كانت على رأس العمل ثم فقدت عملها، إما لأسباب اقتصادية أو أسباب ذاتية مؤقتة. كما تقوم الوزارة، بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى، بدراسة أحدث المستجدات العالمية في مجال شبكات الأمان الاجتماعي للتحقق من توفير البرامج التي تغطي جميع فئات وشرائح المجتمع التي قد تتكون لديها حاجة، مؤقتة أو دائمة، لشكل من أشكال الحماية الاجتماعية.

* كوزير للعمل تطلع على كل شيء يخص العمل في البلاد حاليا ومستقبلا.. إلى أي مدى تعتقد أننا قادرون على الاستغناء عن العمالة الأجنبية، ومدى تحقيق ذلك على أرض الواقع؟

- يستوعب اقتصادنا اليوم أكثر من 8 ملايين عامل وافد في مختلف المستويات، كما يشهد اقتصادنا بحمد الله نموا مستمرا ينتج عنه توليد فرص عمل جديدة باستمرار. وفي ظل هذه النهضة الاقتصادية سوف يستمر احتياجنا لرفد الاقتصاد بالعمالة الوافدة المؤقتة في المستقبل القريب.

لذا فإن السؤال الذي نعمل على الإجابة عليه ليس هو «متى نستغني عن العمالة الوافدة؟»، بل «متى يتم توظيف أبناء وبنات الوطن بشكل كامل؟». وترتبط الإجابة على هذا السؤال بمستوى خطط توظيف المواطنين، وببرامج التدريب المستمر لرفع كفاءة أبنائنا وبناتنا، وبالإحلال الممنهج في الوظائف ذات المحتوى العالي، وخاصة في المهن والوظائف التي من الممكن أن يشغلها أبناء وبنات الوطن.

* سجلتم حضورا فريدا على مواقع التواصل الاجتماعي في بداية تعيينكم، وغبتم لاحقا.. ما مدى الفوائد التي خرجتم بها على هذه الصفحات، ولماذا غادرتم؟

- تمثل مواقع التواصل الاجتماعي زخما شبابيا وقنوات تواصل مهمة، مما يتيح فتح آفاق للنقاش مع المجتمع بشكل عام، وشرائح الشباب بشكل خاص. وإن التفاعل المستمر عبر هذه القنوات هو رافد مهم لتبادل الأفكار وطرح الرؤى المختلفة التي تعضد الروابط مع شرائح المجتمع المختلفة والاطلاع على آمالهم وطموحاتهم، بل وحتى تقييم أعمالنا ومبادراتنا.

ويجدر بالذكر هنا أن مشاركتي في المواقع الاجتماعية ما هي إلا إحدى قنوات التواصل الاجتماعي التي تطورها الوزارة، والتي تهدف إلى مشاركة المواطنين والخبراء في صياغة القوانين والأنظمة، والمشاركة في تطوير الخدمات والتبليغ عن المخالفات، والحصول بشكل مستمر على أفكار ومقترحات بهدف تطوير ورفع فعالية دور الوزارة. لذا فإن التواصل لا يزال موجودا، ولا زلت أتفاعل مع الجميع، محاولا الحفاظ على التوازن المطلوب بين التزامات العمل المختلفة.

* برنامج نطاقات أين وصل؟

- تم تصميم برنامج نطاقات بحيث يكون ديناميكيا، وبما يمكن القائمين عليه من تطويره ليتناغم مع معطيات سوق العمل بالقطاع الخاص. ولقد حقق البرنامج نتائج مبشرة منذ انطلاقه. فقد تم توظيف ما يقارب من 380 ألف مواطن ومواطنة منذ انطلاق البرنامج وخلال فترة 14 شهرا. هذا في حين كان يتطلب توظيف مثل هذا العدد أكثر من 5 أعوام. كما ساهم برنامج نطاقات أيضا في مراجعة تصنيف أنشطة منشآت القطاع الخاص والتي وصل عددها إلى 50 نشاطا مقارنة بـ39 نشاطا قبل العمل بالبرنامج.

وقد أطلقت الوزارة مؤخرا نسخة جديدة من البرنامج تحت مسمى «نطاقات الأجور» في خطوة تهدف إلى تحفيز القطاع الخاص على التوطين النوعي، حيث يقوم البرنامج بحساب نسب التوطين داخل المنشأة على أساس أجر العامل الوطني. كما تضمنت النسخة الجديدة آلية لحساب الدوام الجزئي ومحفزات لتوظيف ذوي الإعاقة القادرين على العمل والطلاب والسجناء المفرج عنهم.

ولقد نال برنامج نطاقات رضا القيادة الحكيمة للبلاد لما حققه من نتائج، حيث توج خادم الحرمين الشريفين هذا النجاح ببرقية ثمن فيها (حفظه الله) جهود وزارة العمل، متمنيا المزيد. وبمشيئة الله هناك المزيد.

* يرى البعض أن برنامج نطاقات يطبق على الشركات والمؤسسات الضعيفة، أما الكبرى فإن الأمر يختلف؟

- يعتمد تصنيف المؤسسات في برنامج «نطاقات» على رقمين أساسيين، هما: عدد السعوديين العاملين فيه، وهذا مثبت لدى التأمينات الاجتماعية، وعدد العمالة الوافدة لديه، وهذا مثبت في سجلات وزارة الداخلية. لذا فإنه لا مجال للتلاعب في أي من هذين الرقمين.

برنامج نطاقات واقعي ومنصف حيث يعتمد في تصنيفاته على مقارنة المؤسسة بالمؤسسات الأخرى التي تقع في نفس نوع النشاط وحجمه. ويشير الواقع إلى أن المؤسسات الكبيرة والعملاقة تتطلب أعدادا أكبر من الموظفين السعوديين لكي تصل إلى النطاق الأخضر. كل ذلك يتم آليا وبطريقة معروفة لكل مؤسسة. من هنا اتسم برنامج نطاقات بالعدالة والشفافية، حيث لا يتم النظر للمنشأة على أساس حجمها أو من يمتلكها، بل ينظر إليها على أنها منشأة وطنية لها نفس الحقوق وعليها نفس المسؤوليات، وتضمن البنية التحتية الإلكترونية للبرنامج نزاهة تطبيقه.

إن ما يؤكد على عدم استثناء المؤسسات الكبرى من شروط برنامج نطاقات، وعلى دعم القيادة الحكيمة لهذا التوجه، هو تقدم إحدى الشركات الكبرى التي تم تطبيق أنظمة نطاقات عليها إلى ولي العهد الأمير نايف (رحمه الله) ثم إلى خادم الحرمين الشريفين، تطلب هذه الشركة فيه استثناءها من برنامج نطاقات لفترة محددة. ولقد تم رفض طلب الشركة في كلتا الحالتين، كما أيدت توجيهات من المقام السامي - حفظه الله - جهود وزارة العمل في هذا الشأن وهو تطبيق النظام على الجميع دون استثناء.

* هل صحيح أن برنامج نطاقات نجح في تصنيف المنشآت وفشل في السعودة؟ بل يقال: إنه دفع بالشركات لاستئجار موظفين لتحقيق النسب المطلوبة؟

- نسعى في وزارة العمل إلى أن نعتمد في تقييم برامجنا ومبادراتنا على الحقائق والأرقام الموثقة. لذا فإننا نتابع أرقام توظيف السعوديين من واقع البيانات المسجلة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

إن احتساب السعوديين في نسب السعودة يتطلب قيام الكيان بمنحهم أجورهم، وتسديد اشتراكات التأمينات الاجتماعية بصفة مستمرة، وبالتأمين على العمالة. وتعتبر مخالفة أنظمة العمل مخالفة نظامية تقع تحت طائلة القانون وتحت طائلة العقوبات التي يفرضها نظام العمل وبرنامج نطاقات، والتي تشمل الحرمان من الخدمات والحوافز التي تقدم للمنشآت الملتزمة بنسب التوطين المطلوبة. وفي حال ثبوت قيام منشأة بالسعودة الوهمية، فإن صاحب العمل يحرم من خدمات الوزارة ومن الاستقدام لمدة خمس سنوات. إلا أن ذلك لم يمنع البعض من محاولات الالتفاف على الأخلاق والتنظيمات، وذلك عبر تسجيل المواطنين في التأمينات الاجتماعية لقاء مبلغ ضئيل من المال.

ونعمل في الوزارة حاليا على سد هذه الثغرات بإطلاق النسخة الثانية من برنامج نطاقات والمسماة «نطاقات الأجور» ومن خلال برنامج حماية الأجور وتعزيز أنظمة التفتيش ضمانا لحقوق أبناء الوطن. لذا فإنني أنصح أصحاب العمل بعدم الاستثمار في أعمال الالتفاف على بيانات التوطين، حيث إنه سيكون استثمارا خاسرا على المستوى القريب والبعيد، واستبدال ذلك بالاستثمار البناء في مستقبل أبنائنا وبناتنا وفي اقتصاد الوطن.

* ألم يكن من الأولى إنشاء لجان عمالية مصغرة في كل شركة ومؤسسة لتسير جنبا إلى جنب في دعم برنامج نطاقات، إضافة إلى حفظ حقوق الموظفين في القطاع الخاص من إجراءات تعسفية؟

- إن نظام قواعد تشكيل لجان العمل الذي صدر من مجلس الوزراء، وصدرت تبعا له لائحته التنفيذية، أعطى الحق لعمال كل منشأة ممن ينطبق عليها النظام في إنشاء لجنة عمالية تقوم برفع توصيات للمنشأة في كل ما فيه مصلحة العمال. كما بادرت الوزارة بإصدار قرار تشكيل لجنة وطنية للجان العمالية.

إن الطريق أمامنا طويل، ونسعى بما نملك إلى إطلاق المزيد من البرامج والمبادرات التي تدعم التوطين وتوليد فرص العمل اللائق. ويوجد حاليا 26 لجنة عمل في منشآت القطاع الخاص تشمل شركات مثل «أرامكو» و«سابك» وبنك ساب وغيرها... وتتابع الوزارة ممثلة في إدارة اللجان العمالية كل ما يتعلق بهذه اللجان.

* بعد شد وجذب طبقتم عمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية في الأسواق. هل لكم أن تطلعونا بشفافية على النتائج الأولية لهذه التجربة حتى الآن سلبا وإيجابا؟

- لا شك في أن قرار دعم فرص عمل المرأة بشكل عام، وفي محلات بيع المستلزمات النسائية بشكل خاص، له انعكاسات إيجابية، اقتصادية واجتماعية. وكما هو الحال عند البدء في تطبيق أي برنامج على المستوى الوطني، يتطلب الأمر بعض الوقت للوصول إلى الوضع الأمثل، الذي هو بالنسبة لنا التطبيق الكامل للأوامر الملكية، والتي تتماشى مع طبيعة مجتمعنا وقيمه الإسلامية. وتم بحمد الله خلال عشرة أشهر توظيف نساء بمعدل زاد عن تسعة عشر ضعفا عما كان عليه الوضع قبل إطلاق برامج توظيف النساء، وذلك من خلال توظيف أكثر من خمسين ألف سيدة خلال هذه الفترة. ونعمل على زيادة هذا المعدل نظرا لأهمية توفير فرص عمل شريفة للمرأة، والتي تحقق الكثير من الفوائد لها وللمجتمع، إذ يساعد تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية على التوطين ويحرك عجلة الاقتصاد، إذ إنه يوفر الكثير من الوظائف لنساء الوطن عوضا عن شغلها بالعمالة الوافدة المؤقتة، ويحد من ذهاب الأموال الاستثمارية للخارج، إذ أن الموظف في هذه الحالة سعودي، والشركة سعودية، وشركات التوظيف والتدريب في هذا المجال سعودية. كما أن تأنيث المحلات فيه حفاظ على خصوصية المرأة، مما سيدعم سوق المحلات النسائية، حيث كانت عملية الشراء تتم على استحياء، لصعوبة التعامل مع الرجل في مثل هذه المحلات. وهناك أيضا أمور على المستوى الاجتماعي منها احترام طبيعة المرأة وخصوصيتها، ومنع البائعين من الرجال من التدخل في شؤونها الخاصة. وتيسير عملية البيع والشراء للمرأة، لأن المرأة تعرف ماذا تريد وما تحتاجه امرأة أخرى، وبالتالي سيكون من السهل والأفضل أن تتعامل المرأة مع مثيلتها.

* ما هو البرنامج الذي تتحدثون عنه للتوسع في تشغيل النساء في الأسواق وما هي ملامحه؟

- تؤكد التوجيهات السامية على تقصي مجالات العمل المناسب للمرأة وتوسيع فرص العمل فيها. لذا أطلقت وزارة العمل عددا من القرارات المتعلقة بتنظيم عمل المرأة، التي شملت تنظيم عمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية، واشتراطات توظيف المرأة في المصانع، وآلية احتساب عمل المرأة عن بعد في نسب توطين الوظائف. وتعمل الوزارة على تطوير وتنفيذ الكثير من البرامج والمشروعات التي تهدف إلى زيادة فرص عمل المرأة ومنها العمل الجزئي والعمل من المنزل وغيرهما من البرامج والمشروعات التي تعظم الفائدة للمرأة السعودية وتدعم دورها في المساهمة بشكل فاعل في التنمية الوطنية.

* تختلف ثقافة المناطق السعودية من مكان لآخر، أنتم في وزارة العمل هل تراعون ذلك في توزيع أنظمتكم أو تطبيقها، أم أن القرار هو القرار في أي مكان؟

- لا يمكن لسياسة عامة أن تنجح دون أن تتسم بقسط وافر من الحساسية والاحترام لثقافة مجتمعاتها. وبطبيعة الحال فإن هناك سمات مميزة لكل منطقة من مناطق مملكتنا الحبيبة، ويحظى كل منها بما يستحقه من احترام وتقدير. ولذلك نسعى دائما إلى أن تكون قراراتنا ديناميكية وليست جامدة، وبحيث تستجيب وتتفاعل مع متغيرات السوق في كل منطقة، وبحيث تحدد اتجاهاتها المستقبلية وفق ما يتحقق من نتائج فعلية تعكس احتياجات كل منطقة.

* رغم صدور القرارات المنظمة لعمل المرأة في القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل المصانع ومحلات بيع المستلزمات النسائية فإن هناك شريحة تفضل «العمل من المنزل» و«العمل عن بعد» بسبب الالتزامات الأسرية والاجتماعية، أو بسبب طبيعة العمل التي قد لا تتطلب الحضور الشخصي لمقر العمل. إلى أين وصلت فكرة «العمل من المنزل»؟ وهل يتم احتساب «العمل من المنزل» ضمن نسب توطين برنامج نطاقات؟ وهل اتخذت الوزارة الخطوات اللازمة لعدم إساءة استخدام النظام أو التحايل عليه؟

- تبحث وزارة العمل في مختلف السبل التي تتيح للمرأة السعودية فرص العمل وفق تطلعاتها. ويمثل العمل من المنزل أحد الروافد لمثل هذه الفرص الجديدة ويضيف مرونة أكثر لعمل المرأة السعودية. ولقد تم تنظيم هذا الرافد لكي لا يساء استخدامه في التوظيف الوهمي، ولكي نعزز من فرص نجاحه، ويدعم تطور وسائل الاتصال الحديثة وانتشار استخدام الإنترنت هذا الرافد بشكل كبير.

ودعما لفرص عمل المرأة، بما في ذلك العمل من المنزل، أطلقت وزارة العمل عددا من القرارات المتعلقة بتنظيم عمل المرأة، التي شملت تنظيم عمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية، واشتراطات توظيف المرأة في المصانع، وآلية احتساب عمل المرأة عن بعد في نسب توطين الوظائف.

وبمناسبة الحديث عن احتساب عمل المرأة عن بعد في نسب توطين الوظائف، أشير إلى أنه في حين لا يوجد ما يحد من عدد النساء اللاتي يمكن لمنشأة ما توظيفهن عن بعد، فإن احتسابهن في برنامج نطاقات يخضع لبعض الاشتراطات، وفق الجدول التالي:

نوع النطاق نسبة النساء العاملات عن بعد والتي يتم احتسابها في نطاقات النطاق الممتاز أن لا تزيد عن 5% من إجمالي الموظفين النطاق الأخضر أن لا تزيد عن 3% من إجمالي الموظفين النطاق الأصفر أن لا تزيد عن 1% من إجمالي الموظفين النطاق الأحمر لا تحسب له نسبة سعودة كما ينبغي توفر عدد من الشروط الأخرى في عقد العمل لكي يتم احتساب العاملة عن بعد ضمن نسبة السعودة في برنامج نطاقات، وهي أن لا يقل عمر المرأة العاملة عن بعد عن 20 سنة ولا يزيد عن 35 سنة، وأن تكون المرأة العاملة عن بعد مسجلة في التأمينات الاجتماعية للمنشأة، وإعطاء المرأة العاملة عن بعد من منزلها كافة الحقوق والبدلات المنصوص عليها في نظام العمل واللوائح والأنظمة المتبعة في المنشأة، بما في ذلك التأمين الطبي لها ولمن تعول شرعا، وأن تكون المرأة العاملة عن بعد حاصلة على الشهادة الجامعية، وأن تكون مسجلة وفق الدوام الكامل.

وفي حال قيام منشأة ما باستغلال نظام العمل عن بعد من خلال تسجيل عمل وهمي، يتم تطبيق العقوبات التالية كحد أدنى: حرمان المنشأة من إصدار تأشيرات عمل جديدة أو نقل خدمات عمال لها أو تغيير مهن عمال لديها لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى، ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية. وحرمان المنشأة من الدعم الذي يوفره صندوق تنمية الموارد البشرية لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى، ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية. ويتم تخفيض المنشأة من نطاقها الذي ضبطت فيه إلى النطاق الأقل بدرجة، وذلك لمدة عامين (أي أن على المنشأة أن تحقق الحد الأدنى المطلوب لدخول النطاق الممتاز لكي تتمتع بمزايا النطاق الأخضر خلال هذين العامين). ودفع غرامة مادية تبلغ 5000 ريال عن كل موظفة وهمية مسجلة لديها.

وفي حال قيام امرأة ما بالتعاون مع المنشأة لاستغلال نظام العمل عن بعد، من خلال تسجيل عمل وهمي، يتم التعامل معها وفق التالي كحد أدنى، وحرمان المرأة من الاستفادة من برنامج حافز، وحرمان المرأة من الدعم الذي يوفره صندوق تنمية الموارد البشرية لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى، ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية، كما تقوم وزارة العمل بمراجعة دورية لفعالية تنفيذ هذا القرار، ويتم تحديثه كلما اقتضت الحاجة لذلك وفق مستجدات سوق العمل ووفق ما يردها من اقتراحات تطويرية، ليواكب احتياجات المجتمع وليحقق الأوامر الملكية السامية في هذا الصدد.

* تتجه أصابع الاتهام بين الفينة والأخرى إلى رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهم يتسببون بتدخلاتهم غير المبررة أحيانا في تعطيل مسيرة عمل المرأة.. بعيدا عن الدبلوماسية في الإجابة، ماذا تقول؟

- إن نجاح جهود الوزارة في دفع مسيرة عمل المرأة ما كان ليصل إلى مستوياته الحالية لولا مساعدة جميع الجهات ذات العلاقة. وجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أحد أجهزة الدولة، ونحن في وزارة العمل نسعى لرفع مستويات التكامل والتنسيق مع جميع أجهزة الدولة. ولقد لقينا من رئيس الهيئة وقياداتها كل تعاون ودعم لاستراتيجية الوزارة في مجابهة البطالة وتوفير فرص العمل الكريم لأبناء وبنات الوطن وتفهما لكون عمل المرأة قد أوكلت مهمته إلى الوزارة.

* في الوقت الذي تتحرك فيه الوزارة للتوسع في سعودة الوظائف تتزايد يوما بعد يوم قضايا الفصل بأنواعه في ظل ضعف واضح للهيئة العمالية في الوزارة وبذلك يكون جهد التوظيف والسعودة نوعا من الهدر.. ما تعليقكم؟

- تهتم وزارة العمل كثيرا بالقضايا العمالية بشكل عام وتتخذ بخصوصها إجراءات حازمة. وهناك اهتمام خاص بقضايا الفصل، وخاصة قضايا الفصل التعسفي، حيث يتم العمل على حلها في أسرع وقت ممكن. وتسعى الجهات المنوط بها النظر في هذه القضايا للقيام بعملها على أكمل وجه. ورغم الجهد المبذول، قد يحدث تأخير في التعامل مع تلك القضايا المنظورة أمام الهيئات العمالية. وتوجد ضمن مبادرات التطوير في وزارة العمل مبادرة تهدف إلى دعم آليات التعامل مع القضايا العمالية بهدف تسريعها ورفع كفاءتها. ونأمل أن نشهد تحسنا ملحوظا في هذا الاتجاه قريبا بإذن الله.

* تشترط الوزارة على الموظف الذي يقاضي شركته بسبب فصل تعسفي عدم العمل في جهة أخرى حتى انتهاء القضية، ألا ترى أن هذا الأمر يسبب أعباء إضافية على هذا المتظلم حتى انتهاء القضية، كيف سيعيش وأسرته خلال هذه الفترة؟

- ليس هناك نظام يمنع العامل السعودي من العمل في أي موقع آخر خلال متابعة قضيته لدى جهات الاختصاص. وعادة ما يكون عدم عمل العامل في موقع آخر من اختياره، وذلك عند مطالبته بالعودة إلى وظيفته والحصول على تعويض عن فترة الانقطاع واحتسابها ضمن خدماته. وتعمل الوزارة على الاستجابة لهذه الحالة أيضا، حيث تقوم حاليا بالتعاون مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على إقرار نظام التأمين التعاوني ضد التعطل عن العمل. هذا النظام الذي سيتيح للعامل السعودي أن يتقاضى مبلغا ماليا خلال فترة انقطاعه عن العمل، سواء كان ذلك لسبب مثل التقاضي أو لأسباب أخرى مرتبطة بانتقاله من عمل إلى آخر يكون بينها فترة زمنية يحتاج فيها العامل إلى دخل.

أما فيما يتعلق بالعامل الوافد فإن الوزارة تمنح (وفقا للحالة) تراخيص عمل مؤقتة للعامل، يستطيع من خلالها العمل وتأمين دخل له ولعائلته إذا اقتضت فترة التقاضي بقاءه لفترة طويلة لحين الانتهاء منها. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أنه بإمكان العامل (نظاما) توكيل طرف ثالث لمتابعة قضيته والسفر إلى بلاده. وفي هذه الحالة أيضا، تعمل الوزارة على تطوير آليات وتشريعات جديدة تسهل عمليات التوكيل وتقننها بطريقة أكثر انضباطية وسهولة للعامل، وذلك ضمن مشروعها لتطوير الهيئات العمالية.

* بلغة الأرقام ما هو حجم إجراءات التوظيف في القطاع الخاص وكم حجم إجراءات الفصل السنوية التي ترصدونها؟

- بالنسبة للتوظيف وما تم من خلال برنامج نطاقات، تم توظيف ما يزيد عن 380 ألف مواطن منذ انطلاق البرنامج، بينما بلغ عدد قضايا الفصل لعام 1432هـ (369 حالة فصل).

* يعاني العاملون بشركات الحراسات الأمنية بشكل كبير من تدني أجورهم إضافة إلى اتخاذ الشركات الأمنية إجراءات قاسية ضدهم في الدوام والعمل من دون وجه حق.. ما تعليقكم؟

- فيما يتعلق بالأجور، فإن وزارة العمل - بشكل عام - لا تتدخل في تحديد أجر معين لوظيفة معينة. ولكن تسعى إلى تحسين مستويات الأجور من خلال العمل على تنظيم آليات سوق العمل. وفي هذا السياق، أصدرت الوزارة قرارا يتضمن تطويرا لبرنامج نطاقات بغرض معالجة بعض القضايا ومنها مشكلة تدني الأجور في القطاع الخاص. وطبقا لهذا القرار، الذي سيبدأ العمل به بعد خمسة أشهر، يشترط لاحتساب العامل السعودي في نسبة التوطين المحتسبة في برنامج نطاقات بواقع عامل واحد ألا يقل أجره الشهري عن (3000) ريال بينما يتم احتساب العامل السعودي الذي يساوي أجره الشهري 1500 ريال (وأقل من 3000 ريال) بواقع (نصف عامل) فقط في نسبة التوطين المحتسبة في البرنامج. أما العامل السعودي الذي يقل أجره الشهري عن (1500) ريال فلن يتم احتسابه على الإطلاق في نسبة توطين المنشأة المحتسبة في البرنامج. كما تضمن القرار أيضا كيفية احتساب العاملين السعوديين بدوام جزئي وشريحة الطلاب وذوي الإعاقة القادرين على العمل والمفرج عنهم من السجناء. وتأمل الوزارة أن يؤدي تطبيق هذا القرار إلى تحسين مستويات أجور المواطنين السعوديين العاملين في القطاع الخاص والقضاء على بعض الظواهر السلبية داخل سوق العمل مثل السعودة الوهمية.

أما بالنسبة لساعات العمل، فقد حدد نظام العمل ساعات العمل بثمان ساعات يوميا (48 ساعة في الأسبوع)، وليس هناك مجال لاجتهاد صاحب العمل في هذا الأمر، بل من الواجب التقيد بما ورد في نظام العمل. كما نص النظام على عدد من العقوبات المترتبة على مخالفة ذلك. وعموما فإن موضوع ساعات العمل قد تمت مناقشته مؤخرا في منتدى الحوار الاجتماعي لأطراف الإنتاج الثلاثة بسوق العمل والذي نظمته وزارة العمل بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بمشاركة ممثلين عن أصحاب العمل والعمال والوزارة. وتأمل الوزارة أن يكون في نتائج هذا المنتدى ما يعالج بعض القضايا المتصلة بساعات العمل في القطاع الخاص.

* تسجل كثير من الشركات سعوديين على أنهم يعملون لديها كغطاء لغياب السعودة، ما هي مرئياتكم حول هذه المشكلة؟

- نحن نثق في أن الغالبية من أبنائنا وبناتنا هم على مستوى المسؤولية المنوطة بهم للنهوض بهذا الوطن، ونهيب بهم في نفس الوقت بعدم قبول هذا التحايل الذي يحرمهم من الفرص الوظيفية الحقيقية، ومن إعانة برنامج حافز. كما أننا نؤمن بأن غالبية أصحاب الأعمال يقدرون أهمية الاستثمار بعيد المدى في رأس المال البشري الوطني. وفي الوقت ذاته، تتخذ الوزارة إجراءات حازمة تجاه التجاوزات في هذا الصدد. وهناك إجراءات تتم على أرض الواقع في هذا الشأن، وغيرها قيد الإعداد. ومن يثبت قيامه بالسعودة الوهمية سيتم حرمانه من الاستقدام لخمس سنوات، وكذلك الحرمان من خدمات الوزارة. لذا.. فإن الوزارة تنصح أصحاب العمل بعدم الاستثمار في أعمال الالتفاف على بيانات التوطين، حيث إنه سيخسرون على المستوى القريب والبعيد، واستبدال ذلك بالاستثمار البناء في مستقبل أبنائنا وبناتنا وفي اقتصاد الوطن.

* المرأة ما زالت تواجه مشاكل في التعامل المباشر مع وزارة العمل سواء بالاستقدام أو خلافه لذلك تجبر على وجود وكيل من الرجال؟

- لقد استحدثت وزارة العمل أقساما نسائية في عدد من مكاتب العمل لخدمة صاحبات العمل والعاملات. كما أن الوزارة مستمرة في افتتاح المزيد من هذه الأقسام في مكاتب العمل التي لا توجد فيها أقسام نسائية. وتجدر الإشارة إلى أن التعليمات الصادرة تنص على جواز قيام المرأة بمراجعة مكاتب العمل بشخصها والتقدم بأي طلبات لخدمات تحتاجها، دون الحاجة لوجود وكيل عنها، إلا أن رغبت هي في ذلك.

* نظام الكفالة هل لديكم نية أو هناك دراسة لإلغائه أو إجراء تعديل عليه، وما هو الشكل المتوقع مستقبلا له؟

- إن نظام العمل الذي صدر عام 1426هـ بمرسوم ملكي، لا يحتوي في مكوناته على مصطلح الكفيل، كما أن التعريفات المستخدمة حاليا هي «صاحب العمل» و«العامل». ويقنن نظام العمل العلاقة التعاقدية بين الطرفين بكل مكوناتها، والتي تشمل وضع العامل خلال بقائه في المملكة، بما في ذلك الانتقال داخل سوق العمل وفق الضوابط التي ينص عليها النظام واللوائح التنفيذية والقرارات الوزارية المكملة له.

* إشكالية هروب العمالة من كفلائهم ألا ترون أنها تفاقمت في ظل غياب واضح للحلول العملية التي تغلق ملف هذه القضية.. ما تعليقكم؟

- يمثل «تغيب» العمالة ظاهرة مقلقة لنا من حيث تأثيراته السلبية على سوق العمل من ناحية، ومن حيث تداعياته الأمنية والاجتماعية والاقتصادية من ناحية ثانية. لذا فإن هناك اهتماما كبيرا بهذه الظاهرة على كافة المستويات. وتتضافر جهود وزارة العمل مع جهود الجهات الأمنية في هذا الإطار. ولقد أجريت بحوث لفهم الظاهرة ومسبباتها بشكل أكثر عمقا للإجابة على أسئلة هامة، مثل: ما الذي يجعل العامل يتغيب؟ وهل لصاحب العمل دور في ذلك؟ ولماذا يلجأ صاحب عمل آخر إلى إيواء وتشغيل هذا العامل؟ وذلك لحل المشكلة من جذورها.

* بينما تتحرك جهات أجنبية مثل إندونيسيا لحفظ حقوق عامليها في السعودية لم نر طوال الوقت الماضي أي تحرك لوزارة العمل يوازي هذا الموقف الإندونيسي بما يضمن حقوق صاحب العمل السعودي سواء من العمالة الأجنبية أو التي تجلبهم إلى البلاد! - تسعى وزارة العمل إلى تنظيم العلاقة التعاقدية في سوق العمل بما يحفظ حقوق جميع الأطراف. وعندما يتم فرض شروط مجحفة تضر بمصالح المواطن السعودي، أو تمس أمن المجتمع، يكون رد الفعل المتوقع من جانبنا هو وقف الاستقدام من تلك البلدان. وفي نفس الوقت تعمل الوزارة على فتح المزيد من الأسواق والقنوات الجديدة لاستقدام العمالة المنزلية بهدف تعزيز آليات السوق وتوفير البدائل للاقتصاد أو للأفراد.

ولا تقف الوزارة عند هذا الحد، فوفقا لموافقة مجلس الوزراء الموقر على تفويض وزير العمل أو من ينيبه بتوقيع اتفاقيات ثنائية إطارية مع الدول المرسلة للعمالة المنزلية، بدأت الوزارة بالتباحث مع الجانبين الإندونيسي والفلبيني بغرض الاتفاق على إزالة معوقات التعاون في هذا المجال. وفي هذا الخصوص قدمت وزارة العمل عبر وزارة الخارجية السعودية دعوة لوزيري العمل الفلبيني والإندونيسي لزيارة المملكة للتباحث وتوقيع اتفاقية إطارية ثنائية مع كل من وزارتي العمل في البلدين.