خبير اجتماعي ينتقد شرط «موافقة ولي الأمر» لتوظيف المرأة

باعتباره يندرج تحت «الثقافة الذكورية» المخالفة لنظام العمل

يرى البعض أن عمل المرأة خصوصية لا يحق لأحد اقتحامها («الشرق الأوسط»)
TT

انتقد خبير اجتماعي اشتراط الجهات الحكومية والخاصة لموافقة ولي الأمر في توظيف المرأة، معتبرا أن المسؤول عنها سواء كان زوجها أو شقيقها أو والدها هو ولي ملزم بحماية حقوقها وليس امتلاكها والسيطرة عليها والتحكم فيها، خاصة أن موافقة ولي الأمر غير منصوص عليها سواء في نظام العمل لدى القطاع الخاص أو نظام الخدمة المدنية المعتمد لموظفي الدولة.

واعتبر الدكتور خالد باحاذق الاستشاري الاجتماعي والنفسي، أن ذلك الاشتراط يندرج ضمن ما وصفه بـ«الثقافة الذكورية» المتعلقة بالتقاليد والتي ليس لها علاقة بالدين، لافتا إلى أن حياة الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة هي ملك له وليست للآخرين.

وقال باحاذق في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك الكثير من النساء فقدن عملهن سواء في البنوك أو حتى الجامعات على خلفية سحب ملفاتهن الوظيفية من قبل أزواجهن نتيجة حدوث خلافات عائلية، وهو ما يدفع ببعض الرجال إلى التوجه لعمل زوجته والمطالبة بذلك من منطلق رفضه لعملها».

وشدد الاستشاري الاجتماعي والنفسي على «ضرورة معالجة أخطاء المرأة من خلال ملامسة القلب وليس العقل، وذلك بهدف منحها فرصة الاستمتاع بإصلاح ذلك الخطأ عوضا عن التذمر من الوقوع فيه، ولا سيما أنها خلقت كي تكون مكرّمة بأمر من الله عز وجل».

في حين وصف أحمد الألمعي المحامي والمستشار القانوني شرط موافقة ولي الأمر على عمل المرأة بـ«الشرعي» والتي يؤخذ فيها رأي شرعي، غير أنه لا يعتبر نظاما في العمل، مشيرا إلى أن ذلك الشرط له أساس شرعي من وجهة نظر البعض ممن تختلف حساباتهم عن حسابات المرأة نفسها.

وقال الألمعي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» «ليس من حق ولي الأمر استخدام عمل المرأة كبطاقة ضغط عليها في حال وقوع أي خلافات عائلية بينهما، خصوصا أنه من الناحية القانونية يندرج ضمن من يستخدم الأداة في غير محلها».

ولفت أحمد الألمعي إلى أنه من الناحية القانونية يتم رفض طلب ولي الأمر بإيقاف المرأة عن العمل خاصة إذا ما كانت جهة العمل قد حصلت على خطاب موافقة منه ضمن أوراق المتقدمة إلى الوظيفة منذ البداية، مفيدا بأنه «من غير الممكن إعانة المنشأة لولي الأمر على الإضرار بالمرأة لمجرد وقوع خلاف بينهما».

تقريب الزوج من مجال عمل زوجته بات محل جدل في المجتمع، وذلك بعد أن بدأت المرأة في تقلّد مناصب مختلفة ليخلق ذلك نوعا من المساواة بين الجنسين في حياتهم المهنية، فبعد أن كان الرجل بمفرده يتمتع بخصوصية يرفض تماما إطلاع زوجته عليها، أصبحت هناك أمور صنّفها البعض بأنها خاصة بالمرأة فقط والمتعلقة بأسرار عملها.

وبالعودة إلى الدكتور باحاذق، فقد صنّف عمل المرأة من ضمن خصوصياتها التي لا يسمح لأي شخص بالاطلاع على تفاصيلها، وقال «إن محاولة اقتحام تلك الخصوصية سواء من الرجل أو المرأة يؤدي إلى حدوث قلق وتوتر بين الزوجين، حيث ينبغي أن يكون الاحترام أساس الحياة بينهما».

وهنا، ترى السيدة سحر علي التي تعمل بمسمى مديرة مختبر في أحد المستشفيات، أن إقحام زوجها في بيئة عملها تترتب عليه جملة من السلبيات، والمتضمنة أن ذلك يؤدي إلى فقد متعة الزوج في الاستماع لما يحدث معها خلال يومها العملي، إلى جانب أنها تعتبر عملها «عالما خاصا» لا يحق له اقتحامه.

وتقول سحر في اتصال لـ«الشرق الأوسط» «في المقابل، أنا لا أخفي عن زوجي أحداث عملي اليومية والتي يتابعها من خلالي، غير أنه لا يحبذ الدخول أكثر في بيئتي الوظيفية كونه يعتبر ذلك إنقاصا لي إذا ما تم تفسيره بأنه عدم ثقة منه أو محاولة للظهور أمام الآخرين على أكتافي».

وذكرت أنها ليست بحاجة إلى تقريب زوجها من بيئة عملها في أي حال من الأحوال، خصوصا أنها حينما قبلت بتوقيع العقد الوظيفي كانت تعي تماما قدرتها على تدبير أمور حياتها العملية دون الحاجة إلى أحد، مضيفة «عندما أحتاج لمساعدة في عملي فإنني ألجأ إلى رئيسي».

واستطردت سحر علي في القول «ينبغي أن تعترف الزوجة دائما بجميل زوجها، إلى جانب ربط نجاحها المهني بوجوده في حياته ودعمه المستمر لها وافتخاره فيها، هذا من شأنه أن يقلل من حدوث أي إشكاليات متعلقة بطبيعة عملها»، مؤكدة أن نجاح المرأة في حياتها المهنية مرتبط بفصل الجوانب الشخصية عن العمل.

وفي المقابل، يؤكد أبو راكان المتزوج بإحدى منسوبات القطاع الخاص، على أن إشراك المرأة لزوجها في عملها لا بد أن يكون وفق حدود معينة لا تتعدى استشارته والاستفادة من آرائه، معتبرا أن للزوجة حق قبول أو رفض إقحام الزوج في حياتها المهنية.

وقال أبو راكان لـ«الشرق الأوسط» «ليس من حق الزوج أن يطلب ذلك من زوجته في ظل وجود الثقة بينهما، إلى جانب معرفته بطبيعة عملها التي وافق عليها قبل الارتباط بها»، موضحا أنه يعرف مدى التداخل بين زوجته وزملائها في العمل وطبيعة تعاملها معهم.

وأفاد بأن زيارة الأزواج لزوجاتهم في مقر عملهن يكون مقبولا في حال موافقتهن ورغبتهن لذلك، وهو ما يساعد في زيادة تشجيعهن واستمرارهن في وظائفهن وتحقيق النجاح، إلا أنه يكون مرفوضا إذا ما كان من باب التجسس، مبيّنا أنه يفضّل الابتعاد عن بيئة عمل زوجته تفاديا للمشكلات التي قد تنتج نتيجة غيرته المفرطة عليها.