مطالبات بضم تكاليف علاج البهاق ضمن برامج التأمين الطبي للسعوديين

المملكة رائدة عالميا في زراعة الخلايا الصباغية

TT

طالب مختصون في الأمراض الجلدية، بتغطية تكاليف علاج البهاق ضمن التأمين الطبي للسعوديين، لتكلفة علاجه العالية ومدة التعافي الطويلة نسبيا مقارنة بالأمراض الأخرى، الأمر الذي يوقع مقدمي الخدمة الطبية بين مطرقة جودة الخدمات الطبية التي يتوقعها المرضى، وسندان التكاليف المرتفعة للحفاظ على هذه الخدمة.

وأوضح الدكتور أحمد العيسى، استشاري الأمراض الجلدية، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «شركات التأمين الطبي لا تغطي تكاليف علاج مرض البهاق، اعتقادا منها أنه مرض تجميلي، رغم أن البهاق أحيانا أشد من أمراض القلب التي قد يتعافى المصاب بها بعد أشهر ويعود لحياته الطبيعية، بعكس البهاق الذي يشكل معاناة كبيرة يمتد تأثيرها على المحيط الاجتماعي للمريض».

وفي دراسة علمية متخصصة تناولت نوعية وطبيعة المرض ومدى تأثيره على حياة الإنسان، أكدت الدراسة أن مريض البهاق نوعية حياته أسوأ من حياة مريض جلطة القلب، لأن مريض القلب يتعافى خلال أشهر، لكن مريض البهاق أحيانا يعيش حياة صعبة قد تفقده وظيفته ودراسته وقد تتأثر العائلة بالكامل.

ويقول الدكتور أحمد العيسى: «البهاق عبارة عن بقع بيضاء تظهر في بشرة الجلد، فيصبح صاحب لونين، ويصعب عليه مواجهة المجتمع، فيتخذ البعض طريق الانعزال الاجتماعي، على الرغم من أنه مرض غير معد ولا يعتبر حاجزا للارتباط وتكوين أسرة». ويضيف: «البهاق من الأمراض التي لا علاقة لها بالنفسية، وإنما هو فقدان في الصبغة، وسببه أن الخلايا المناعية الليمفاوية الجلدية تؤثر على الخلايا الصباغية، فهو مرض مناعي لا علاقة له بالغذاء أو نقص فيتامين معين، ومن المؤكد أنه غير معد ولا وراثي».

وذكر الدكتور العيسى أن السعودية حققت قفزة نوعية في عملية زراعة الخلايا الصباغية، فالمركز الوطني للبهاق أصبح الأول عالميا في ذلك، لتبنيه الأبحاث الخاصة بالبهاق علاوة على البحوث المحكمة، بعد زيارات أجراها الفريق الطبي في المركز الوطني لتدريب الفريق الطبي لجامعة «هنري فورد» في أميركا، والآن هناك فريق طبي في طريقه للذهاب لجامعة «بريتش كولومبيا» في فانكوفر بكندا. وقال: «هدفنا الآن توطين عملية زراعة الخلايا التي أجريت لأربعة آلاف مرة، وتجاوزت نسبة نجاحها 85% لنحو ألفي مريض، إضافة لعلاجات أخرى تعتمد على نسبة انتشاره، كالتبييض باستخدام كريم (البنكوين)، و(الإكزايمر ليزر) والعلاج الضوئي بـ(النارو باند)، وهذه التقنيات تعد أملا كبيرا لمرضى البهاق».

وبحسب الإحصاءات العالمية، فالبهاق يشكل 1 - 2% من كل مجتمع، فالمتوقع وجود ما يقارب 200 ألف سعودي يعاني البهاق في أجزاء من جسده. وأبان الدكتور أنس الخيمي، المدير العام لعيادات المركز الوطني لعلاج البهاق والصدفية، أن المركز الوطني للبهاق الذي أسس منذ عشر سنوات، أصبح المرجع الأول بالعالم، لعلاجه ما يقارب 25 ألف مريض، ويعد هذا رقما قياسيا عالميا لتجمع مرضى البهاق. وأشار الدكتور الخيمي إلى أن «المركز يعاني وجود طلب كبير من خارج المملكة، سواء لمرضى يرغبون في العلاج أو أطباء يرغبون في القدوم لتطوير خبراتهم حول المرض، ولكن صعوبة الحصول على التأشيرة الطبية يعيق قدومهم للمملكة، رغم أن استقطابهم يعد واجهة حضارية للسعودية، للاستفادة من خبرة المركز بفائدة علمية حقيقية، كون السعودية مؤهلة لاستقبالهم ببرامجها العلمية ومستشفياتها وأطبائها».

وبحسب الدكتور أحمد العيسى، فمن المؤكد وجود جهل كبير من المجتمع السعودي حول هذا المرض ومسبباته، وباعتقاده أنه لا يوجد مرض كالبهاق قد يدمر أسر بأكملها بسبب الجهل، الأمر الذي قد يدخل المريض في حالة الاكتئاب. ومن منظور الدكتور، فإن غرس حب التميز في قلب المريض، وإحياء الجمال بداخل النفس، يعزز الجانب القيادي لدى المصاب بالبهاق في المجتمع، بل يجعله سببا رئيسا لتميزه عن غيره، باستمتاعه بتحويل نقاط ضعفه وجعلها نقاط قوة.

وبادرت هيفاء السهلي مع زملاء لها بإنشاء المجموعة السعودية لمرضى البهاق، التي تساعد المرضى على التواصل بعضهم مع بعض ومشاركة تجاربهم وخبراتهم في العلاج في محاضرات وندوات، مع وجود أطباء الجلدية للإجابة عن استفساراتهم وأسئلتهم المتعلقة بالمرض وأنواع العلاج، وتثقيف المريض أكثر عن البهاق، وتثقيف المجتمع بمنشورات خاصة عن المرض ومسبباته وعلاجه.

تقول هيفاء: «بحكم أني مريضة سابقا بالبهاق واختصاصية نفسية أيضا، تعاملي مع المريض يختلف كوني أدرك ما يمر به وأستطيع تفهم مخاوفه وأساعده على التخلص منها كي يصل إلى الشفاء، لأن أغلب المرضى يعتقدون أن البهاق مرض مستعص لا علاج له، وهذا ما يجعل المريض يعيش حالة نفسية صعبة ويبدأ بالانعزال عن المجتمع، ويعزف عن الزواج بسبب الخوف من انتقال المرض لأطفاله بالوراثة».

وبالعودة للدكتور أحمد العيسى، فقد ذكر أن المريض إذا دخل مرحلة العزلة الاجتماعية، والاكتئاب، يجد تحفظات خاصة بمراجعة الاختصاصي النفسي، بأفكار تقليدية ما زالت متجذرة إلى يومنا الحاضر، ويقول: «أعتقد أن لدينا فشلا من هذه الناحية ونحاول تحسينه بالدعم، وجزء منه عدم تعاون أسرة المريض في مراحل ما قبل الاكتئاب، وهيفاء السهلي شجعتني شخصيا للتفاعل مع المجتمع أكثر، ونتوقع من مجموعتها دعم المريض اجتماعيا ونفسيا بالدرجة الأولى قبل الحديث عن الدعم الطبي والمادي، فمريض البهاق استثمار اجتماعي وديني بالدرجة الأولى».