10 أيام تفصل بين جدة وتسجيل «مردم نفايات» في الأمم المتحدة كأول متنزه بيئي عالمي

أمين جدة لـ «الشرق الأوسط»: توقيع 9 عقود جديدة لشركات نظافة تبدأ عملها يناير المقبل

مدينة جدة ستدخل مرحلة جديدة بعد أن تعلن الأمم المتحدة تسجيلها وتسليم مسؤوليها خطابا من قبل اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة (CDM) («الشرق الأوسط»)
TT

كشف الدكتور هاني أبو رأس أمين محافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» عن توقيع الأمانة خمسة عقود مع شركات نظافة جديدة، ستبدأ أعملها في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل؛ حيث تم إبرام 9 عقود لخمس شركات للنظافة بقيمة 1.8 مليار ريال، موزعة على خمس سنوات، ملمحا إلى تطبيق مشروع فرز النفايات من المصدر في جميع أحياء جدة الجنوبية والشمالية دون استثناء.

وقال أبو رأس في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول موضوع المردم القديم شرق جدة: «ستشهد مدينة جدة في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، إنجازا جديدا؛ حيث سيتم تسجيل مردم جدة القديم في الأمم المتحدة، لتكون جدة أول مدينة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط تتبع آليات التنمية النظيفة، والتخلص من غاز الميثان وتقليل أثره البيئي».

وأضاف الأمين أن مدينة جدة ستدخل مرحلة جديدة بعد أن تعلن الأمم المتحدة تسجيلها وتسليم مسؤوليها خطابا من قبل اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة (CDM) بصفتها السلطة المعنية في المملكة بتنفيذ اتفاقية «كيوتو» الدولية للتغير المناخي، وهو خطاب التنمية النظيفة لمشروع مردم النفايات بجدة، والذي أنجزته شركة «جدة للتنمية والتطوير العمراني»، وهي شركة حكومية مملوكة لأمانة محافظة جدة كأحد مشاريعها البيئية.

ولفت أبو رأس إلى أن مشروع مردم النفايات بجدة، هو أحد مشاريع التنمية النظيفة الذي يخول للشركة تسجيله في الأمم المتحدة كأحد المشاريع التي هدفت إليها المعاهدة الدولية المعروفة بـ(بروتوكول كيوتو) والتي تعمل على تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل البشر في إحداث خلل في النظام المناخي.

وبين أن المشروع بشكل رئيسي يهدف إلى خفض تأثير الغازات الدفيئة في ظاهرة الاحتباس الحراري، خاصة غاز الميثان، والذي يزيد تأثيره بمقدار 21 ضعفا عن تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون، كما يهدف إلى تحسين بيئة الموقع باستخدام آلية التطوير النظيفة من خلال تغطية وحصر انبعاثات الكربون وإنشاء شبكة تجميع الانبعاثات الحرارية، مشيرا إلى أن المشروع يهدف إلى زيادة المساحات الخضراء عن طريق إقامة متنزه عام أو استخدامات أخرى مستدامة.

ويقع مشروع مردم جدة على مسافة 5 كلم إلى الشرق من مدينة جدة، وبمساحة 1870000م مربع، وتصميم وتركيب وإدارة وتشغيل البنية التحتية والمرافق الخاصة بنظام تجميع الغاز باستخدام آلية التطوير النظيفة (CDM) والتي تشمل تركيب منظومة تتألف من آبار وشبكة أنابيب أفقية لتجميع الغاز وتوجيهه إلى وحدة تدمير الغاز ذات التقنية الحديثة والمتطورة.

وشدد أمين مدينة جدة على أن كل هذه المشاريع تشير إلى التزام الأمانة بالمحافظة على البيئة، وأن مشروع فرز النفايات من المصدر سيتم تطبيقه تدريجيا في جميع أحياء مدينة جدة، بالتعاون مع جمعية البيئة السعودية وجمعية مراكز الإحياء.

ولفت أبو رأس إلى أن المواطن شريك أساسي في أي مشروع يتعلق بالنظافة، ولا بد من أن يعمل الأعلام على غرس ثقافة المسؤولية الاجتماعية من خلال تحفيز المواطنين على التعاون مع الأمانة وكافة القطاعات المعنية بهذا الأمر.

وأوضح أن الأمانة أنشأت الإدارة العامة للإصحاح البيئي، وهي إدارة خاصة تعمل من أجل البيئة والتواصل مع الجهات المعنية في معالجة أماكن التلوث بمختلف أنواعها (هوائي - مائي - ترابي) وتطبيق الرقابة على المنشآت الصناعية خارج المدن الصناعية المهنية وغيرها، لغرض التأكد من التزامها بقوانين وتعليمات البيئة، إضافة إلى الرقابة على المنشآت الواقعة على البحر ومنع تصريف الملوثات فيه، والمشاركة في الإشراف على تأهيل الشواطئ الملوثة بيئيا وإدارة ومتابعة جميع المصبات على السواحل ومتابعة المنشآت بشكل دوري لضمان استمرار التزامها بالمعايير البيئية.

وأفاد أبو رأس أن الأمانة قامت بإعداد الخطة الموسعة لحماية البيئة والتعاون مع الجهات الحكومية المعنية بالبيئة لمراجعة الدراسات البيئية واستيفاء دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الجديدة والقائمة وتحديد أوجه القصور بها طبقا للنظام العام للبيئة بالمملكة العربية السعودية وكذلك التنسيق مع إدارات الأمانة المختصة بمنح التراخيص وذلك للتأكد من حصول المشاريع على الموافقات البيئية اللازمة وتقييم الاشتراطات البيئية الخاصة بكل نشاط على حدة والمشاركة في نشاطات وبرامج التوعية البيئية وتقديم الاستشارات البيئية لمختلف إدارات الأمانة.

وكان الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة رئيس مجلس إدارة جمعية البيئة السعودية، رعى بحضور الأمير نواف بن ناصر بن عبد العزيز المدير التنفيذي للجمعية السعودية للبيئة، وأمين مدينة جدة الدكتور هاني أبو رأس ونائبة المدير التنفيذي للجمعية والناشطة في مجال البيئة الدكتورة ماجدة أبو رأس، و150 من سكان حي المسرة في مدينة جدة والمهتمين بالشأن البيئي، فعاليات إطلاق مشروع فرز النفايات من المصدر والذي يعد أول مشروع حكومي من نوعه على مستوى المدن السعودية لجمع النفايات لإعادة تدويرها، حيث تم اختيار حي المسرة في محافظة جدة للبدء في تطبيق المشروع على أرض الواقع.

وتأتي مدينة جدة كواحدة من أهم المدن السعودية المنتجة للنفايات، بحكم اتساعها وامتدادها، حيث يبلغ حجم النفايات السنوي - وفق تقديرات غير رسمية - بنحو مليوني طن سنويا، أي بمعدل يومي يتجاوز 7 آلاف طن يوميا متعديا المعيار العالمي. وأكد الأمير تركي بن ناصر أن أحد أهم برامج التوعية التي تنفذها جمعية البيئة السعودية هو البرنامج الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستدامة «بيئتي علم أخضر وطن أخضر» والذي يهدف إلى رفع مستوى الوعي البيئي وتطوير السلوكيات الإيجابية بين أفراد المجتمع.

ويتضمن هذا البرنامج قضايا بيئية كثيرة، أهمها إدارة النفايات والمخلفات الصلبة، وأهمية إعادة استخدامها وضرورة نشر ثقافة الفرز من المصدر والذي يؤدي إلى تحسين البيئة وحماية مواردها الطبيعية.

من جانبه، أكد أمين محافظة جدة الدكتور هاني بن محمد أبو رأس أن أمانة محافظة جدة وضعت ضمن برامجها التطويرية سلامة البيئة ونظافة المدينة واهتمت كثيرا بالتخطيط العلمي المبني على أحدث ما توصلت إليه الدراسات والتجارب العالمية في مجالات النظافة والصحة العامة.

وقال الأمين إن الأمانة قامت بالبدء في تشغيل مشروع فرز النفايات من المصدر، وذلك بوضع برامج تجريبية في كل من حي المسرة والفيحاء، للوصول إلى أفضل الطرق لتطبيق هذا المشروع الحيوي المهم، والذي يعتبر نقلة حضارية في التعامل مع انتشار كثير من الظواهر السلبية وغير الحضارية كظاهرة النبش وتجارة الخردة غير النظامية.

وأضاف أبو رأس أن المشروع سوف يستمر بعد تقييم النتائج من ناحية الإيجابيات والسلبيات، وقال: «سوف نعمل على زيادة الوعي البيئي لدى المواطنين للوصول إلى تطبيق ذلك على جميع أنحاء وأحياء محافظة جدة خلال السنوات المقبلة»، مشيرا إلى أن زيادة تراكم النفايات ونقلها والتخلص منها بطريقة تقليدية يفقد اقتصادنا الوطني ثروة مهمة، كما أنها تعتبر أحد مصادر الطاقة لهذا كان من واجبنا تفعيل هذا المشروع والعمل على تنظيم القوانين واللوائح للقضاء على معوقات المشروع لما له من فوائد اقتصادية وبيئية على محافظة جدة.

وأفاد الدكتور هاني أبو رأس أن المشروع يعتمد أيضا على دور المرأة وتفاعلها مع المشروع بنسبه كبيرة فهي الموجه للعمالة المنزلية التي تبدأ منها عملية فرز النفايات من المصدر، كما أن للمدارس التعليمية دورا في تنشئة جيل يعي أهمية المحافظة على البيئة وقال إن «أمانة محافظة جدة تقوم بتفعيل القوانين واللوائح والأنظمة والتعاقدات مع الشركات الوطنية للعمل على رفع مستوى الوعي البيئي وتفعيل الممارسات الإيجابية التي تكفل حماية البيئة وجهات أخرى من ضمنها جمعية البيئة السعودية».

من جهتها، قالت الدكتورة ماجدة أبو رأس المدير التنفيذي لجمعية البيئة السعودية، إن «جمعية البيئة السعودية منذ إنشائها برئاسة الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز تعمل دائما على تأسيس وتفعيل برامج التوعية والتثقيف البيئي لتطوير المعارف المتعلقة بمكونات البيئة، وبالواقع البيئي السعودي، وبالقضايا المتعلقة بها».

ولفتت إلى أن مشروع فرز النفايات من المصدر هو جزء من مشاريع متعددة تقوم الجمعية بتنفيذها مع القطاعات المهتمة بالبيئة والمحافظة عليها وخلق فرص التعاون من خلال البرنامج الوطني «بيئتي وطن أخضر علم أخضر».

وأشارت الدكتورة ماجدة أبو رأس إلى أن الجمعية أعدت برنامجا متكاملا في مجال التوجيه والإرشاد في المراحل الأولية لتفعيل المشروع بالصورة التي تناسب الواقع البيئي السعودي بكافة أدواته ومعداته وأجهزته، وكذلك اعتمادها لبرنامج الدعائية البيئية التي تشتمل على سمات بيئية إيجابية مقارنة بغيرها من المنتجات في المجموعة ذاتها، إضافة إلى تعزيز وخلق السلوكيات البيئية الإيجابية.

وأكدت أن الجمعية جمعت 400 سيدة في حي مسرة، أول حي في مدينة جدة يطبق فيه مشروع فرز النفايات من المصدر، وإقامة ورشة عمل تدريبية وتثقيفية لبث وغرس ثقافة المشروع لدى السيدات وأبناء وبنات الحي، إلى جانب تعميم الفكرة وإرسال عينات من مراكز الفرز على مدارس الحس البيئي داخل مدينة جدة لتوجيه الصغار بالسمات الإيجابية وتعودهم على نهج هذه الفكرة منذ الصغر. وأشارت الدكتورة ماجدة أبو رأس إلى أن الدول العربية تنفق 2.5 مليار دولار سنويا لمقاومة الأضرار الناتجة عن مليار و353 مليون طن من المخلفات الحيوانية و196 مليون طن من المخلفات الزراعية مقابل 18 ألفا و870 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي، مضيفة أن ما يتم جمعه من هذه المخلفات لا يتجاوز 50 في المائة من حجمها.

وبينت أن الاستثمارات العربية في مجال تدوير النفايات التي وصفتها بالمتواضعة ولا تتجاوز مائتي مليون دولار، مقارنة بحجم الاستثمار في الولايات المتحدة الذي يمثل 28 في المائة من إجمالي الاستثمار الصناعي، و23 في المائة في بريطانيا و35 في المائة في ألمانيا.

وأفادت أن إحصاءات غير رسمية قدرت أن قيمة تدوير النفايات في المدن السعودية تتراوح بين 36 مليار ريال (9.6 مليار دولار) و40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، في الوقت الذي تحتاج فيه هذه المدن إلى مصانع أكثر لتلبية عمليات تدوير النفايات.

وأكدت أنه «لو لم تكن هناك عائدات اقتصادية كبيرة لما توجه الغرب نحو الاستثمار في تدوير النفايات، وبعض الدول تعتمد بشكل كامل على التدوير وتبني استراتيجياتها الاقتصادية انطلاقا منه، وهذا مؤشر على أنها باتت مشاريع ناجحة».

وزادت بالقول: «في الإمكان المضي قدما نحو عمليات الفرز الأولي المتمثلة في مشروع أمانة جدة الفرز من المصدر كبداية نحو الوصول إلى الاستفادة من النفايات واستثمارها».

ودعت الدكتورة ماجدة أبو رأس إلى أهمية الاستثمار في إنشاء مصانع تدوير النفايات التي قد تصل الأرقام فيها للمليارات، خاصة أن مدينة جدة تمثل ثروة وطنية ضخمة جدا من النفايات في حالة تدويرها، ناهيك بالأطنان الأخرى من الحديد والزجاج والأخشاب والورق والإنتاج العضوي وما إليها.