«الوسم» يحل اليوم في السعودية وسط تفاؤل بموسم مطير وأخضر

مدته 52 يوما ويسم الأرض ويحييها.. وأمطاره تنبت الكمأ والأعشاب البرية

TT

يحل اليوم الثلاثاء السادس عشر من أكتوبر موسم «الوسم» وسط تفاؤل بفصل مطير يعيد للأرض نماءها، ويزيد من المخزون المائي، ويبعث أملا للرعاة ومربي الماشية بفصل ربيعي مليء بالكلأ وموسم رعوي أخضر، يضع حدا لمعاناتهم بسبب التصحر واعتمادهم على إطعام ماشيتهم بالأعلاف التي أثقلت أسعارها كواهلهم، كما يترقب عشاق البراري أن يكون «الوسم» منبتا للأرض، وللكمأ «الفقع»، وأن يشهد أمطارا مبكرة حتى تجود الأرض بهذا النبات الغني بالبروتين الذي يظهر عادة في ظروف مناخية لا تتوفر إلا في أيام الوسم، إذا جادت السماء بأمطارها باكرا. ويأتي الوسم بعد انتهاء نوء «سهيل» الذي حل في الرابع والعشرين من أغسطس (آب) الماضي، وانتهى يوم أمس الاثنين، واشتهر بوفرة الرطب خلال أيامه الـ53.

وبخصوص الوسم، فإن عدد أيامه 52 يوما تبدأ من 16 أكتوبر إلى نهاية 6 ديسمبر (كانون الأول)، وسمي بالوسم لأنه يسم الأرض ويحييها، علما بأن الوسم في اللغة هو أثر الكي وعادة ما يوسم به الحيوان، وارتبط الوسم بمجموعة الأيام التي يهطل فيها المطر خلال أيامه، فهو يسم الأرض بالإخضرار ومعه ينبت الكمأ، والأعشاب البرية كالنفل والشيح والروض، ويشتمل الوسم على أربعة منازل من منازل الشمس والقمر وهي منازل: «العواء، السماك، الغفر، والزبانا».

وأوضح الدكتور عبد الله المسند الباحث الفلكي أن للوسم دلالة لغوية محلية وتعني العلامة والكي أو أثر الكي، والجمع وسوم، وسميت هذه الأيام بالوسم لأن أمطارها تسم الأرض بالخضرة والكلأ والنبات، ومطره نافع للأرض وهو منبت للكمأة وأصناف النباتات البرية المختلفة، كما أن للوسم خصائص منها مواصلة انحدار الشمس إلى الجنوب، وتبدأ الأجواء بالتحسن، وتنخفض درجة الحرارة ويبرد الليل، ويشعر الإنسان في البر بحاجته لإشعال النار ليلا، وفيه بداية تسخين الماء في الوسطى، وفيه قد يغلق بعض الناس التكييف البارد ليلا لاعتدال الجو، وفيه ينشط فيروس الإنفلونزا الموسمية بين الناس، وفي آخره ومع بداية ديسمبر يبدأ معظم الناس بارتداء الملابس الشتوية في معظم المناطق خاصة الفجر، وفي موسم الوسم تبدأ هجرة طيور الحبارى، والكروان، والكرك الأصلع، وفي آخره تبدأ هجرة طيور الجوني، والكدري، بينما يشهد هذا الوقت تقلبات جوية، حيث تبدأ مراكز الضغط الجوي بالتداخل وعدم التمايز، وذلك للانتقال من فصل مناخي لآخر، وتتعاظم وتتسع الضغوط المرتفعة تدريجيا على حساب الضغوط المنخفضة؛ حيث يتسع المرتفع الجوي الشمالي البارد وتزداد رقعة الكتلة الهوائية السيبيرية الباردة، وتمتد جنوبا لتدفع معها مسار المنخفضات الجوية الحركية جهة الجنوب لتؤثر على عروض المملكة، منها تبدأ بواكير المنخفضات الجوية الممطرة عبور شمال المملكة من الغرب إلى الشرق.

وأشار الدكتور المسند إلى أن «الوسم» يأتي بعد دخول طالع الصرفة، وهو آخر نجوم سهيل الأربعة، وسميت الصرفة بالصرفة لانصراف الحر عند طلوعها فجرا من المشرق أوائل أكتوبر، وانصراف البرد عند غروبها فجرا في جهة المغرب منتصف مارس تقريبا.

وقال: «(الوسم) ليس بمنزلة أو نجم في السماء، بل صفة لوقت من السنة، وله من المنازل القمرية أربع: العواء ودخوله في 16 أكتوبر، يليه السماك ودخوله في 29 أكتوبر، يليه الغفر ودخوله في 11 نوفمبر، وأخيرا الزبانا ودخولها في 24 نوفمبر».

ويختلف وقت دخول موسم الوسم من حساب إلى آخر، ففي حين تقويم أم القرى يجعل دخوله في 16 أكتوبر، هناك حسابات أخرى تجعله قبل ذلك على سبيل المثال في 10 أكتوبر كما عند ابن بسام الفلكي رحمه الله، ووفقا لحساب أم القرى ينتهي الوسم في 6 ديسمبر فيكون عدد أيامه 52 يوما.

وأضاف المسند: «تبعا لأفق المملكة فإن الليل يكون أطول من النهار في الوسم، وسيكون طول الليل خلال اليوم الأول من الوسم (16 أكتوبر الموافق 8 ذي القعدة) وفي أقصى شمال المملكة 12 ساعة و37 دقيقة وهو الليل الأطول في حينه، بينما في وسط المملكة 12 ساعة و27 دقيقة، أما في جنوب المملكة 12 ساعة و15 دقيقة وهو الليل الأقصر في حينه، ويستمر الليل يأخذ من حصة النهار بمعدل دقيقة و12 ثانية في الشمال، و52 ثانية في الوسط، و34 ثانية في الجنوب، وذلك بشكل يومي وذلك على وجه التقريب، حتى يكون طول الليل خلال آخر يوم في الوسم (6 ديسمبر الموافق 30 ذي الحجة) وفي أقصى شمال المملكة 13 ساعة و49 دقيقة وهو الليل الأطول في الوسم، بينما في وسط المملكة 13 ساعة و19 دقيقة، أما في جنوب المملكة 12 ساعة و49 دقيقة، وهو الليل الأقصر في حينه. وعليه يتبين أن الليل يطول والنهار يقصر كلما اتجهنا شمالا في هذا الوقت من السنة».

وتوقع خالد العوض وهو باحث مناخي أن الأيام المقبلة تبشر بخير، متوقعا أن تشهد أجزاء من المنطقة الشمالية والشمالية الغربية والمنطقة الغربية ومنطقة القصيم ومنطقة المدينة المنورة بداية الأسبوع المقبل هطول أمطار بين المتوسطة إلى غزيرة. وقال: «على سبيل المثال تتأثر مرتفعات غرب وجنوب غربي المملكة بفترتين للمطر الأولى بين شهري يوليو (تموز) وحتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) والفترة الثانية تكون بين بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) وحتى نهاية شهر مايو (أيار)». مشيرا في هذا الصدد إلى أن تحقق التوقعات طويلة الأجل ما زال ضعيفا في جميع المراصد العالمية، وأن نسبة نجاحها لا تتجاوز 10 إلى 30%، أما على صعيد التوقعات قصيرة الأجل فيرى العوض أنها تتراوح بين 3 إلى 10 في المائة.