الأحساء تنتج أكثر من 100 ألف طن من التمور سنويا.. واقتصاديات التمور ما زالت متعثرة

زيادة الإنتاج في مقابل ضعف الاقتصاد

TT

أسدلت الأحساء الستار عن مهرجانها الأول للتمور الذي انطلق مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي ونظمته أمانة الأحساء بالتعاون مع مجلس التنمية السياحية وهيئة الري والصرف وغرفة الأحساء تحت مسمى «للتمور وطن»، والذي أقامته حرصا على رعاية النخلة ومنتجاتها ودعم المزارعين وتحقيقا للاستدامة الزراعية ودعما لاقتصاديات التمور السعودية إجمالا وتمور الأحساء على وجه الخصوص، والتي ما زالت تواجه العديد من التحديات مما يجعل اقتصادها دون المأمول مقارنة بحجم الإنتاج.

ورغم أن نخيل الأحساء تضخ أكثر من مائة ألف طن من التمور سنويا من أصل 1.07 مليون طن هي إجمالي الإنتاج السعودي، فإن اقتصادها لا يزال متعثرا. وقد عزا الدكتور عبد العزيز الشعيبي، أستاذ الاقتصاد والإرشاد الزراعي في جامعة الملك فيصل، ذلك إلى وجود عدد كبير من الهيئات الحكومية التي تعمل على تطوير قطاع التمور دون توحيد لجهودها بما يدعم القطاع، مضيفا أن جميع المساعدات المقدمة للمزارعين تستهدف الإنتاج وليس التسويق والتصدير إلى جانب العشوائية في اختيار أصناف التمور الواجب التوسع في زراعتها وإنتاجها.

كما أشار الشعيبي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كمية العرض من التمور التقليدية في الاستهلاك أكبر بكثير من الكميات المطلوبة محليا، واعتبر ذلك عقبة تواجه اقتصاد التمور في المملكة، لافتا إلى أن الصادرات لا تتجاوز الـ7 في المائة بما فيها المساعدات الحكومية رغم تصدر السعودية للمرتبة الثانية عالميا من حيث الإنتاج.

وأضاف أن غياب سياسات واضحة للقضاء على الأمراض والآفات الزراعية أثر سلبا على نمو اقتصاد التمور السعودية التي لا توجد حتى الآن قوانين صارمة لتحديد الأصناف التي يجب توفيرها منها، مشددا على أهمية الصناعات التحويلية القائمة على التمور كمواد أولية ودورها في استيعاب الأنواع والأصناف الرديئة على الأقل.

وأكد الشعيبي أن أكثر من 30 في المائة من التمور تتحول إلى أعلاف بسبب قلة جودة التمور المنتجة ونوعياتها، بالإضافة إلى تسويق التمور وفق الكميات التقليدية رغم ما طرأ على النمط الغذائي للمستهلك السعودي من تغيير، موضحا حاجة التمور السعودية لتطوير الأساليب التسويقية وذلك عبر رفع مستوى جودة الإنتاج والتركيز على الأصناف المرغوبة وتحديد نواحي الجودة من لون وحجم وطعم، وضرورة تغيير تعبئة التمور القادمة إلى السوق بحيث تكون عبوات مخصصة لنقل الفواكه على ألا تتجاوز التعبئة العشرة كيلوغرامات.

وأكد الشعيبي على دور الهيئات والمنظمات الحكومية والجهات ذات السلطة في تطوير إدارة السوق كما حصل في المهرجانات السنوية بحيث يتم إنشاء خدمات إضافية لتسويق المنتج من مختبرات جودة وتصنيف وتدريج حسب الأصناف والأنواع. واقترح الشعيبي في حديثه أن تُمنَع التمور المستوردة من خارج المملكة من دخول السوق خاصة في فترة المواسم والتي تصل إلى أربعة أشهر إلا إذا كانت جودتها أعلى من الإنتاج المحلي ليتحقق بوجودها هدف المنافسة.

وحول دور السياسات التصديرية في دعم اقتصاد التمور، فقد طالب الشعيبي بإنشاء مركز لتوفير خدمات التصدير لمساعدة المزارعين في التعرف على متطلبات وشروط التصدير لكل دولة، داعيا لمنح المزارعين قروضا وتسهيلات محددة للصادرات.

وتفاءل الشعيبي بمهرجانات التمور التي تشهدها بعض مناطق المملكة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى نجاحها في التحرر من سلطة التجار المحدودين والذين كانوا يتحكمون في العدد الكبير من المزارعين، واصفا هذه المهرجانات من خلال الجهات المنظمة لها بـ«السلطة الجديدة» القادرة على تحقيق نقلة نوعية في اقتصاد التمور خاصة بعد نجاحها في رفع الأسعار وضبط الجودة. وقد أشارت الإحصاءات النهائية لمهرجان الأحساء «للتمور وطن» إلى نجاح المهرجان في بيع 40 في المائة من إنتاج التمور بأسعار حققت نسبة ارتفاع 170 في المائة، وقد أسهم مختبر الجودة عن طريق ضبط الجودة والتصنيف في رفع السعر بنسبة 120 في المائة، حيث كان متوسط السعر للمن الواحد 980 ريالا، في حين وصل أعلى سعر للمن إلى 7200 ريال.

جدير بالذكر أن المملكة تبنت مؤخرا إنشاء المجلس الدولي للتمور بتكلفة تصل لـ8 ملايين ريال تحت مظلة دولية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ويهدف المجلس لمعالجة المشاكل والمعوقات في قطاع إنتاج التمور في مراحله المختلفة وإيجاد أساليب تنظيمية فعالة قادرة على تنمية القطاع.