الخوف والجهل يقودان 88% من الأطفال للتخدير الكامل لدى طبيب الأسنان

أكثر الأطباء يلجأون إليه للسيطرة على الطفل وعلاجه

بعض الأطباء يفرطون في صرف المضادات الحيوية وكأنها «فيتامين» («الشرق الأوسط»)
TT

طالبت الدكتورة عبير النمنكاني استشارية طب أسنان الأطفال والعلاج النفسي ومحكمة أبحاث في الأكاديمية الأوروبية لطب الأطفال، بضرورة تطبيق «قياس الخوف لدى الأطفال من طبيب الأسنان»، في جميع عيادات طب أسنان الأطفال بالسعودية، حتى لا يستمر الخوف لديهم في الكبر، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية بسبب البكتيريا التي تدخل الجسم عن طريق الأسنان.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف الخوف الموجود لدى الأطفال من طبيب الأسنان هو غالبا (خوف من المجهول)، يتسلل إلى غالبية الأطفال قبل ذهابهم للطبيب»، وأضافت أن «أكثر الأطباء يلجأون إلى التخدير الكامل حتى يتمكنوا من السيطرة على الطفل وعلاج أسنانه»، وهذا أمر خاطئ على حد قولها.

وبينت أن نسبة الخوف من طبيب الأسنان في أوروبا وصلت لأكثر من 35 في المائة، وبلغت في دبي 48 في المائة، مشيرة إلى عدم وجود أبحاث تبين نسبة الخوف لدى الأطفال في السعودية، مضيفة: «إلا أنه من خلال فترة عملي البسيطة كطبيبة أسنان في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة لمست ارتفاعها».

وأضافت «لاحظت أن كثيرا من أطباء الأسنان هم من يسببون الخوف للطفل، وذلك لعدم معرفتهم بكيفية التعامل معه والسيطرة عليه، وأتمنى من الطبيب قبل أن يحول الطفل إلى غرفة العمليات أن ينظر إليه ويعامله كأنه طفله».

وأشارت إلى أن عدد الحالات المحولة من قبل طبيب الأسنان إلى غرفة العمليات والتخدير الكامل للأطفال من «ست سنوات وما فوق» بلغ 88 في المائة، مستنكرة أن يقوم طبيب بإدخال الطفل غرفة العمليات من أجل خلع ضرس أو حشو وتنظيف، مشددة على عدم فتح غرفة العمليات لمثل هذه الحالات البسيطة.

وقالت النمنكاني «للأسف لا تعي الأسرة مخاطر التخدير الكامل للطفل، حيث أثبتت الأبحاث أن أدوية التخدير لها تأثير على عدد خلايا المخ ونموها، وهذه التأثيرات قد لا يذكرها الأطباء ضمن الأعراض الجانبية للوالدين، كما بينت الأبحاث أن الطفل الذي يدخل غرفة عمليات، تزيد نسبة خوفه من الطبيب، كما أن حالته تزيد سوءا بعد خروجه من غرفة العمليات».

ولفتت إلى أن هناك الكثير من الأضرار النفسية التي قد تصيب الطفل مستقبلا جراء دخوله غرفة العمليات، وقالت «عندما يدخل الطفل غرفة العمليات يرى حوله مجموعة من الممرضين والأطباء، إضافة إلى أنه يكون بمفرده بعيدا عن والدته، هذه الأمور جميعها مخيفة للطفل وتظل في ذاكرته مدى الحياة وتتسبب له بمزيد من القلق والخوف».

كما أشارت إلى أهمية تجنب صرف المضادات الحيوية وبعض الأدوية، وقالت «للأسف بعض الأطباء يفرطون في صرف بعض الأدوية والمضادات الحيوية خاصة، وكأنها فيتامين، غير مهتمين للأضرار الجانبية التي تسببها هذه الأدوية»، مؤكدة أنه من الممكن أن يعالج طبيب الأسنان المريض دون الحاجة إلى إعطائه أي أدوية، تليها فترة انتظار طويلة قد تصل إلى ما يزيد على ستة أشهر، في ظل ازدحام العيادات الذي نلمسه، وقالت إن «هناك الكثير من السلبيات في عيادات الأسنان ولدى الأطباء أنفسهم لا بد من تعديلها حتى لا يكون الطبيب هو المتسبب في خوف الطفل».

وطالبت استشارية طب الأطفال والعلاج النفسي باستخدام مقياس الخوف عند زيارة الطفل لعيادة طبيب الأسنان والذي لا يأخذ من وقت الطبيب أكثر من ثلاث دقائق، يحدد خلالها أسباب الخوف ثم يعالجها ويتمكن من السيطرة على خوف الطفل ويجعله صديقا له ولتلك العيادة.

وبينت أن هناك 14 مقياسا عالميا لمعرفة درجة خوف الأطفال، جميعها لمتخصصين عالميين وأساتذة في طب الأطفال، إلى جانب المقياس الأخير الذي استحدثته النمنكاني أول طبيبة على مستوى العالم تحصل على درجة الدكتوراه في هذا المجال وتم قبوله في الأكاديمية الأميركية لطب أسنان الأطفال بعد أن حصلت على براءة اختراعه.

وأوضحت النمنكاني أنها تمكنت من خلال عملها بتطبيق المقياس في عيادتها الأولى على مستوى الشرق الأوسط، مؤكدة نجاحها، وقالت «تمكنت من عمل مواعيد خلال شهرين فقط لأكثر من 107 مرضى جميعهم كانوا في قائمة الانتظار الممتدة لأكثر من خمس سنوات ليدخلوا عمليات، حيث تمكنت من استقطابهم لعلاج الخوف لديهم من طبيب الأسنان وقمت بإلغاء مواعيد العمليات المقررة لهم وعلاجهم بشكل طبيعي»، لافتة إلى أن ذلك الأمر من شأنه أن يوفر ما يقارب 200 دولار على كل مريض، وهي تكلفة استخدام غرفة العمليات.

وحول آلية العلاج بقياس الخوف، بينت أنه عبارة عن قياس معرفي وسيكولوجي يستخدم للأطفال من ست سنوات وما فوقها، يساعد طبيب الأسنان والمريض على التعرف على أسباب الخوف، كما يمكن الطبيب من تحديد طريقة تفكير الطفل سواء كانت إيجابية أو سلبية من طبيب الأسنان.

يشار إلى أن الدكتورة عبير النمنكاني حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة لندن كأول طبيبة أسنان تتخصص في قياس وعلاج الخوف من طبيب الأسنان بطرق جديدة تحمي الطفل من مخاطر استخدام الأدوية والتخدير الكامل، كما تم ترشيحها ضمن أفضل خمسة باحثين شباب اختيروا من بين 450 باحثا على مستوى الاتحاد الأوروبي من قبل الأكاديمية الأوروبية لطب الأسنان ومقرها سويسرا. وتم اختيار بحثها في مجال المقياس الذهبي ليدرس لجميع أطباء الأسنان الممارسين في بريطانيا ضمن برنامج التعليم البريطاني المستمر (CPD) ليتمكنوا من تجميع نقاط تساعدهم على الترقية في سلم التوظيف البريطاني.