التحقيق في تسرب كميات كبيرة من سندات الهدي والأضاحي المزورة

اتخاذ تدابير احترازية تحول دون تدفقها

يتكفل البنك الإسلامي بعمليات الأضحية لتفرغ الحاج لأداء النسك بسهولة ويسر («الشرق الأوسط»)
TT

فتحت السلطات المختصة في السعودية التحقيق في تسرب كميات كبيرة، من سندات مزيفة لـ«الهدي والأضاحي» في منطقتي المدينة المنورة، ومكة المكرمة، يتم ترويجها على الحجاج بأسعار مخفضة عن قيمة التداول في السوق المحلية.

وفي حين لم يتم الكشف عن إجمالي عدد السندات التي تم ضبطها، إلا أنه تم الكشف عن عمالة وافدة توزع السندات، بأسعار قليلة مقارنة بالقيمة التي حددها البنك الإسلامي للتنمية مسبقا، وهو الجهة المخولة بإصدار سندات الهدي والمقدرة بنحو 450 ريالا للرأس الواحد.

وجاءت عملية الكشف عن هذه السندات، على أثر بلاغات مفادها، تسرب كميات مزورة على حجاج الداخل والخارج في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، الذين تقدموا بشكاوى رسمية، الأمر الذي دفع بالجهات الرقابية، لتتبع مصادر هذه السندات للكشف عن عمليات التحايل.

ويتوقع، وفقا لمصادر خاصة أن يكون وراء هذه السندات، شركات ومؤسسات، تعمل في قطاع الحج، أو العمرة، عمدت على تزوير سندات الهدي والأضاحي، بغية الكسب السريع، عبر عمالة وافدة يتم إطلاقها في مواقع تجمع الحجاج في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، واستقطابهم بأسعار زهيدة لقيمة السند الواحد.

وسيتم إحالة المتورطين في تزوير وترويج السندات المزورة، لإمارة منطقة مكة المكرمة، لاتخاذ الإجراءات القانونية للحد من انتشار سندات الأضاحي المزورة داخل المشاعر، ومن ثم لهيئة التحقيق والادعاء العام.

وبحسب الأنظمة المتبعة، وثبوت القرائن على المخالفين، والمتسببين في تصاعد شكاوى الحجاج، وتكدسهم أمام المسالخ أيام النحر، يتم إغلاق مؤسساتهم ، والغرامة المالية الذي يقدرها القضاء، حسب كميات السندات التي تم ترويجها في السوق المحلية.

وأبلغ مصدر مسؤول، طلب عدم الكشف عن اسمه، «الشرق الأوسط» أن التحقيقات جارية لمعرفة الجهات المتورطة في بيع تلك السندات المزورة، وكذلك معرفة الكميات التي تم تداولها، ومن ثم الرفع لإمارة منطقة مكة المكرمة، لاتخاذ الإجراءات الرسمية حيال الشركات المخالفة.

وأكد المصدر أن عمليات المراقبة التي تقوم بها الجهات المختصة ستكشف خلال الأيام المقبلة، تورط عدد أكبر من الشركات تقوم بعمليات إغراء الحجاج لشراء سندات الأضاحي بأسعار زهيدة، من خلال مندوبين يتم الكشف عنهم في المشاعر المقدسة، مشيرا إلى أنه لا توجد أي جهة تملك تصريحا رسميا لبيع الهدي والأضاحي سوى مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي.

واتخذت الأجهزة الرقابية في السعودية، بالتنسيق مع البنك الإسلامية للتنمية كل التدابير الاحترازية، للحيلولة دون تدفق سندات الأضاحي المزورة التي ينشط ترويجها في هذه الفترة، من خلال برامج للتوعية لجميع الحجاج (الداخل، الخارج)، عبر نشرات وندوات يقدمها البنك الإسلامي.

وقال المصدر إن البنك الإسلامي، الجهة المخولة من الحكومة السعودية في إصدار هذه السندات، تقوم ببيع السندات مقابل رسوم لا تتجاوز 450 ريالا عن كل أضحية، وهي تسعى من هذا الإجراء، ليتفرغ الحاج لأداء مناسكهم في يوم التروية.

وتمكن البنك الإسلامي في وقت مبكر من العام الحالي 2012 ، من توقيع عقود مسبقة لتوفير نحو مليون رأس من الماشية، مع عدد من الشركات المحلية والخارجية، لضمان ضبط الأسعار في موسم الحج، ولا تخرج عن النطاق المتاح والممكن.

ويهدف «مشروع الاستفادة من الهدي والأضاحي» لتوزيع الأضاحي بعد أيام التشريق، ويشمل فقراء مكة المكرمة، وما يفيض عن ذلك يتم توزيعه على الجمعيات الخيرية في المملكة، إضافة إلى توزيع لحوم الأضاحي على أكثر من 27 دولة إسلامية، وفقا للجدول المحدد والبرامج المعدة لذلك.

وكانت المملكة قد أنشأت «مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي»، لتحقيق مقاصد الشريعة في فريضة الحج، وعهدت للبنك الإسلامي للتنمية تنفيذ هذا المشروع الذي انطلق بهدف حماية مصلحة الحجاج، من خلال قصر إصدار سندات الهدي والأضاحي، وبيعها، وتسويقها بكل أنواعها (هدي تمتع، وقران، وفدية، وصدقة) على «مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي».

وهنا عاد المصدر ليؤكد، أن البنك الإسلامي يسعى بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، إلى وضع ضوابط حديثة، للحد من تنامي ظاهرة بيع السندات المزورة على الحجاج، مطالبا من الجهات القضائية، تغليظ الأحكام على المتورطين في هذا الصدد، والتشهير بهم عبر وسائل الإعلام.

وأضاف المصدر، أن مشروع الهدي والأضاحي، يقوم بمعالجة هذا الموقف في المشاعر المقدسة، من خلال سحب السندات المزورة بحوزة الحجاج، وتعويضهم في حال عدم وجود مبالغ مالية تمكنهم من شراء الأضحية، ويتم تجميع هذه السندات وإحصائها، ومن ثم تقديمها للجهات المختصة للتصرف فيها وفق الأنظمة القانونية. ويشرف مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي على مجازر مفتوحة تتيح للحاج الشراء من بائعي الأنعام، مباشرة لما يرغب فيه من الجمال أو الأبقار، ويضاف على سعر الشراء مبلغ 150 ريالا مساهمة لتغطية جزء من تكاليف أداء النسك، والتنظيف وإيصال اللحوم لمستحقيها.

ومن تلك المجازر الحديثة المكونة من أربع وحدات، تستوعب كل وحدة منها قرابة مائة ألف رأس من الأغنام، وهي مفتوحة للحجاج، ويستطيع الحاج أن يختار ويبتاع مباشرة أضحيته وأداء النسك مباشرة، أو الإشراف على أداء النسك، أو توكيل البنك في أداء نسكه نيابة عنه، فيما يشرف المشروع على المجازر المغلقة «المعيصم النموذجية - المعيصم المطورة - مجزرة المعيصم (3) المطورة» ، فيما يتيح مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي، للحجاج الاستفادة من نظام التوكيل الذي يجنبهم الذهاب إلى المجازر، من خلال شراء السندات من المصارف المعتمدة أو من منافذ البيع المنتشرة حول الحرمين والمشاعر المقدسة، ميناء جدة الإسلامي، وفي مطار الملك عبد العزيز.

وتستقبل السعودية سنويا ما يزيد على 1.8 مليون حاج من خارج البلاد، في حين يقدر عدد حجاج الداخل بأكثر من مليون شخص، ويبلغ عدد الحاج والمعتمرين سنويا 6 ملايين يقدمون للأراضي السعودية لأداء مناسك الحج أو العمرة، وتخالف أعداد كبيرة من المقبلين أنظمة العمرة بالبقاء لفترات تتجاوز الثلاثة أشهر لأداء فريضة الحج.