أمانة العاصمة المقدسة تحدد يناير المقبل موعدا لتأهيل المتقدمين لمشروع مترو مكة

دعت تحالفات عالمية للمشاركة وحددت 10 أعوام لتنفيذ المشروع

د. أسامة البار متحدثا لـ«الشرق الأوسط» أمس (تصوير: أحمد حشاد)
TT

حدد الدكتور أسامة البار أمين العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط»، يناير (كانون الثاني) القادم موعدا لتأهيل المتقدمين لمشروع مترو مكة، مؤكدا أن التحالفات العالمية كلها مدعوة للدخول، وسوف يتم التقييم وفق معايير محددة من قبل استشاري إدارة المشروع والمكتب التنفيذي لمترو مكة، حيث سيتم إعلان التحالفات الفائزة عبر بنود واضحة للتنفيذ.

وقال البار، مشروع النقل والحافلات في مكة صدرت فيه موافقة المقام السامي الكريم في مجلس الوزراء في شهر رمضان المنصرم، حيث تم فيه اعتماد ميزانية تقديرية بـ62 مليار ريال، وأن يكون على ثلاث مراحل، وتشمل الخطين «ب» و«ج» من شبكة القطارات، وتكون كلفة التنفيذ نحو 25 مليارا، ومدة التنفيذ 3 سنوات.

وأبان أمين العاصمة المقدسة أن الخط «ب» سيكون الخط الذي يصل قطار المشاعر بالمسجد الحرام شمالا بدءا من السليمانية، ثم يبدأ غربا إلى محطة قطار الحرمين التي ينتهي إليها طريق القطار الذي يأتي من المدينة المنورة، مرورا بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ، ثم مطار الملك عبد العزيز، ثم محطة جدة، وينتهي في محطة مكة المكرمة، ويقع عند مدخل عند المنطقة التي كان تعرف بمنطقة حي الزهارين.

وأفاد البار بأن الخط «ج» يبدأ من جامعة أم القرى في العابدية، ويسير بموازاة قطار المشاعر على منطقة العوالي ذات الكثافة السكانية، ويمر على منطقة العزيزية ذات الكثافة السكانية، ثم ينحرف جنوبا إلى جنوب المسجد الحرام خلف وقف الملك عبد العزيز، ثم بعد ذلك يتجه شمالا إلى مسجد السيدة عائشة في التنعيم، وهذا الخط من الخطوط المهمة لأنه يربط عددا من المناطق ذات الكثافة وذات الجذب القوي.

وأضاف أمين العاصمة المقدسة أن «الخطين سيؤديان إلى توزيع الكثافة القادمة إلى الحرم بين منطقتي الجنوب والشمال، ونحن على دراية بأن التوسعة الجديدة من الشمال، فلذلك هناك فرصة كبيرة لاستيعاب الحجاج القادمين من جهة الجمرات إلى منطقة توسعة خادم الحرمين الشريفين في المنطقة الشمالية للمسجد الحرام».

وأشار البار إلى أن هذا الخط سيأتي عن طريق «الششة»، نحو ما انتهت إليه المشاعر، مرورا بمنطقة السليمانية، متجها نحو «الروضة» غربا عبر أنفاق تحت الأرض إلى منطقة السليمانية، التي هي محطة البريد المركزي، وستكون هناك محطة قطارات رئيسية في ذلك الموضع، وتخدم شمال المسجد الحرام، فيما نفى الأمين صحة ما تردد حول فوز شركة فرنسية بعقود مسارات القطارات، مبينا أن المجال مفتوح أمام تحالفات عالمية.

وحول الخدمة الفعلية التي سيقوم المساران بعملهما، قال أمين العاصمة المقدسة إن المسارين سيقومان بخدمة عظيمة وفاعلة في حركة ومنظومة النقل في العاصمة المقدسة، مبينا أن الخط الثالث سينفذ في المرحلة الثانية من المشروع وهو خط «أ»، ويمتد من الشرائع ذات الكثافة السكانية الكبيرة، ويتجه باتجاه مناطق المعيصم والغسالة وميدان العدل، ويتجه إلى شارع المسجد الحرام، ثم يتجه إلى شارع أم القرى، ثم جنوبا إلى منطقة «الليث»، واصفا إياه بالمشروع الحيوي الذي يمر بكثافات سكانية مرتفعة.

وقال البار إن دراسة الشركة المصممة للمشروع أفادت بأن هذا الخط سيكون الأعلى من ناحية الإيرادات طيلة العام، موضحا أن المرحلة الأخيرة تشمل المرحلة «د»، وهو مسار يمر عبر طريق مكة - جدة القديم، ويتجه غربا إلى شارع أم القرى، ثم جنوبا إلى منطقة العكيشية، ويخدم مخططات ولي العهد ويربطها بالمنطقة المركزية، ويخدم ويربط منطقة أم الجود وطريق جدة - مكة القديم بالمنطقة المركزية، وهو مشروع سيستغرق عامين وسينفذ في المرحلة الأخيرة من المشروع.

وأفاد البار بأنه في المرحلة الثانية والثالثة سيكون هناك تنفيذ لشبكة الحافلات على أربعة مستويات وهي الحافلة المحلية، وتربط ما بين منطقة ومنطقة، وهناك شبكة الحافلات المغذية التي تربط الحي نفسه إلى محطات النقل الرئيسية في القطار، وهناك الحافلات الترددية التي تنقل الحجاج والقاصدين من المواقف إلى مناطق نقاط الجذب الرئيسية، وهي خدمة موجودة في وقتنا الحاضر وسوف تدرس وتحسن بإذن الله.

وقال البار إن مدة المشروع المتوقع تنفيذه فيها هي عشرة أعوام، موضحا أن الخطين الأولين سينفذان في السنوات الثلاث الأول، والخط الثالث في خمس سنوات، والأخير في سنتين. وزاد بالقول: «بدأنا العمل فعليا في المشروع وسيتم قريبا توقيع عقد إدارة المشروع، للبدء فعليا في التصميم التنفيذي التفصيلي للخطوط، ومن ثم طرح المشروع في منافسة عامة أمام تحالفات عالمية».

وأوضح أمين العاصمة المقدسة أن الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، شكل لجنة تنفيذية للمشروع برئاسة أمين العاصمة، وعضوية المسؤولين للجهات ذات العلاقة، وكانت باكورة عمل اللجنة هي زيارة الهيئة العليا في منطقة الرياض، حيث تمت الاستفادة من خبرة الهيئة والمراحل التي قطعتها في تنفيذ مشروع مترو الرياض، والخطوات التي تم اتخاذها من قبلهم لتسهيل العوائق التي يواجهونها.

وقال إن الدراسة الفنية لمكة المكرمة مختلفة تماما، وإن الشبكة المتوقعة ستكون شركة قطارات أنفاق ما تحت الأرض في المنطقة المركزية، وشبكة قطارات معلقة خارج المنطقة المركزية، وكل الأمور المتعلقة بمسارات المياه الجوفية وخدمات البنية التحتية، مأخوذة في الاعتبار، وسيكون هناك استشاري عالمي ضمن المشروع بمعية مستشار عالمي للبنية التحتية، وسوف تؤخذ كافة الظروف المتعلقة بطبوغرافية مكة، وبطبيعتها الموسمية للتنفيذ حتى لا تكون هناك عوائق للمشاريع الممتدة.

وأشار أمين العاصمة المقدسة إلى أن المشروع سيخفف كثيرا من مشاكل النقل، وستكون هناك وسائل نقل حديثة تنقل من كافة أنحاء العاصمة المقدسة إلى المنطقة المركزية، وسيكون هناك تفريغ لخارج المنطقة المركزية، مبينا أن النظم التي ستستخدم ستكون على أعلى المواصفات العالمية، مؤملا أن يحقق المشروع تطلعات القادة في السعودية.

وحول ما إذا كانت ثمة مخاوف من إصدار تجربة جديدة لقطار المشاعر المقدسة وما واكب ذلك من انتقادات، رد البار بأن ثمة تحالفات عالمية للفوز بتنفيذ المشروع، وسوف تكون هناك مرحلة لتأهيل المتقدمين ستعلن بعد ثلاثة أشهر، لاستقطاب مرحلة التأهيل، مؤكدا أن التحالفات العالمية كلها مدعوة للدخول، وبعد أن يتم التقييم وفق معايير محددة من قبل استشاري إدارة المشروع والمكتب التنفيذي للمشروع، حيث سيتم إعلان التحالفات الفائزة، متوقعا أن يخدم المشروع مدينة مكة المكرمة لعقود طويلة، وآملا استقطاب أفضل المشاريع العالمية بحكم أن مكة هي قلب ونبض العالم الإسلامي.

إلى ذلك قال خبراء في مجال النقل إن مترو العاصمة المقدسة سيكون متعدد الاستخدامات ما بين المعلق والسطحي وتحت الأرض، وسيفرض فاعلية هندسية تراعي طبوغرافية العاصمة المقدسة، بغية تلافي الحزام الجبلي للحرم المكي الشريف.

وقال الدكتور خالد آل أسرة، رئيس لجنة النقل في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن تصميم المترو سيعتمد على «المعلق»، موضحا أن مكونات مترو الأنفاق الأساسية للنقل المعلق مرنة بصورة كبيرة ويمكن تركيبها بسهولة، حيث تتكون من مقصورات وكابلات ومحركات وأبراج ومحطات للإركاب. وأفاد آل أسرة بأن الصعوبات الحالية التي تواجه عملية النقل في مكة المكرمة متمثلة في التطورات العمرانية، خصوصا في المنطقة المركزية، وزيادة الكثافة السكانية خارج المنطقة المركزية، إلى جانب التضاريس الجبلية الصعبة في مكة المكرمة ووجود مساحة محدودة للطرق ووسائل المواصلات في المنطقة المركزية.

وأشار رئيس لجنة النقل إلى أن ملف النقل في العاصمة المقدسة هو ملف حيوي تكاملي، لا تطغى فيه وسيلة على الأخرى، مبينا أنه علميا تكون وسائل النقل المختلفة تكاملية، حيث لا تعد عملية نقل الحجاج في المشاعر المقدسة كافية دون الاستعانة بالحافلات، لنقلهم من وإلى المشاعر المقدسة.

وقال آل أسرة إن الدراسات والبحوث التي أجريت في العاصمة المقدسة فيما يختص بملف النقل، أظهرت أن نسبة المشي لا تتجاوز 30 في المائة، مما يسهم في تفتيت الكتل المركبية، وهي أيضا نسبة تؤكد علو كعب وسائل نقل أخرى، مما يزيد عمليات الضغط على البنى التحتية. وذكر آل أسرة أن مكة دخلت جديا كأول مدينة سعودية ستدخلها خدمات نقل مختلفة ومتباينة، خصوصا في ظل الاعتماد الكلي على المركبات الصغيرة وما تثيره من تلوث في الأنفاق والمناطق المركزية.

بدوره قال سعد الجودي الشريف، خبير المنطقة المركزية، لـ«الشرق الأوسط» إن أهم السيناريوهات التي من الممكن أن تسعى فيها العاصمة المقدسة نحو جسرنة الوصول للحرم المكي، هي القطارات المعلقة التي من الممكن أن تكون أهم الحلول المقترحة التي من الممكن طرحها في الفترة الحالية، حيث ستكفل تلك الطريقة كسر الطبوغرافية المعقدة للجبال المسورة لجنبات العاصمة المقدسة، ناهيك بأن الأنفاق المعلقة لا تستخدم البنى التحتية وتعتبر هندسة فاعلة في العاصمة المقدسة.

وأشار الشريف إلى أن القطارات المعلقة هي طريقة لا تأخذ مساحات من الجزر الطرفية والسفلية، تعلق على أعمدة، شأنها في ذلك شأن قطار الحرمين وقطارات المشاعر المقدسة، تكون فيها الحركة متوازية ما بين الحركة الطبيعية للمرور وحركة القطارات، مشيرا إلى أن ثمة ثلاثة أنواع من القطارات قد تكون مستخدمة، وهي إما سطحية وإما معلقة وإما تحت الأرض.

وأشار الشريف إلى أن مكة تحتاج إلى ثلاثة قطارات دفعة واحدة، لمعالجة كثير من جغرافيتها، لا سيما أن وجود شبكات أرضية للكهرباء والصرف الصحي قد تشكل بعضا من تلك المعوقات، مؤكدا أن الصبغة النهائية لمترو مكة لم تأخذ حيز الجدية بشكل فاعل وقطعي.