الأعمال التطوعية تغير الصورة النمطية عن الشباب السعودي

يظهرون وقت الشدائد ولا ينتظرون مقابلا

متطوعات يظهرن وقت الشدائد ولا ينتظرن أي مردود («الشرق الأوسط»)
TT

يظهرون دون مقدمات أو ترتيب وسابق إعداد، معتمدين على مبدأ الواجب الإنساني الذي يدفعهم للنزول في أوقات غير محددة أو منسقة سلفا، هؤلاء هم الشباب المتطوعون الذين يبهرون المجتمع السعودي بأفعالهم وقت الشدائد والأزمات.

كارثة الرياض التي حدثت أواخر الأسبوع الماضي أعادت للأذهان الكوارث الطبيعية التي حلت بالسعودية، ومدينة جدة تحديدا، خلال السنوات السابقة، من خلال هؤلاء المتطوعين الذين نزلوا إلى أرض الواقعة، وقدموا خدماتهم ومساعدتهم للمصابين وللجهات المعنية خلال الحادثة.

فما إن وقعت حادثة شاحنة الغاز التي انفجرت شرق الرياض أواخر الأسبوع الماضي، حتى نهض الشباب القريبون من موقع الحدث لإنقاذ المصابين ومساعدة رجال الدفاع المدني في عملية الإنقاذ ونقل المصابين، كما قاموا بمساعدة رجال المرور من خلال تنظيم الطرق.

ورغم أن الحاثة وقعت في يوم عطلة الشعب السعودي، فإن ذلك لم يمنع نزولهم ووجودهم في الموقع بهدف العمل الإنساني الذي دفعهم لتقديم جل خدماتهم في وقت الحاجة.

وقدم الشباب الخدمات بجميع ما يملكون بدءا من أرواحهم ونزولا إلى ممتلكاتهم الخاصة، حيث قام الكثير منهم وتوجهوا إلى مكان الحادث مصطحبين طفايات الحريق الموجودة بسياراتهم، ومنهم من قام بنقل المصابين إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادث، وقاموا بالتبرع بالدم للمحتاجين المصابين.

كما قاموا بإنشاء صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليسهل عليهم نقل الأحداث وإبلاغ غيرهم من المتطوعين بما ينقصهم من خدمات، والأماكن التي يجب أن يتوجهوا إليها، سواء مستشفيات أو غيرها لتقديم المساعدة.

المتطوعون الذين يظهرون وقت الشدائد لا ينتظرون أي مردود لعملهم، كما بين أحمد عبد الرحمن طالب في جامعة الملك عبد العزيز وعضو في مجموعة شباب جدة التطوعية، أن عملهم عبارة عن واجب ديني وإنساني، يقدمونه للوطن وأبنائه.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا ننتظر أن يطلب أحد منا المساعدة، فهذا واجب على كل شاب وفتاة ينتمون لهذا الوطن، كما أننا لا ننتظر شكرا أو تقديرا على هذا الواجب».

وحول مشاركته في الأعمال التطوعية بين أن ثقافة الأعمال التطوعية ظهرت لدى الشباب منذ كارثة جدة الأولى 2009، حيث هم هو وأصدقاؤه أثناء السيول للنزول إلى أماكن الحوادث لتقديم المساعدة.

من جهته بين محمد الحسن أن الأعمال التطوعية تظهر معادن الناس وقت الشدائد، مشيرا إلى أنهم عند نزولهم إلى الميدان لتقديم المساعدات غالبا لا تكون الصورة واضحة لديهم، ولا حتى آلية العمل، وقال: «ولكن كل ما نعرفه أن من واجبنا أن نعمل ونساعد، والآن أصبح لدينا من بين كل عشرة شباب تسعة لديهم الحماس التطوعي».

العمل التطوعي يعلمنا دروسا لمعان إنسانية لم نكن نعرفها، هذا ما بينته آلاء السعيد إحدى الفتيات المتطوعات في مجموعة «غير حياتك»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تعلمنا من خلال العمل التطوعي قيمة الجماعة، حب تقديم الخير للناس، والبعد عن الأنانية المفرطة والتفكير بالنفس».

وأضافت: «بعد انتهاء كارثة جدة الأولى عملنا على تطوير أنفسنا وفكرنا بأن يكون لدينا آلية عمل، فقمنا بجمع البيانات الخاصة بالمتطوعين، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأنا صفحات خاصة بالتطوع ليسجل كل شخص لديه الرغبة في تقديم المساعدة معلوماته فيها، وعند الحاجة نتواصل معه»، مبينة أن الكثير منهم يأتي دون دعوة أثناء الحاجة.

من جهته طالب الحسن بأن يتم تفعيل قرار انضمامهم تحت مظلة واحدة، وقال: «منذ كارثة جدة الأولى ونحن نسمع عن مقترح إنشاء مظلة لتجمع المتطوعين، إلا أنه للآن العمل والجهد لا يزالان فرديين ولا يوجد أي جهة أو مظلة تضمنا». كما طالب بوجود بطاقات تعريفية لمجموعاتهم التطوعية تمكن الجهات من الاستعانة بهم في حال حدوث كارثة (لا سمح الله).

وأضاف: «لا شك أن كل سعودي وسعودية يفتخرون بتلك الأعمال التطوعية التي يقدمونها، خاصة أنهم تمكنوا من خلالها من تغيير الصورة النمطية المأخوذة عنهم (أنهم شباب مستهتر)، ولكن وقت الشدائد يظهرون، ووقت الجد يبرزون قدرتهم وجديتهم وتفانيهم في العمل».