موسم «إنفلونزا الحج» يزيد من بيع المضادات الحيوية من دون وصفات

في حين تحذر «الصحة» من صرفها

استخدام المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب يعود لقلة الوعي («الشرق الأوسط»)
TT

حذر استشاريون ومختصون في طب الأطفال من خطورة استخدام الأدوية والمضادات الحيوية دون الحاجة إليها، نظرا لما ينتج عنها من أضرار تتمثل في عدم جدوى هذه الأدوية مستقبلا حال احتاج إليها المريض، إضافة لما لها من آثار جانبية «لا تحمد عقباها»، وفقا لوصفهم.

وأكد الدكتور نصر الدين الشريف استشاري طب الأطفال، أن استخدام المضادات الحيوية دون الحاجة إليها يعود إلى قلة الوعي وعدم ثقافة الأسرة بمثل تلك المخاطر، إذا إن أغلبهم بات يعتمد على تلك المضادات حال شعر بارتفاع طفيف في درجة حرارة الطفل أو إصابته بالزكام.

ولفت الشريف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة أن يعلم ذوي المريض أن المضادات الحيوية لا تُصرف إلا وفقا لآلية معينة وأعراض مرضية تتمثل في وجود بكتيريا لدى المريض وليس فيروسا، والطبيب هو الشخص الوحيد الذي بإمكانه أن يحدد ما يعاني منه الشخص ويقرر نوعية العلاج، لذا لا بد من استشارته قبل أن يقرر تناول أي دواء.

وحول الآلية التي بموجبها يتم صرف الأدوية، لفت استشاري طب الأطفال إلى أن الطبيب يقوم بإجراء مسحة طبية للمريض في حال كان يُعاني من إنفلونزا أو ارتفاع في درجات الحرارة، ومن ثم يقوم بعمل مزرعة على تلك المسحة للتأكد مما إذا كان لدى المريض فيروس أو بكتيريا، كما أنه يحتاج في بعض الأحيان إلى إجراء تحاليل، وعلى أثر تلك النتائج يقرر صرف مضاد أو دواء حرارة وغيره.

وبين أن كثرة استخدام المضادات الحيوية من شأنها أن تضعف وتقلل المناعة لدى الطفل،.

وأضاف: «لذلك نحن نشدد على عدم صرف تلك الأدوية إلا بعد التأكد من مدى حاجة المريض لها»، لافتا إلى وجود بعض الأدوية التي يتحسس منها المريض، وهذا الأمر لا يظهر إلا بعد أن يجري الطبيب تحاليل للمريض لمعرفة إن كان هذا الدواء يناسبه أم لا.

وطالب الشريف بضرورة التثقيف الصحي وتوعية الأسرة بأن الدواء ليس هو العلاج، وقال: «غالبا ما يكون الدواء هو المتسبب في المرض، وذلك عندما يؤخذ دون وصفة طبية أو من دون داع، فهنا يكون سمّا قاتلا وليس دواء».

من جهته، بين أحمد سليمان الذي يعمل في إحدى الصيدليات أن هناك نوعين من الأدوية التي يتم صرفها من قبلهم؛ فمنها ما يعرف بالأدوية الوصفية التي لا يتم صرفها إلا بوصفة طبية، كالمضادات الحيوية وأدوية الضغط والسكري، والأدوية النفسية إضافة إلى أدوية الأمراض المزمنة.

وهناك أدوية تسمى لا وصفية، أي أنه يمكن للصيدلي أن يصرفها للمريض دون الحاجة إلى وصفة طبية، كأدوية الكحة والحرارة والمسكنات بشكل عام.

واستطرد سليمان: ولكن للأسف ما يحدث على أرض الواقع أن هناك بعض الأشخاص يستصعبون الذهاب للمستشفيات في حالات معينة معتاد عليها كالإنفلونزا والحرارة، هربا من الازدحام في العيادات أو من ثمن الكشفية والتحليل الذي قد يتوجب عليه دفعه، وفي آخر الأمر، يجد أن الطبيب سيصف له نفس المضاد المعتاد، «لذلك غالبية المرضى يتوجهون للصيدلية مباشرة وطلب الدواء أو المضاد».

وأضاف: «يقرر الصيدلي في بعض الأحيان صرف بعض الأدوية ومنها المضادات الحيوية في حال كانت مدة استخدام تلك الأدوية قصيرة المدى، أي لا تتجاوز الخمسة أيام وليس على فترات طويلة، لأن بعض المضادات الحيوية يتناولها المريض على مدى شهر فهذه لا نقوم بصرفها ولكن الأمراض المعروفة خاصة أمراض البرد والحرارة يستطيع بعض الصيادلة صرف أدويتها ومضاداتها وفقا لخبرتهم».

وقال: «هناك بعض الحالات التي تتكرر ونراها باستمرار، وهذه غالبا ما تكون أدويتها معروفة، فمثلا الآن موسم حج وتكثر أمراض الإنفلونزا والفيروسات، والأدوية التي يتم صرفها معروفة»، كما أن هناك بعض الأشخاص الذين يأتون للصيدليات ويطلبون مضادا يكون معتادا على تناوله في السابق حال تعرض لنفس الحالة؛ ففي تلك الحالات تقوم بصرف الدواء له دون وصفة.

إلى ذلك، أكد الدكتور سامي باداود، مدير عام الشؤون الصحية بمحافظة جدة أن النظام يمنع صرف الصيدلي للمضادات الحيوية دون وصفة طبية، حتى وإن كان المريض قد استخدم هذا العقار سابقا.

وأشار إلى أنهم في وزارة الصحة يسعون إلى توجيه الصيدليات لأن يتصرفوا وفقا للتعليمات، موضحا سعيهم إلى توعية المجتمع من خطورة التوجه للصيدلية مباشرة وطلب صرف المضادات دون إفادة الطبيب، لا سيما أن الأعراض التي قد يشعر بها المريض للمرة التالية وعلى أثرها توجه للصيدلية لصرف نفس الدواء، قد تكون عبارة عن أعراض مشابهة لمرض معين وهذا الأمر يعطل الكشف عن المرض الحقيقي.

وحول وجود جولات ميدانية وحملات على الصيدليات للتوعية والتأكد من تطبيق التعميمات، لفت مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة إلى أنهم يعتمدون على توعية الأطباء وجعلهم يتحملون المسؤولية من خلال الرقابة الذاتية إلى جانب الرقابة التي تقوم بها وزارة الصحة، وقال: «يكاد يكون من المستحيل علينا مراقبة 1200 صيدلية في جدة على مدار الساعة، لذلك فنحن نسعى إلى جانب الجولات المستمرة التي نقوم بها إلى جعل الصيدلي يشعر بالمسؤولية التي تقع على عاتقه حال تجاوب مع المريض وقام بصرف الدواء له دون وصفة طبية».