«التمور السعودية» تودع موسمها بارتفاع 20%

السوق تعتمد على «المكنوز».. وتجار يعملون فور انتهاء الإنتاج

تشهد سوق التمور السعودية ارتفاعات في الأسعار لاحت بالأفق فور انتهاء موسم الحصاد (تصوير: خالد الخميس)
TT

تتصاعد بشكل عكسي أسعار التمور في السعودية، عندما يقاس موسمها بانخفاض درجات الحرارة، فالعلاقة بينهما متنافرة، نظرا لارتباط موسم التمور بالارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، وبما أن فصل الشتاء قد بدأت نفحاته، فإن موسم التمور قد بدأ أفوله؛ إذ يعيش حاليا أيامه الأخيرة في الإنتاج بعد جني ثمار الموسم الماضي.

وستتحول بضاعة السوق خلال الفترة المقبلة إلى بيع المكنوز من التمور، الذي تم تخزينه عندما كانت السوق تغص بالمنتجات الطازجة، ذات الأسعار المنخفضة، إلا أن توقف الموسم قد حول رياح الأسعار إلى الارتفاع الملحوظ بعد إخراج المحفوظ، الذي تزيد أسعاره كلما زاد هبوب الشتاء، وقدر مهتمون في القطاع نسبة الارتفاع الحالية بأنها تتجاوز 20 في المائة، وأن السوق مرشحة ليصل إلى الضعف كلما ابتعد الموسم.

محمد التميمي الذي يمتلك مزرعة تمد السوق بأطنان من التمور، أوضح أنه وفور دخول الشتاء تبدأ أسعار التمور في التزايد بشكل تصاعدي، حيث إن الفصل البارد يخلف وبشكل مباشر فصل الصيف وهو الموسم الكبير الذي تصل فيه تجارة التمور إلى أوجها، وتزدهر لتمد السوق المحلية وتتجاوزها إلى الإقليمية والعالمية بالأنواع المختلفة، لافتا إلى أن البعض يقوم بتخزين التمور خلال ذروة الإنتاج، لتلافي ارتفاع الأسعار في الفترة التي تلي خراج الثمر.

ويضيف: «بوصف التمور وجبة أساسية تعتمد عليها الموائد السعودية، فإن ضرورة وجودها تجبر المستهلكين على قبول مضاعفات ارتفاع الأسعار، عندما يتوقف النخيل عن الإنتاج، ويبدأ التجار باستخراج المكنوز الذي احتفظوا بكميات منه بطريقة معينة، ليبقى صالحا للاستخدام طوال العام، لضمان إمداد السوق بالثمار طوال العام».

يذكر أن موسم التمور في السعودية، يوفر آلاف الوظائف الوقتية لكثير من الراغبين في العمل في قطاع التمور، الأمر الذي يجعل من موسمه فترة لا تعوض للالتحاق بالعمل في تجارة التمور، كما أن كثيرا من المصانع الكبرى تعرض فرص عمل مؤقتة للراغبين، مما يعني أنها فرصة لا تعوض للراغبين في تحصيل الأرباح بالنسبة للسكان المحليين.

من جانبه، أبان راشد الدوسري الذي يمتلك متجرا لبيع التمور، أن العديد من المحلات تعتمد في تحقيق إيراداتها على المكنوز، الذي يحفظ في مخازن معدة مسبقا للضمد حتى انتهاء الموسم، ومن ثم تعرض للبيع بأسعار مرتفعة، تزيد تدريجيا كلما ابتعد البيع عن الموسم الكبير الذي يتصادف مع فصل الصيف.

ودافع الدوسري عن ارتفاع الأسعار فور انتهاء الموسم، معللا بأن حفظ التمور وفق شروط وأماكن مهيأة عملية مكلفة، تحتاج إلى تغطية نفقاتها ومصروفاتها، إضافة إلى نقص معروض السوق، مقارنة بالطلب الذي يظل ثابتا طوال العام.

وبحسب دراسة أكاديمية سعودية سابقة، قدرت أعداد النخيل في السعودية بأكثر من 23 مليون نخلة تنتج أكثر من 950 ألف طن من التمور سنويا، وهي تشكل عشرة أضعاف استهلاك المملكة من التمور، وتوقعت الدراسة أن يصل عدد النخيل في المملكة إلى 30 مليون نخلة خلال السنوات المقبلة، بعد أن شهد هذا القطاع اهتماما من الدولة، وأن مستقبل التمور في المملكة واعد مع الطلب المتزايد وتطور الصناعات التحويلية.

وفي الشأن ذاته، قدر زيد النفجان، وهو متعامل في قطاع التمور، نسبة الارتفاع الحالي للأسعار بأنها تلامس 20 في المائة، على الرغم من عدم انتهاء الموسم تماما، وأن آخر المحصول لم يعرض للبيع بعد، إلا أنه معدل مرتفع، خصوصا في ظل وفرة إنتاج هذا العام، الذي خفض الأسعار إلى مستويات جيدة، واصفا الموسم الذي يوشك على الانتهاء، بأنه من المواسم الناجحة التي شهدت كثافة في العرض.

وحول توقعاته لمستقبل السوق، كشف النفجان أن الأسعار سترتفع لتصل إلى الضعف كلما تناقصت كميات المخزون، التي بدأت في الانتشار في السوق بشكل كثيف، وأنها ستكون النوع الوحيد خلال الفترة المقبلة، ناصحا المستهلكين بالمسارعة إلى الشراء، وحفظ الثمار بأنفسهم لتلافي ارتفاع محتمل في الأسعار، خلال الفترة المقبلة.

وتعتبر التمور من أكثر الثمرات التي تحرص الحكومة المحلية على الاهتمام بها وتطويرها، وتنظيم المهرجانات الخاصة بها، بوصفها إرثا غذائيا وموروثا ذا قيمة تاريخية. وتشتهر عدة مدن سعودية بإنتاج التمور أهمها القصيم والمدينة المنورة والأحساء وحوطة بني تميم، وتتخصص كل مدينة في إنتاج نوع من التمور يختلف عن إنتاج المدينة الأخرى، مما يجعل تنويع المعروض سمة رئيسية يتميز بها قطاع التمر السعودي.