«جامعيات» يحلمن بمغادرة طابور انتظار الوظيفة

خلال 10 سنوات: أكثر من 550 ألف خريجة سعودية مقابل 300 ألف خريج

550 ألف خريجة يمثلن مخرجات التعليم العالي خلال العقد الماضي بالسعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

رفضت مجموعة من الجامعيات العاطلات عن العمل اعتبار حقهن في الحصول على وظائف ملائمة لمستوياتهن العلمية نوعا من الترف أو الرفاهية الاقتصادية، مشيرات إلى أن الأمل يحدوهن في إيجاد وظائف مناسبة عبر البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن العمل «حافز»، وهو ما تشعر به المشتركة أثناء التسجيل من حيث تحديد مناطق العمل والخيارات الوظيفية.

وقالت ريم عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوظيفة تعد امتدادا للمرحلة العلمية التي تستغرق سنوات من الجهد والتخصص، معتبرة الوظيفة «تتويجا ومكافأة على السنوات الماضية في الدراسة»، إضافة إلى كونها وسيلة لرفع المستوى المعيشي لبعض الأسر، لذلك فليس من الإنصاف هدر درجة علمية كالبكالوريوس في وظائف متدنية الرواتب وبعيدة عن مجال التخصص العلمي أو التدريب.

أما منيرة السويلم فترى أن تساوي المؤهلات يقتضي تساوي الفرص الوظيفية، في إشارة إلى الوظائف التعليمية الإضافية على غرار تعليم الكبيرات الذي أسندت مهمته لمعلمات الفترة الصباحية، في حين تم إقصاء الخريجات العاطلات عن العمل عن التسجيل فيه.

في حين ذكرت فاطمة سالم أن مجال التعليم وحده قادر على تقليص نسب البطالة النسائية إلى حد كبير، وذلك عبر تقسيم نصاب المعلمة على معلمتين مثلا، خاصة عندما يفوق النصاب الـ20 حصة دراسية، بالإضافة إلى استحداث مسميات وظيفية مثل مرشدة طلابية، رائدة نشاط، وغيرهما من المهام التي توكل عادة إلى المعلمات.

وقد رحبت إخلاص الحربي بتعدد المجالات الوظيفية النسائية مؤخرا وفتح المجال أمام المرأة لمشاركة أوسع في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، لافتة إلى مسؤولية سوء بعض الإدارات ووقوفها حائلا أمام التوظيف وذلك من خلال المتطلبات شديدة التعقيد واشتراطات التوظيف المبالغ فيها، وأضافت «ترفضنا بعض القطاعات بحجة عدم اكتمال الشروط فتكون المفاجأة بعد ذلك بتوظيف من هن أقل كفاءة ومؤهلات، مما يعني أن المسألة ليست كفاءات!».

إلى ذلك، أشار عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري، لـ«الشرق الأوسط»، إلى التكلفة الباهظة الثمن للقصور في توظيف المرأة السعودية في الوظائف اللائقة بها، والتي يتكبدها الاقتصاد الوطني، لافتا للإحصاءات الرسمية حول مخرجات التعليم العالي خلال العقد الماضي حيث تجاوز إجمالي عدد الخريجات من جامعاته وكلياته نحو 550 ألف خريجة بمعدل نمو متوسط للفترة نفسها تجاوز 8 في المائة، وهو ما يمثل نحو 65 في المائة من إجمالي خريجي التعليم العالي، في مقابل نحو 300 ألف خريج من الشباب، ومعدل نمو متوسط بلغ 3 في المائة خلال الفترة نفسها، أي ما يمثل نحو 35 في المائة من الإجمالي.

وذكر العمري بأن حجم التكلفة الإجمالية التي تحملتها الحكومة في سبيل تنمية مواردها البشرية تجاوز خلال الفترة نفسها سقف 1.3 تريليون ريال، محققا معدل نمو متوسطا بلغ نحو 12 في المائة، موضحا أن هذه الأرقام تعكس حجم الأموال التي تنفقها الحكومة في مقابل الأعداد الهائلة من خريجات التعليم العالي مع العدد المحدود من الفرص الوظيفية المتاحة لهن. وأضاف أن ذلك أمر في غاية التعقيد بالنسبة لهن كمؤهلات حاصلات على الشهادات العلمية العليا، يصطدمن بعقبة انعدام أي أفق للحصول على مقعد وظيفي يستطعن من خلاله لعب الدور اللازم للدفع بمقدرة الاقتصاد الوطني نحو مزيد من التقدم والرخاء، مع عدم إغفال أهمية مساعدتهن لتحسين أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الشخصي، إضافة إلى دعم أسرهن والمساهمة في رفع مستواها المعيشي والاجتماعي.

وبيّن العمري أنه بالإمكان ووفقا للموارد المالية المتوافرة غير المسبوقة إضافة إلى الاحتياجات التنموية المتنامية الاستفادة من إمكانات المرأة وفق الضوابط الشرعية والاجتماعية التي تكفل لها العمل في بيئة مناسبة تتفق مع تلك الضوابط، معللا القصور في تحقيق ذلك بغياب السياسات الاقتصادية المتعلقة بالتوظيف والتوطين عن الواقع الحقيقي للاقتصاد واحتياجاته، ومن ثم فهي عبر ما يليها من برامج كـ«نطاقات» وغيره من البرامج والإجراءات معرضة للفشل الذريع نتيجة ذلك، وبالتالي فلا يتوقع أن تكون لها أي نتائج إيجابية ملموسة ما دامت بعيدة تماما عن الاستقراء الدقيق للتحديات ومتطلبات التنمية والتوظيف، ونوه باستحالة الخروج من هذه الحلقة المفرغة إلا بالمقاربة الفعلية والجادة للمتغيرات التي سبقت الإشارة إليها، عدا ذلك فإننا باتجاه مزيد من معدلات البطالة عموما بين السعوديين ومعدلات بطالة أكبر وأخطر بين صفوف النساء السعوديات.

وأشار العمري إلى الأرقام التقديرية المستندة إلى اتجاهات أعداد خريجي وخريجات التعليم العالي ومعدلات النمو خلال العقد الماضي والتي تشير إلى احتمال بلوغ أعداد خريجات التعليم العالي في السعودية خلال الفترة من 2012 وحتى 2022 نحو 3.1 مليون خريجة، وهو ما يتجاوز 65 في المائة من إجمالي العدد المتوقع للخريجين، فيما يتوقع أن يصل إجمالي أعداد الخريجين من الشباب للفترة نفسها نحو 1.4 مليون خريج، أي أن كل شاب يتخرج تقابله فتاتان تحملان نفس مؤهله، متسائلا عن احتمالية استمرار الوضع الراهن مستقبلا والمتمثل في التوافر النسبي للوظائف بالنسبة للشاب بالتزامن مع ضآلة وشح مثيلاتها بالنسبة للفتاة. وأكد على ضرورة استغلال الفرص وخلق المشاريع القادرة على تأمين وظائف بمستويات تتناسب مع مستويات العاطلات وليس التشجيع على توظيفهن في أسوأ الفرص الوظيفية.