تحركات سعودية لإنتاج سلع دقيقة منافسة في الأسواق العالمية

بالتزامن مع انطلاق المؤتمر السعودي الدولي لتقنية «النانو» 2012

يطلع المؤتمر كل الباحثين والمهتمين بتقنية النانو على آخر المستجدات والتطورات في هذا المجال («الشرق الأوسط»)
TT

تحتضن العاصمة الرياض، غدا الأحد، فعاليات المؤتمر السعودي الدولي الثاني للتقنية متناهية الصغر (النانو)، الذي تنظمه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والرامي إلى بحث عدد من الموضوعات المتعلقة بتطورات تقنية النانو والخطط المستقبلية في هذا المجال، وذلك بمبادرة شخصية من خادم الحرمين الشريفين لدعم مراكز ومعاهد الأبحاث التقنية في البلاد.

وأكد الدكتور أحمد اليماني، المشرف على المركز الوطني لبحوث التقنيات متناهية الصغر (النانو)، في تصريح خص به «الشرق الأوسط»، أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قامت بوضع خطة استراتيجية وطنية لتقنية النانو في إطار الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار، التي حرصت على الاستفادة من مخرجات هذه التقنية من أجل تعزيز الاستثمار التجاري المربح وصولا إلى إنتاج سلع قادرة على التنافس في السوق العالمية.

ومن الناحية الاقتصادية لتقنية النانو وأثرها على الاقتصاد الوطني، بيّن الدكتور يماني أن مبيعات سوق تقنية النانو في العالم تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، مشيرا إلى أن السعودية ومن خلال الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية تضع نصب أعينها إحداث نقلة نوعية في اقتصادها الوطني وتنويع مصادر الدخل عن طريق تسويق مخرجات هذه الأبحاث.

وعن تسويق منتجات تلك التقنية مستقبلا، أوضح المشرف على المركز الوطني لتقنية النانو أن «الباحثين بطبيعتهم عادة ما ينهمكون بشكل كبير في الجانب العلمي من الأبحاث ويهملون الجانب التجاري أو الاقتصادي فيها، ومن هنا كان لا بد من وجود جهات تعمل على مساعدتهم بتحويل نتائج أبحاثهم إلى بضائع ومنتجات قابلة للتسويق»، مبينا أن «المدينة خطت خطوات حقيقية تعتبر مميزة ورائدة، من خلال العمل على تأسيس الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني (تقنية)، إذ صدرت موافقة المقام السامي العام المنصرم على تأسيس هذه الشركة، بحيث تركز فيه على استثمار وتسويق مخرجات الأبحاث العلمية، بالإضافة إلى إنشاء برنامج يعنى بتبني واحتضان المشاريع ذات الطابع التقني والمساهمة أيضا في إنشاء الشركات التقنية الصغيرة والمتوسطة الحجم».

ولم يخفِ الدكتور يماني الأهمية الاقتصادية لتلك التقنية، مؤكدا أن مبيعات سوق تقنية النانو تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، مبينا أن السعودية ومن خلال الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية تضع نصب أعينها إحداث نقلة نوعية في اقتصاد البلاد وتنويع مصادر الدخل عن طريق تسويق مخرجات هذه الأبحاث مستقبلا.

واعتبر الدكتور يماني أن هذا المؤتمر فرصة جيدة للاستفادة من مخرجاته، خاصة في ما يتعلق بالتعاون مع العلماء المتميزين الذين تمت استضافتهم، كما يتوقع أن ينتج عن ذلك تعاون بين الباحثين في المراكز البحثية والعاملين في القطاع الصناعي. وأضاف «تكمن أهمية المؤتمر في كونه يطلع الباحثين والمهتمين بتقنية النانو على آخر المستجدات والتطورات في هذا المجال والتي أنجزت حتى الآن، وذلك عبر عدد من المحاضرات التي يلقيها عدد من العلماء من داخل وخارج المملكة، فضلا عن ورشة العمل المصاحبة والتي تعنى بمبادئ تقنية النانو وتطبيقاتها في حياتنا اليومية»، مبينا أن المؤتمر تضمن 28 ورقة علمية لمناقشة العديد من الأبحاث ذات العلاقة وعلى وجه الخصوص المواد النانوية وطرق تصنيعها وتطبيقاتها، والخلايا الشمسية وآخر المستجدات في هذا المجال.

وأوضح الدكتور يماني أن الضرورة الاستراتيجية لهذه التقنية تركز اهتمامها واستثماراتها في البحث والتنمية في هذه التقنية بشكل خاص، والتقنيات المختلفة بشكل عام، وذلك من أجل الانتقال من اقتصاد قائم على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد قائم على المعرفة، مشيرا إلى وجود تعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ومع الجامعات السعودية والجهات الأخرى من القطاع الصناعي، حيث قامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بوضع استراتيجية وطنية لتقنية النانو في إطار الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار، وحرصت هذه الخطة على التأكيد على الاستفادة من مخرجات هذه التقنية بحيث تعزز الاستثمار التجاري المربح وصولا إلى إنتاج سلع قادرة على التنافس في السوق العالمية.

وزاد «يستهدف المؤتمر شريحة واسعة من الباحثين والباحثات في مجال تقنية النانو وأيضا العاملين بالقطاع الصناعي، إذ سيتم عرض عدد من التجارب الناجحة في تحويل عدد من الأفكار إلى منتجات ذات مردود اقتصادي»، مشيرا إلى أن انعقاد هذا المؤتمر في هذا الوقت بالتحديد يعتبر فرصة جيدة للتعرف والتعاون مع العلماء المتميزين الذين تمت استضافتهم، كما يتوقع أن ينتج عن ذلك تعاون بين الباحثين في المراكز البحثية والعاملين في القطاع الصناعي.

وأشار إلى أبرز التحديات التي تواجه مثل هذه التقنية، والتي تكمن في عدم توافر الباحثين المتميزين في تلك المجالات، والكلفة العالية للبنية التحتية من معامل وقلة الكوادر المدربة لتشغيل وصيانة هذه المعامل. بالإضافة إلى الصعوبات التي تواجه الباحثين والمهتمين بهذه التقنية والمتمثلة في ضعف تنسيق وتوحيد الجهود على المستوى الأكاديمي والصناعي، نظرا لتعقيد علوم وتقنيات النانو والكلفة العالية لأجهزة التصنيع والتشخيص، مبينا أنه من الصعب بمكان أن تعمل الجهات البحثية وحدها إذ لا بد من تضافر الجهود مع بعضها البعض حتى تستطيع تسخير الموارد المتاحة في كل جهة للخروج بمنتجات تستطيع أن تنافس مثيلاتها في الأسواق العالمية.

وتعرف تقنية النانو بأنها التقنية التي تتعامل مع الأجسام ذات الأبعاد المتناهية في الصغر، وكلمة النانو متر على سبيل المثال هي عبارة عن وحدة قياس مثلها مثل السنتيمتر أو المليمتر، حيث يحتوي المتر الواحد على مائة سنتيمتر أو ألف ملليمتر. ومن عظمة الله أن تقنية النانو موجودة منذ أن خلق الله الكون ولم يستطع العلماء معرفة ذلك إلا مع تطور الأجهزة التي استطاعت أن تصور لنا ما يحدث في عالم النانو إن جاز التعبير. فعلى سبيل المثال الحمض النووي الموجود في جسم الكائن الحي يتراوح حجمه في حدود 20 نانو متر، وكثيرا ما نلاحظ قدرة بعض الحشرات والزواحف على التنقل والتسلق بمختلف الاتجاهات من دون أن تتعرض للسقوط. واكتشف العلماء أن هذه الكائنات تستخدم ما يعرف في مجال الفيزياء بروابط أو قوى «فان دير فالس» إذ إن أرجل هذه الكائنات مغطاة بشعيرات متناهية في الصغر بأعداد كبيرة جدا تمكنها من الالتصاق والتنقل بكل سهولة. أو مثل أوراق شجرة اللوتس التي لديها شعيرات نانوية تقوم بتنظيف نفسها بنفسها عن طريق انسياب قطرات الماء حاملة معها الأوساخ المتراكمة على الورقة. ومن الجدير ذكره هنا أن العلماء درسوا هذه الظاهرة بشكل معمق واستطاعوا تصنيع ملابس طاردة للماء وكذلك طلاءات للمباني والسيارات.