جدة: حفريات تستقبل المركبات.. وآبار ارتوازية تهدد الأحياء

البلاغات تستمر لأشهر.. والصرف الصحي تحت الانتظار

TT

في الوقت التي تشهد فيه محافظة جدة عددا من المشاريع التنموية في مجال الطرق وتغيير بعض الميادين وتدشين الأنفاق والجسور فإن الحديث المشترك في مجالس الأسر الجداوية حول شوارعها وتعدد حفرياتها بات يهدد المركبات إما بالسقوط أو إنقاص عمرها الافتراضي جراء الصدمات التي تمر بها مئات المركبات بشكل يومي.

وفي حين بذلت الجهات المسؤولة في المحافظة محاولاتها لبناء شبكة الصرف الصحي بخطة واحدة شاملة لجميع الأحياء تفاديا للأخطاء في البنى التحتية وتغيرها بشكل سريع، نتج عن ذلك فتح وتكسير نسبة كبيرة من شوارع جدة الرئيسية والجانبية في وقت واحد على مدار الأربع والعشرين ساعة، مما خلق العديد من الحفريات والتحويلات التي تعمل بشكل بدائي. وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» في أحد الشوارع الرئيسية، تتربص «حفرية» بزبائنها أمام مطعم للمأكولات، وقد تسببت في تهالك وسقوط أكثر من 5 مركبات بحسب العمالة الموجودة في المطعم، حيث تربصت هذه الحفرة منذ أكثر من 4 أشهر لزبائن المحل دون تدخل من الجهات المسؤولة، حيث وُضعت أمام أعين الزبائن داخل المحل ورقة مدون فيها بلاغان قدما لعمليات أمانة محافظة جدة، وإلى حين كتابة هذا التقرير لم تتم المعالجة.

وقال عامل المحل «كل من يأتي إلى المحل يتذمر من ذلك المنظر ويطالب بشكل مستمر إبلاغ الأمانة، مما دفعنا لشرح المأساة على ملصق برقم بلاغيين مقدمين للأمانة لكثرة الأسئلة، ولكن مع الوقت فقط سقطت أكثر من 5 مركبات وسببت تلفيات لأصحابها». وأضاف عامل المحل «أصبحنا بمعزل عن زبائننا، بل فقدنا العديد منهم جراء تلك الحفرية التي قمنا وبشكل اجتهادي بوضع (كنب) أمامها، لكي يحرص الزبائن أو من يريد الوقف في الشارع الابتعاد عن حوافها الآيلة للسقوط أيضا، ونتمنى من كل زبائننا التعاون معنا بعد أن تذمروا من التلفيات التي لحقت بهم والمنظر غير الحضاري إطلاقا».

في المقابل، وعلى الصعيد ذاته، تهدد آبار ارتوازية عددا من الأحياء السكنية في المحافظة بكارثة كبرى قد تتراكم مع مر السنين لتكون فوهات تتسبب في سقوط المركبات والبشر أيضا جراء عجز في إمدادات العديد من الأحياء بوسائل الصرف الصحي، مما دعا بعمالة مخالفة للقيام بحفر آبار ارتوازية عوضا عن مجاري المياه التي لا تزال إلى الوقت الراهن تحت التنفيذ، بحسب ما صرحت به الجهات المعنية بذلك.

فهد الشهري، أحد السكان المستأجرين في حي الصفا شرق المحافظة، يقول «لقد استنزفت مبالغ صهاريج الصرف الصحي جيوبنا، والتي قد تصل على كل مستأجر سنويا لنحو 2000 ريال، لكي يتم نقل مياه الصرف الصحي إلى الأماكن المخصصة لها من قبل الأمانة. ومع مرور الوقت وجدنا أن هناك طرقا قد تخفض ذلك المبلغ مع فقدنا للأمل في الوعود من قبل الأمانة بإنهاء الأزمة من خلال عمالة تقوم بحفر بئر يبلغ طولها نحو 10 أمتار لكي تتحول المياه إليها وتستمر نحو عامين إلى ثلاثة، وبمبلغ قد لا يتجاوز الـ200 ريال على كل ساكن في العمارة».

وأضاف الشهري أن «هذه الظاهرة مع توفيرها للعناء والمبالغ المادية فإنها تهدد بسقوط وانحدارات في الشوارع، فقد عملنا على 4 آبار أمام المبنى نظرا لارتفاع منسوبي المياه وانخفاض مدة الاستفادة من البئر، مقابل أن المباني المجاورة على المسار نفسه تعمل بهذه الطريقة، مما يهدد بوقع كارثة لا قدر الله».

بدوره، تحدث أحد العمالة المخالفة والذي يقوم بحفر الآبار قائلا «إن عملنا غير نظامي، لكن هناك طلبات كبيرة على هذه الآبار نظرا لارتفاع سعر الصهاريج وتأخر مشاريع الصرف الصحي، ففي بعض الشوارع بلغت الآبار أكثر من 10 آبار منذ أكثر من 10 أعوام إلى الآن، وقد ارتفع منسوب المياه مما قلص عمق البئر التي نقوم بحفرها من 13 مترا إلى نحو 7 أمتار، ونجد حينها مياها جوفية فلا نستطيع إكمال الحفر».

وزاد «العميل يقوم بشكل أسبوعي وأقل من ذلك أحيانا بطلب صهريج مما قد يكلفه أكثر من 8 آلاف ريال سنويا، ونحن نقوم بعمل هذه البئر التي تستمر لأكر من عام بـ2000 ريال في أوقات نضمن عدم مرور الجهات الرقابية فيها حتى لا نغرم بمبالغ نظرا للمخالفة».

في المقابل، وضعت شركة المياه الوطنية خططها الاستراتيجية المستقبلية في المنطقة الغربية، حيث رصدت نحو 36 مليار ريال لدعم مشاريع المياه والصرف خلال السنوات الـ4 المقبلة، وبدأت في تنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي، وتمكنت في محافظة جدة من تحديد المخطط الزمني لمشاريع التوصيلات المنزلية لمدينة جدة خلال مراحلها، وصولا لتغطية المدينة في 2015 من هذه التوصيلات، بما مجموعه 132 ألف توصيلة منزلية، حيث أنهت حتى الآن أكثر من 11400 توصيلة صرف صحي منزلية، من خلال إبرامها عددا من العقود لأحياء البوادي والسلامة والمروة، ضمن المرحلة الأولى من تنفيذ التوصيلات المنزلية للأحياء الواقعة في المنطقة الشمالية الوسطى والواقعة بين شارع فلسطين جنوبا، وحدود الصالة الملكية شمالا، كما تتضمن المرحلة الأولى من التوصيلات المنزلية تنفيذ 60 ألف توصيلة منزلية تنتهي بنهاية عام 2013، حيث عملت الشركة على طرح عدد من العقود لاستكمال تنفيذ المرحلة الأولى، ويجري حاليا إنهاء إجراءات تسليم المواقع للمقاولين للبدء في التنفيذ.

وبينت الشركة أن المرحلة الثانية من التوصيلات المنزلية سيتم البدء في تنفيذها في منتصف عام 2013، والتي تشمل تنفيذ نحو 72 ألف توصيلة صرف صحي منزلية، ليصبح الإجمالي في نهاية عام 2015، نحو 132 ألف توصيلة منزلية تدخل حيز الخدمة تدريجيا. وبذلك تتم تغطية محافظة جدة بما نسبته 72 في المائة من شبكات الصرف الصحي. والمرحلة الثالثة والأخيرة من منظومة الصرف الصحي ستبدأ في عام 2015، وذلك بتركيب نحو 30 ألف توصيلة منزلية للأحياء الواقعة (جنوب مدينة جدة)، ونحو 50 ألف توصيلة منزلية للمنطقة الشمالية للأحياء الواقعة (أقصى شمال جدة) وحينها ستصل نسبة التغطية في مدينة جدة إلى ما نسبته 80 في المائة.

يذكر أن نسبة المناطق المغطاة بشبكة الصرف الصحي في جدة بلغت 22 في المائة من المساحة المأهولة بالسكان، بما يمثل 72500 توصيلة منزلية، وستصل في نهاية العام الحالي لنحو 46 في المائة من المساحة المأهولة بالسكان في جدة.