تحميل الجامعات مسؤولية ندرة المترجمين الفوريين

مشاركون في ملتقى جامعة عفت يتهمون مؤسسات التعليم العالي بإهمال الترجمة

TT

أكد مختصون في مجال الترجمة الفورية، معاناة العالم العربي من ندرة وجود الكفاءات المؤهلة في مجال الترجمة الفورية، وأرجعوا ذلك إلى قلة الاهتمام بهذا المجال من قبل الجامعات.

وخلص مشاركون في الملتقى الأول للترجمة الفورية الذي نظمته جامعة عفت أمس تحت شعار «الترجمة واللغات وأثرها في الثقافات» إلى أن إهمال الجامعات لأقسام الترجمة، وراء شح الكوادر في السعودية خاصة والعالم العربي عامة، على الرغم من الحاجة المتزايدة في ظل العولمة والتقنيات الحديثة التي تستلزم وجود مترجمين فوريين لأكثر من لغة، خاصة أن أقسام الترجمة إن وجدت في بعضها فهي تعتمد فقط على اللغة الإنجليزية مما يعني أن البيئة غير مهيأة لدخول لغات جديدة.

وبينت الدكتورة عفت خوقير أستاذ الترجمة المشارك بجامعة أم القرى أن الجامعات السعودية بشكل خاص تعاني قلة الاهتمام بمجال الترجمة وأقسامها مقارنة بالثمانينات من هذا القرن.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، «أحرزت الجامعات السعوديات تقدما ملحوظا في مجال الترجمة خلال الثمانينات، ولكن للأسف هذه الأقسام تم إلغاؤها على الرغم من أهمية وجودها الآن».

وأضافت: «على سبيل المثال في السابق كان من متطلبات قسم الترجمة أن يدرس أربع مستويات للغات مختلفة إلى جانب الإنجليزية، ولكن الآن ألغيت الأمر الذي يعود سلبا على مستقبل الترجمة».

من جهته بين الدكتور أحمد خضرو أستاذ قسم الترجمة الفورية بجامعة عفت أن الترجمة الفورية تعتبر من أصعب أنواع الترجمة خاصة أنها تحتاج إلى محصلة وخزين كبير من المصطلحات والكلمات، لافتا إلى قلة المترجمين الفوريين في العالم العربي على الرغم من حاجتنا.

وأوضح خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المترجم الفوري لا بد أن يحضر نفسه قبل الحدث الذي سيقوم بالترجمة خلاله، قبل يومين أو ثلاثة من دخوله، بأن يتعرف على بعض الكلمات والمصطلحات باللغة التي سيترجم منها واللغة التي سيترجم إليها حول الحدث، إضافة إلى الإلمام بأسماء الأماكن والمعلومات المستخدمة في هذا المجال.

مشددا على أهمية أن ينتبه المترجم لفرق المصطلح من لغة إلى أخرى لأن هناك بعض المصطلحات لها أكثر من معنى أيضا، لذا لا بد أن يحضر للموضوع أو الحدث من خلال القراءة ومتابعة وسائل الإعلام.

وبين أن الممارسة وإعداد المترجم بشكل جيد يعتبران من أهم الأسباب اللاتي تدعم نجاح عملية الترجمة، لافتا إلى أن أغلب المشاكل التي يقع فيها المترجمون الفوريون تتمثل في مرور كلمات أثناء الترجمة لم يكن قد اطلع عليها مسبقا.

وبين أن ترجمة الأخبار والمواضيع السياسة غالبا ما تحتاج إلى أن يكون المترجم منتبه لما يقال من الطرفين، خاصة عندما يقوم أحدهما بشتم الآخر «وهذا الأمر لا يتوقعه المترجم» ويخشاه عادة، ويجعله يحتار على الرغم من ضيق الوقت في كيفية إيصالها، خاصة إن كانت سيترجم لمسؤولين أو رؤساء دول.

ولفت خضروا إلى وجود إقبال كبير جدا مؤخرا على تعليم الترجمة في السعودية لا سيما من قبل الفتيات واللاتي غالبا ما يكن أكثر جدية في تعلم مثل هذه الأمور، موضحا أن الفتيات بشكل عام لديهن قابلية وحب للتعلم.

وحول نسبة المترجمين الفوريين في الخليج العربي ومدى كفايتهم بين أستاذ الترجمة الفورية أنه لا يوجد في الخليج العربي الآن مترجمون فوريون يمكن أن يذكروا لأن عدد الذين تدربوا عليها ضئيل جدا. وقال: «يمكننا القول إننا الآن قد بدأنا في مدخل للترجمة في هذه الدول».

وأوضح أن الأوضاع التي يمر بها العالم العربي تحديدا ساعدت على انتشار الترجمة من العربية إلى لغات مختلفة مما يعني أنها باتت تساوي اللغة الإنجليزية اليوم، نافيا ما قيل حول تساوي اللغة الصينية للإنجليزية في هذا المجال.

وبين أنه لمس من خلال عمله في مجال التعليم أن الطلاب والطالبات لغتهم العربية أسوأ من الإنجليزية من حيث الأسلوب والقواعد، مرجعا ذلك إلى عدم تأسيسهم جيدا في ذلك، وقال: «الطالب لا يستطيع أن يفرق مثلا بين ما يجب أن تكون عليه جملة (هناك رجلا) هل تكتب (رجلا) بتنوين الفتح أم رجل بتنوين الضم»، مؤكدا أن هناك نوعا من هجوم اللغة الإنجليزية على اللغة العربية بسبب ما يسمى بمواكبة العصر من حيث التكنولوجيا، مبينا أنه يمكن للشخص أن يعرف معنى «جالكسي» بينما من الصعب عليه أن يعرف معنى كلمة «مجرة».

وفي السياق نفسه بينت الدكتورة سناء عبد العزيز رئيسة قسم اللغة الإنجليزية والترجمة بجامعة عفت أن قسم اللغة الإنجليزية والترجمة بشكل عام يجد إقبالا ملحوظا من قبل الطالبات، متسائلة عن عدم الاهتمام بإيجاد مثل هذه الأقسام التي تعتبر مهمة جدا في الجامعات السعودية.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» هناك قصور من الجهات التعليمية في المملكة بأقسام الترجمة ولا أعرف السبب، وأكدت عزمهم على افتتاح قسم الترجمة الفورية لطلبة الماجستير خلال العام المقبل، نظرا لأهميته وحاجة الطلاب لوجوده.

وبينت أن نسبة الكتب التي تترجم من العربية للإنجليزية أو للغات أخرى وفقا لآخر إحصائية صدرت العام الماضي تعتبر ضئيلة جدا الأمر الذي دعاهم لإقامة مثل هذا الملتقى الذي سيعتبر انطلاقة لهذا المجال في السعودية. يشار إلى أن الملتقى يستهدف تحقيق رسالة ورؤية قسم اللغة الإنجليزية والترجمة، إلى جانب تعزيز مكانة الترجمة التي باتت تلعب دورا حيويا في جميع مناحي الحياة.