متخصصات نفسيات: العلاج النفسي والديني والبيئي مطلب حتمي لمواجهة تعنيف الأطفال

TT

دعت متخصصات نفسيات كل من يقسو على الأطفال ويحمل تصرفات عدوانية بشعة ضدهم إلى الإسراع به للعلاج النفسي والديني والبيئي، وتأتي تلك الدعوات وسط تداعيات لقضية الطفلة لمى، والتي تعرضت لعملية تعنيف من قبل والدها أودت بحياتها، وتناقلت قصتها أوساط إعلامية ومجتمعية عديدة محليا.

من ناحيتها، أكدت لـ«الشرق الأوسط» الدكتورة بسمة حلمي متخصصة نفسية وتعديل سلوك أطفال، أن «ظاهرة السلوك العدواني الموجهة نحو الأطفال هي أحد المعالم النفسية اللاسوية، التي تصطبغ بها شخصية الشخص المربي أو الراعي غير السوي ودليل على انتشار الشخصيات التي يطلق عليها (السادية)، وهي التي تتلذذ بضرب الآخرين وتعذيبهم».

ودعت حلمي من يتلذذ بالقسوة على الأطفال وتعذيبهم مثل «والد لمى» إلى التوجه به للعلاج النفسي والديني والبيئي، مع أخذ التدابير اللازمة والطرق الفعالة للحد من تكرار هذه المآسي، وذلك ينذرنا برؤية مستقبلية لوضع مجتمعي مهدد بالخطر من هؤلاء.

وزادت قائلة «كلما تطورت الحياة وتطور العلم تطورت معه أساليب القسوة والتعذيب الموجه نحو الأطفال وأكثر ما تكون هذه القسوة من الأم والأب ومشاركة الإخوة والأخوات وزوجة الأب وكأنهم فهموا الدين بطريقة خاطئة كما لو كانوا مسلمين قولا وليس عملا وتناسوا أن (الدين المعاملة)».

وقالت لـ«الشرق الأوسط» الدكتورة هناء حكمي متخصصة العلاج النفسي، إن سبب قتل الطفلة المعنية يرجع إلى تلك العلاقة ما بين الأم والأب، حيث إنهما منفصلان وكثيرا من الأسر التي ينتهي بهم الأمر بالانفصال تنشب بينهم الكثير من النزاعات والحرب النفسية، والمشكلة الأعظم هي وجود أبناء بين الطرفين مما قد يجعل هؤلاء الأبناء يعيشون في ظلم وتسلط أهاليهم عليهم والعناد الذي بينهم، ومحاولة كلا الطرفين أن يجذب الأبناء تجاهه أو ينتقم من الطرف الآخر عن طريقهم.

وقالت حكمي إنه «في مثل هذه العادات يجب أن نبدأ بمعرفة سبب وطريقة الانفصال والحالة النفسية والعقلية التي كان عليها الزوجان قبل الانفصال، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الطب النفسي قد يعزي بعض حالات العدوان إلى أمراض نفسية أو عقلية، لكن ما حدث للمى يظهر أنه تجاوز هذا الأمر، فهي جريمة يحق للقانون النظر فيها من جميع الجوانب ابتداء من الجانب الشرعي لنشر العدل والحق.

ودعت حكمي إلى تقليل جانب القسوة حيث إن الوسائل التي تعين على ذلك هي احتواء الأطفال بفهم احتياجاتهم العمرية والنفسية وبإتقان الطريقة التي نتعامل معهم بها وفهم العواقب المترتبة على التعامل معهم بشكل سلبي، مضيفة أنه «يجب أن يكون التعامل وفقا لاستراتيجية مسبقة يدركها الآباء من خلال الاطلاع أو الاستشارة بهذا الشأن، حتى تكون هناك بيئة إيجابية تخرج أجيالا يتمتعون بصحة نفسية، وتفكير صحي».

ونادت المتخصصات النفسيات من هذا المنطلق المجتمع للتحرك للحد من هذه المشكلات، داعين لوضع خطط استراتيجية تضمن سلامة الأفراد والأبناء والأسر بشكل فعلي، وذلك بتشكيل لجان خاصة ومؤسسات تشمل جميع المختصين النفسيين والاجتماعيين والشرعيين لإقامة دورات وورش عمل ما قبل الزواج واستخراج رخصة تأهيل لكل من الزوج والزوجة وتطوير مهارات بناء الحياة الزوجية وأساليب التربية الصحيحة والسعي لتكوين أبناء ذوي شخصيات قيادية فعالة وصالحة لبناء المجتمع، فنهنأ باستقرار نفسي داخل المجتمع.