توقعات بتراجع «العمل» عن فرض رسوم ازدياد الأجانب عن السعوديين

خبراء ومختصون يؤكدون تأثر الشركات المتوسطة والصغيرة سلبا من القرار

TT

رجح اقتصاديون ومختصون في قطاع الأعمال، تراجع وزارة العمل عن قرار فرض رسوم على شركات القطاع الخاص العاملة في البلاد، التي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة عن الموظفين السعوديين، بمبلغ شهري 200 ريال عن كل عامل؛ وذلك خلال الأشهر الأولى من تطبيق القرار.

ورأى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة تعجلت في اتخاذ القرار، دون قراءة مستفيضة لواقع السوق المحلية، مع تقييم برامج الوزارة التي أطلقتها في وقت سابق كحافز، ونطاقات، خصوصا أن القرار يشمل الشركات المتوسطة والصغيرة».

ولفت الخبراء إلى ضيق الفترة الزمنية التي أقرتها وزارة العمل، واعتبروها غير كافية، للإحلال، ما سيؤثر سلبا على الشركات المتوسطة والصغيرة، وخروجها أو تدني مستواها في الفترة الأولى من تطبيق القرار.

وكانت وزارة العمل السعودي، أقرت نهاية الأسبوع الماضي، فرض رسوم مالية على شركات القطاع الخاص التي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة عن الموظفين السعوديين، وذلك بهدف رفع مستوى توطين الوظائف في القطاع الخاص، وهو النهج الذي ستتبعه الوزارة، على حد قول وزير العمل، في وقت سابق، من سن أنظمة جديدة من شأنها التحفيز على توظيف السعوديين في حال عدم نجاح القرار المتعلق بفرض رسوم جديدة على الشركات التي لديها عمالة وافدة يزيد عددها عن السعوديين.

ويرى الدكتور عبد الوهاب أبو داهش الخبير في الشأن الاستثماري، أن قرار وزارة العمل، جاء في وقت عمدت فيه الوزارة إلى تطبيق سياسات قوية، وكان يتحتم تقييم برنامجي حافز ونطاقات، والبرامج الأخرى لدى الوزارة على سوق العمل السعودية، قبل اتخاذ الرسوم الجديدة وبدء تطبيق القرار.

وأشار أبو داهش إلى أن الضربة ستكون موجهة للشركات المتوسطة والصغيرة، التي يقوم عليها الاقتصاد السعودي، وتنخفض فيها نسب السعودة مقارنة بالشركات الكبرى، خاصة أن الفترة الزمنية التي أقرتها وزارة العمل لتطبيق القرار ضيقة بشكل لا يمكن خلاله إحلال السعوديين بالوظائف، تحديدا الأعمال الفنية التي تحتاج إلى ممارسة في إنجاز العمل المناط بالموظف.

وأضاف «قبيل إصدار وزارة العمل لقرار مماثل، يجب أن تتوفر المعلومات الكافية عن العمالة السعودية في السوق، وأن تتأكد من نضج برامجها ومساهمتهما في حل البطالة، مع التريث والتدبر في إصدار قرار الرسوم، والذي سينعكس سلبا على الاقتصاد السعودي».

وأوضحت وزارة العمل أن آلية تطبيق قرار الرسوم يتم من خلال احتساب متوسط عدد العمالة الوطنية، وعدد العمالة الوافدة للمنشأة، تحت الرقم الموحد وليس تبعا للكيانات المختلفة في برنامج «نطاقات»، على أن يتم احتساب متوسط عدد العمالة الوطنية المدفوع عنها التأمينات لآخر 13 أسبوعا عند إصدار أو تجديد كل رخصة عمل، ويتم تقريب الرقم إلى أعلى رقم صحيح بعد حساب الفئات الخاصة.

واستثنت الوزارة من قرار الرسوم الجديد، العمالة المنزلية، والعمالة الوافدة من أبناء وبنات المواطنات، ولا يتم احتساب التأشيرات الموسمية وتأشيرات الزيارة عند احتساب المقابل المالي، فيما تدفع الرسوم مقدما لمدة عام مقدم، بواقع 2400 ريال سنويا، - 200 ريال شهريا - عن كل إصدار أو تجديد رخصة عمل، وهو مستقل عن رسوم إصدار وتجديد رخص العمل.

وهنا يقول الدكتور لؤي الطيار، الخبير والباحث الاقتصادي، إن مثل هذه القرارات وإن كانت عائداتها المالية، بسيطة، إلا أنها ستؤثر بشكل أو بآخر على الاستثمارات الموجودة في السوق السعودية، والمقبلة للاستثمار، خاصة مع ما تقدمة الجهات المعنية من تسهيلات كبيرة للاستثمار الأجنبي، هذا إذا ما علمنا أن غالبية الاستثمارات تكون في نطاق متوسط، أو مشاريع ذات عمالة محددة.

وأضاف الطيار أن عددا من المصانع التي يتملكها نسب كبيرة من مستثمرين، ومدرجين في هيئة الاستثمار، هي مصانع ذات طابع تقليدي، وتكثر فيها العمالة الوافدة، التي تتناسب مع آلية العمل المناط بها، والتي توفر للمستثمر مبالغ مالية كبيرة، في حال تم توظيف أيدٍ عاملة سعودية.

وشدد الطيار على أهمية أن لا يكون هناك فرض، في نسب الوظائف وتحديدها من الجهات المختصة، للمستثمرين المقبلين من خارج نطاق السوق المحلية، وأن يكون هناك بدائل في ترغيب هذه الاستثمارات في توظيف الشباب السعودي، موضحا أن الضرر الأكبر سيكون على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لملاك سعوديون، أو مستثمرين أجانب، خاصة أن الفترة غير كافية لإحلال العمالة السعودية، وهو ما سيتسبب في تقويض الاقتصاد السعودي.

ولم تستثن وزارة العمل السعودي، المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وسيشمل القرار جميع الأنشطة التجارية، وسيتم تطبيقه على جميع الأنشطة في القطاع الخاص بما في ذلك الأنشطة الزراعية وأنشطة النقل، معتبرة أن للقرار عدة أهداف، منها تأمين الموارد المالية لبرنامج التدريب، وخدمات التوظيف للمواطنين الباحثين عن العمل، إضافة لرفع تكلفة العمالة الوافدة، وذلك لتقليص عمليات استقدام العمالة الوافدة للسوق المحلية.

وكانت السعودية، ممثلة في وزارة العمل قد أطلقت برنامج «نطاقات» الذي يهدف لتحفيز المنشآت على توطين الوظائف كمعيار جديد للسعودة، وتصنيفها إلى أربع درجات (ممتاز، أخضر، أصفر، أحمر) حسب مقدار توطينها للوظائف، ويكون الأحمر، والأصفر للمنشآت الأقل توطينا للوظائف، في حين تصنف المنشآت الأعلى توطينا، التي تأتي في، الممتازة والخضراء.

وهناك برنامج «حافز» الذي يعتمد على صرف إعانة البحث عن العمل، بشكل شهري لدعم وتحفيز الباحثين بجدية، وفقا لضوابط الاستحقاق الخاصة ببرنامج حافز، في حين يتطلب استمرار صرف الإعانة، مواصلة المستفيد البحث عن العمل، حتى يتسنى له الحصول على وظيفة دائمة ومناسبة، فيما لا يقتصر برنامج حافز على الدعم المادي للباحثين عن العمل، وإنما ويشمل توفير برامج تدريب وتأهيل خلال فترة استحقاقهم وذلك لدعم وزيادة فرصهم في الحصول على الوظيفة المناسبة.