مبتكر سعودي يصمم كرسيا للمعاقين.. يقف ويتمدد ويجعل حياتهم أسهل

المسلم لـ «الشرق الأوسط»: شاهدت طفلة مقعدة لا تستطيع الوصول للرف.. فتولدت الفكرة

تصميم للكرسي المستخدم لذوي الاحتياجات الخاصة الذي ابتكره المسلم («الشرق الأوسط»)
TT

تمكن طالب سعودي لم يتجاوز عمره 22 ربيعا من اختراع كرسي لذوي الاحتياجات الخاصة يؤدي أدوارا كثيرة ويغني ذوي الاحتياجات الخاصة صغارا أو كبارا عن مساعدة الآخرين في العديد من الأمور الحياتية.

الطالب محمد أحمد المسلم يدرس الهندسة الصناعية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، وقد خطط منذ الوهلة الأولى أن يرى اختراعه النور ليفيد المئات من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد تمكن من تقديم تصميم جديد لكرسي يستخدم لذوي الاحتياجات الخاصة ويسمح لهم بمرونة الحركة والوقوف والمشي بالكرسي كالإنسان الطبيعي من دون أي صعوبة، وأرسل هذا التصميم إلى شركة صينية من أجل إنتاجه فعليا، وبدأ بنفسه في إنتاج النسخة الأولى من هذا الاختراع حتى قبل أن يحصل على الموافقة من الشركة الصينية على البدء في الإنتاج فعلا.

يقول المسلم لـ«الشرق الأوسط»: «جاءتني الفكرة بعدما شاهدت طفلة مقعدة تريد أن ترى ما فوق الرف من الألعاب في أحد الأماكن الترفيهية ولم تستطع ذلك، فتولدت لديّ هذه الفكرة بصنع كرسي يساعدها على ذلك». وعن مواصفات الكرسي يقول المسلم «الكرسي آلي، ويعمل عن طريق 3 محركات وبطاريتين تكفيان للعمل أكثر من 24 ساعة، قابلتين للشحن، وهو يستطيع حمل 150 كيلوغراما بسهولة وأمان تام». ويضيف «الفائدة المهمة الأخرى هي الفائدة الاقتصادية، فليست هناك أهمية للاختراع إذا كان سعر إنتاجه وتسويقه مرتفعا، فلن يتوافر من يرغب في اقتنائه، ولهذا من مواصفات هذا الاختراع أن سعره بالمؤكد سيكون منخفضا وبمتناول الجميع».

وعن الوقت الذي استغرقه عمل هذا التصميم، قال المسلم «استغرق ما يقارب السنة ونصف السنة، وقد نفذت بنفسي الكرسي الأول كإثبات للفكرة».

وبيّن أن هناك العديد من الصعوبات واجهته في هذا الاختراع، وهناك إحباطات لكنها لم تثبط عزيمته، ويقول المسلم «عندما قررت عمل هذا الكرسي عرضت الرسومات المبدئية على أحد الدكاترة فقال لي إنه ليس بإمكانك عمل هذا الكرسي، ولكن كل كلمة قالها لي كانت بمثابة التحدي، وأعطتني كلماته الإرادة لإكمال ما بدأته..»، ويضيف «بعدها استطعت عمل الإصدار الأول وتم عرضه على مهندس ميكانيكي من جنوب أفريقيا مشهور ببراءات الاختراع، وقد أبدى إعجابه الشديد بالاختراع، وبعدها قررت أن أعمل نموذجا آخر يكون إصدارا نهائيا قابلا للاستخدام، فقدمت لي الدعم كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجمعية سيهات الخيرية، وأرسلت جميع الرسوم والتخطيطات إلى الصين، وبعد عدة معوقات ومطبات انتهيت من عمل الكرسي وإبرازه بالشكل المناسب للاستعمال».

وشارك المسلم بهذا الاختراع في مسابقات للاختراع في بعض الدول ومن بينها دولة قطر. ولم يكن هذا الاختراع الأول للمسلم، فقد تمكن من حصد المركز الأول في مسابقة SIC الابتكارية التي نفذها مركز الابتكارات التابع لوادي الظهران للتقنية بالتعاون مع نادي الابتكارات. وجاء الفوز في المسابقة عن ابتكاره «المقعد المزعج» بمنافسة 43 مخترعا عربيا، ويقدم مخترعه المقعد المزعج حلا لمشاكل السلامة المرورية، وبلغت تلك الجائزة لصاحب المركز الأول 15 ألف ريال. والمقعد المزعج هو عبارة عن جهاز يتم تركيبه في مقعد السيارة يقوم بإصدار صوت مزعج يعلو تدريجيا كلما زادت سرعة السيارة فوق الحد المسموح به، وإذا استمر السائق في زيادة السرعة فإن الجهاز يتحول إلى التنبيه بشكل فيزيائي يتمثل في اهتزاز مقعد السائق اهتزازا تدريجيا يتحول إلى ضربات مزعجة وغير مؤذية في مناطق معينة من الظهر غير أنها لا تتسبب في أضرار صحية.

ووصف المسلم ابتكاره بأنه حصيلة مشاعر إيجابية كانت هي المولد الرئيسي لنجاحه في تصميم الابتكار، واصفا الاختراع بأنه ليس سوى أحاسيس لأشخاص يبحثون عن الأفضل. ويقول المسلم إن البيئة المحفزة كانت عاملا رئيسيا في تطوير ابتكاره، مشددا على أهمية هذه البيئة لكل مبتكر، ومتمنيا أن تسهم اختراعاته في إنهاء الكثير من معاناة أبناء المجتمع سواء من الأصحاء أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

من جانبه، أوضح المشرف على وادي الظهران للتقنية الدكتور سمير البيات أن العديد من براءات الاختراعات التي سجلت باسم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران بدأ العمل فعليا على إنجازها من قبل بعض الشركات العالمية المهتمة بالتصنيع والتطوير في مجال التقنية، وأن البراءات التي سجلت باسم الجامعة لم يتم تجاهلها بل تم دعمها بكل السبل من أجل أن تتحول إلى واقع يحقق الكثير من الإيجابيات ويدعم التقنية على مستوى العالم.

وعن أبرز الاختراعات المسجلة والتي تم العمل بها فعليا في الشركات العالمية قال الدكتور البيات لـ«الشرق الأوسط»: «هناك اختراع الحفازات الكيميائية التي تساعد في تحويل النفط الثقيل إلى خفيف، مثل تحويل الديزل إلى بنزين من خلال الطريقة المبتكرة من الجامعة، وتم ذلك بالتعاون مع شركة (أرامكو)، كما تم تفعيل الاختراع من قبل شركة يابانية وتمت تجربته في رأس تنورة».