«فجع الذئب» يؤرق السكان في جدة

بعد نشوب حريقين بالمدينة

TT

تجاوز سكان جدة خلال اليومين الماضيين رهبة المطر، بيد أنهم استيقظوا يوم أول من أمس على نبأ حريق في مستشفى خاص وسط المحافظة الساحلية، ولم تكد تغفل أعينهم، مساء حتى سالت الأنباء عبر الهواتف عن نشوب حريق في مبنى يطل على الكورنيش وطريق الملك عبد العزيز غربا.

لم تسفر الأحداث الماضية عن خسائر فادحة في الممتلكات، والأرواح حمتها العناية الإلهية، بيد أن «فجع الذئب أشد من قتله» كما يقول المثل الشعبي. والأحداث أرّقت السكان، ويكفي المتابع أن يتجول في مواقع الاتصال الاجتماعي أو المنتديات الإلكترونية افتراضيا، أو أن يتناول كوب قهوة مسترقا حديث من حوله، ليتأكد من القلق الناجم عن الطبيعة، والذي يسيطر على نقاشات الشبان وحكاويهم، وحتى أساطيرهم.

عناصر الحياة لم تعد مقتصرة على الاستخدام الطبيعي، مصدرا للطاقة أو الغذاء كما جبلت على وجودها في حياة الإنسان. بل تحوّرت عن دورها الرئيسي في تسخير نفسها لخدمة بني البشر. والوقائع تموج بالمؤشرات الدالة على التحّور الذي يولد الامتعاض.

الماء عصب الحياة، بات مريعا وجوده، ولم ينس السكان كارثتين ماضيتين آلمت الجداويين وسكان البلاد، خلفت خسائر مادية ومعنوية، وباتت توقعات هطوله تضرم الارتباك والتوتر، لدى الجهات الرسمية قبل الأوساط الشعبية.

ولا يختلف دور الهواء كعنصر استخدمه الإنسان في توليد الطاقة، وتحديد الاتجاهات، عن نظيره الماء في حسن استخدامه، إذ أضحى إيذانا لهطول المطر، أو «العجّة» كما يحلو لأبناء السعودية تسميتها؛ بعد أن كان الهواء العليل يستفز سكان المناطق الساحلية عادة إلى الخروج صوب البحر، أو التوجه نحو الميادين والمواقع المخصصة لمزاولة الرياضة، في وقت لا تسنح فيه الرطوبة وسخونة الأجواء الطاغية على مناخ العروس معظم أيام العام، بممارسة أي نشاط بدني خارج الجدران المكيفة.

أما النار فأخذت تأكل الممتلكات، عوضا عن استخدامها في طهي الأكل، وراحت تستنزف الطاقة بدلا من تزويدها، وقتما اشتعلت في مبنى سكني، أو مستشفى لم يلبث مرضاه أن يتخلصوا من عناء نقلهم جراء إغلاق مستشفى آخر، حتى تسبب نشوب حريق نتج عن التماس كهربائي، في مغادرتهم المستشفى.

ولا يترقب قاطنو العروس سوى عودة عناصر الحياة إلى موقعها الطبيعي، تمد بالطاقة، وتطهو الطعام، وتروي العطش. عوضا عن صرفهم إلى الغياب عن الدراسة، أو فقدان أحبائهم، أو حتى حرمانهم من ممارسة الرياضة. متضرعين ألا يطالهم نار تحرق، أو هواء يُقلق، أو ماء يُغرق.