أكثر من 1200 مدرسة.. «قنابل موقوتة» تهدد حياة نصف مليون طالب وطالبة

تخلو من أدنى درجات السلامة.. و«تعليم جدة» تلتزم الصمت

حريق مجمع «براعم الوطن» كان بمثابة شرارة للكشف عن حقيقة مدارس محافظة جدة («الشرق الأوسط»)
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، بوجود ما يزيد عن 1200 مدرسة في محافظة جدة تشكل خطورة على أكثر من 500 ألف طالب وطالبة يدرسون فيها، وذلك على خلفية عدم صلاحية مبانيها لاحتواء هذه المدارس، في ظل تأخر اتخاذ الإجراءات اللازمة لإخلائها من قبل وزارة التربية والتعليم، على الرغم من توقف المديرية العامة للدفاع المدني عن منحها تراخيص السلامة.

وأوضحت المصادر المطلعة أن عدد المباني الصالحة لأن تكون مدارس في محافظة جدة محدود جدا، التي منحها جهاز الدفاع المدني شهادات السلامة، فضلا عن وجود نحو 600 مدرسة أخرى يمكن أن تستمر في حال تمكنها من معالجة بعض الملاحظات المرصودة عليها.

وقالت المصادر المطلعة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «منذ وقوع حادثة حريق مجمع براعم الوطن التعليمي، وجه الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة بتشكيل لجنة عاجلة للكشف عن المدارس، حيث رصدت تلك اللجنة ملاحظاتها على المدارس الـ600، بينما أعدت تقاريرها حول وجود أكثر من 1200 أخرى غير صالحة إطلاقا، التي تشكل المدارس الأهلية النسبة الأكبر منها».

وأرجعت المصادر المطلعة سبب عدم صلاحية هذه المدارس إلى كونها مباني سكنية بنظام الشقق، تخلو تماما من مخارج الطوارئ، فضلا عن عدم إمكانية تطبيق خطط الإخلاء فيها، إضافة إلى الكثافة العددية الكبيرة للطلاب والطالبات مقارنة بقلة الطاقة الاستيعابية لها.

وكانت لجنة الكشف عن المدارس المشكلة بأمر من الأمير مشعل بن ماجد، محافظ محافظة جدة، قد رصدت في الـ7 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي عدة مخالفات، تضمنت تزوير إحدى المدارس لشهادة السلامة الممنوحة من قبل إدارة الدفاع المدني، التي ليس لها أي ملف رسمي هناك.

قرار سرعة إعادة الكشف على كل مدارس جدة، أقرته محافظة جدة في الـ20 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للتأكد من توفر اشتراطات ووسائل السلامة، وذلك عقب اندلاع حريق في مجمع «براعم الوطن» التعليمي، الذي أسفر عن وقوع نحو 59 حالة إصابة، ووفاة 3 معلمات، إحداهن مختنقة، والثانية على خلفية قفزها من الطابق الثاني وتعرضها لنزف بعد إصابة في رأسها وإحدى ساقيها، بينما لفظت الثالثة أنفاسها الأخيرة بعد أن مكثت نحو أسبوع في العناية المركزة.

وحول الملاحظات المرصودة على المدارس الأخرى التي ربما تبعث الأمل في نفوس أهالي طلابها وطالباتها في حال تمت معالجتها، علّقت المصادر المطلعة بالقول: «تتضمن هذه الملاحظات عدم كفاية أنظمة السلامة ومخارج الطوارئ أو انعدام ملاءمتها، مما يستدعي ضرورة تعديلها، إلى جانب طاقتها الاستيعابية».

وبينما تتحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية معالجة أوضاع المدارس بكاملها، فإنها لم تخرج بعد من دائرة «الصمت»، حيث حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع عبد الله الثقفي مدير إدارة التربية والتعليم في محافظة جدة، غير أنه لم يرد حتى وقت النشر.

عبد العزيز بن محمد المالكي، أبدى مخاوفه الكبيرة من عدم توفر البيئة الآمنة لأبنائه الثلاثة الذين يصل عمر أكبرهم إلى 10 سنوات، حيث يتساءل: «إلى متى هذا الصمت؟!»، مؤكدا أنه في حال وقوع أي كارثة فإن كل الجهات ستخلي مسؤوليتها وتكتفي بالمواساة (على حد قوله).

ويقول عبد العزيز المالكي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كثرت حالات الالتماسات الكهربائية في المدارس، تصاحبها عمليات إخلاء من شأنها أن تؤثر سلبا في نفوس أبنائنا وبناتنا، ولا ندري متى ستنتهي هذه الإشكاليات».

من جهته، أبلغ «الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في المديرية العامة للدفاع المدني، أن إدارة التربية والتعليم في محافظة جدة كانت قد خاطبت جهازه في وقت سابق بهدف الرد على التقارير المتعلقة بأحوال مدارس المحافظة، التي بررت تأخر البت في معالجتها إلى عدم توفر مدارس بديلة تستوعب هذا العدد من الطلاب والطالبات.