«الاحتطاب».. تدمير للغطاء النباتي وتفاقم للتصحر

الزراعة تعد لندوة في 5 مدن سعودية للحد من الظاهرة وتنمية الوعي

دفع انحسار الغطاء النباتي في السعودية إلى سن تشريعات وأنظمة تعاقب المخالفين لأنظمة الاحتطاب («الشرق الأوسط»)
TT

تعكف وزارة الزراعة السعودية على عقد ندوة عمل تستهدف ظاهرة الاحتطاب والاتجار بالحطب والفحم المحلي، التي من المقرر أن تنظمها مديريات الزراعة بـ5 مدن بالبلاد، بواقع يوم واحد في كل مدينة، حيث يتوقع أن يتم التركيز على الجوانب السلبية المصاحبة لظاهرة الاحتطاب، والمتمثلة في انحسار الغطاء النباتي الطبيعي بالمملكة.

وكانت وزارة الزراعة تلقت توجيهات بتشكيل لجنة مكونة من عدة جهات حكومية في كل مناطق ومدن السعودية ممثلة من وزارات الداخلية، والزراعة، والشؤون البلدية والقروية، والهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية، بضرورة إحكام الرقابة على المناطق والمدن فيما يتعلق بمزاولة الاحتطاب في مراحله كلها، بما في ذلك النقل والبيع، بعد الملاحظات من قبل الفرق الرقابية في وزارة الزراعة بتنامي هذه الظاهرة، مما يتطلب الحزم وردع المخالفين وعدم التساهل معهم ومحاسبتهم.

وفي ذات السياق، فإن المادة 13 من نظام المراعي والغابات الصادر عن مجلس الوزراء السعودي، يقضي بإعفاء الحطب والفحم المستورد من الرسوم الجمركية، في خطوة يعتبرها عدد من المتابعين والمهتمين بالسوق المحلية تصب في صالح حماية الغطاء النباتي بالبلاد، حيث أطلقت إحدى الدراسات العلمية المتخصصة، تحذيراتها من تفاقم ظاهرة الاستغلال الجائر للغطاء النباتي الطبيعي وآثارها السلبية الملحوظة على الأمن البيئي, خاصة مع تواضع جهود المواجهة والتصدي لها, وعدم اتساقها مع حجم الخطر.

وكانت الدراسة العلمية التي أجراها الباحث علي بن عبد الله الشهري بعنوان «مخاطر الاستغلال الجائر للغطاء النباتي الطبيعي على الأمن البيئي» في منطقتي عسير والباحة (جنوب السعودية)، وتم دعمها من قبل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، أظهرت أن الاحتطاب يأتي في المرتبة الثانية ضمن أساب اختفاء الغطاء النباتي بالمنطقة، بعد حالات الحريق، فيما يعد الامتداد العمراني والزراعي من العوامل التالية لظاهرة الاحتطاب الجائر.

وشددت الدراسة على ضرورة التعامل مع ظاهرة الاستغلال الجائر للغطاء النباتي الطبيعي كأولوية في المجال البيئي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، من خلال اتخاذ السبل الكفيلة بالحد من الظاهرة، وذلك بتعاون جميع الجهات المعنية لمواجهتها, كما طالبت بإعادة النظر في الإجراءات المطبقة من قبل هذه الجهات في تعاملها مع هذه الظاهرة وتقييم هذه الإجراءات والاستفادة من تجارب الدول الأخرى المتقدمة في المجال.

وعلى صعيد ذي صلة، فإن وزارة الداخلية السعودية أصدرت توجيهات إلى توجيه إمارات المناطق والمحافظات بتبليغ الأمن العام وقوة أمن الطرق، بضبط من يقوم بنقل الحطب والفحم بين المدن والقرى دون الحصول على التصريح اللازم من وزارة الزراعة ومثيلاتها في المناطق والمحافظات، وذلك وفقا لإجراءات ضبط المخالفات لنظام المراعي والغابات، لكون الاحتطاب يعد أحد العوامل الرئيسة المهمة التي أثرت في الغطاء الشجري الطبيعي، وتسببت في تدهور التنوع الإحيائي، وحدوث التعرية الهوائية والمائية للتربة، وانخفاض في كمية المياه التي تغذي الطبقات الحاملة للمياه الجوفية، كما ينتج عنه زيادة معدل حدوث الفيضانات والسيول الجارفة التي قد تتسبب في حدوث خسائر بشرية واقتصادية كبيرة.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن حجم التدهور السنوي للغطاء النباتي الشجري نتيجة لاحتطاب أشجار السمر تقدر بنحو 3376 هكتارا عام 2002 ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 13712 هكتارا بحلول عام 2023، فيما قدرت كمية حطب الغضاء المعروضة في أسواق المملكة سنويا بما يفوق 4 آلاف طن، أما كمية حطب الأرطى المعروضة في الأسواق فقد تجاوزت 4 آلاف طن سنويا.

وبحساب متوسط تكلفة إعادة زراعة أشجار السمر المدمرة على مدى خمس سنوات فتقدر بـ180 ريالا، فتكون التكلفة الناتجة عن تدمير هذه المساحة ما يزيد عن 12 مليون ريال، مما يوضح حجم الخسارة التي يسببها الاحتطاب في نوع واحد من الأشجار المحتطبة محليا.

يشار إلى أن السوق السعودية تستورد احتياجها من الحطب والفحم عن طريق عدد من الشركات العالمية المصدرة للحطب، وتعتبر الدول الأوروبية وخاصة الشرقية منها، بالإضافة إلى دول جنوب شرقي آسيا وأميركا الجنوبية مصادر لتزويد السوق المحلية بحاجتها من تلك السلع.