شح التبرعات وضغوط «الشؤون الاجتماعية» يجهضان المشروعات الخيرية

مسؤولات في قطاع العمل الخيري يناشدن الدعم من مليون ونصف مليون سيدة أعمال

TT

تحوَّلت حلقة النقاش التي نظمتها غرفة الشرقية مساء الأول من أمس بعنوان «دور سيدات الأعمال في الجمعيات الخيرية»، إلى منصة لطلب الدعم المالي وإنقاذ المشاريع الخيرية من البقاء حبيسة الأدراج، حيث كشفت مسؤولات عن العمل الخيري بأن الكثير من المشاريع لم تر النور إما بسبب إحجام رؤوس الأموال عن دعمها أو نتيجة تشديد وزارة الشؤون الاجتماعية حول منع جمع التبرعات في الملتقيات العامة.

وأكدت نعيمة الزامل، وهي رئيسة جمعية «ود» للتكافل والتنمية الأسرية في الخبر، على شح تبرعات سيدات الأعمال، مضيفة بقولها «للأسف فإن الشؤون الاجتماعية كذلك تضغط علينا في مسألة منع جمع التبرعات»، مشيرة إلى لقاء نظمته الجمعية سابقا حول مكافحة المخدرات والذي تضمن حضورا كبيرا، بالقول: «جاءنا مباشرة اتصال حول منع جمع الأموال»، وتتساءل «إذن لماذا عقدنا هذا الاجتماع؟!». وتأسفت الزامل على دور الشؤون الاجتماعية في كبح جماح الجمعيات، مضيفة «لأجل ذلك نرى أن من المهم أن تساعدنا المؤسسات ماديا ومعنويا»، في حين أشارت في الوقت نفسه إلى أن بعض جهات القطاع الخاص تسعى من وراء دعمها للمشروعات الخيرية إلى تلميع نفسها، معلقة على ذلك بالقول: «نتمنى أن يكون هناك وعي اجتماعي صحيح، بدلا من أن ينحصر الاهتمام في التصوير والدعاية». وتناولت رئيسة جمعية «ود» للتكافل والتنمية الأسرية عددا من المشاريع الخيرية المعطلة بسبب العجز المادي لتمويلها، والتي جاء على رأسها مشروع إنشاء نادي صحي للسيدات المسنات في المنطقة الشرقية، قائلة: «لدينا (ملتقى أهالينا)، لكننا نطمح إلى أن يكون ناديا للمسنات، فهناك عدد كبير من الأسر التي تضم سيدات مسنات، وهن يحتجن للنوادي». وأسهبت الزامل في شرح تصور هذا المشروع، في كونه يتضمن عيادة طبية وعيادة للدعم النفسي، ومكتبة ثقافية وقاعة للنشاط الترفيهي، إلى جانب المرافق الأخرى (صالة واسعة - مصلى - مكتب للموظفات - قاعة استراحة - كشك لتوفير احتياجات المسنات - دورات مياه مجهزة لكبار السن - حديقة - مضمار مشي)، مؤكدة هنا أن «تكلفة المشروع هي 7 ملايين ريال، وما تم جمعه حتى الآن هو 40 ألف ريال فقط». وحظيت فكرة نادي المسنات باهتمام كبير من حاضرات حلقة النقاش، في حين أوضحت الزامل بأن النادي المقترح ليس مقرا للسكن، بل يعمل على مدى 12 ساعة فقط في اليوم، بنظام الاشتراك، إلى جانب كونه يضم حديقة مهيأة للزراعة وتربية الدواجن، وذلك بالنظر إلى اهتمام كبار السن بمثل هذه الهوايات. يضاف لذلك، مشروع خيري معطل آخر، سمته الزامل «جائزة ود للأسرة المثالية»، والذي تقدر ميزانيته بنحو 5 ملايين ريال، في حين تقول: «جمعنا مليون ومائتين ألف ريال فقط»، وشرحت الزامل فكرة المشروع في كونه يسعى لتدريب 50 أسرة لمدة سنة كاملة، من خلال الدورات التي تقدمها الجمعية والمتعلقة بالمشاكل الاجتماعية الأكثر شيوعا، بهدف التخلص منها، على أن تفوز 10 أسر بعد عام كامل.

بدورها، شاركت في حلقة النقاش منيرة الحربي، وهي مديرة جمعية «جود» النسائية في الدمام سابقا، والتي أوضحت بأن «حجم استثمارات المرأة السعودية تقدر بنحو 60 مليار ريال، فيما تقارب نسبة استثمارات النساء السعوديات 21% من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص»، وتابعت بالقول: «تشير الأرقام إلى امتلاك السيدات السعوديات لما يقارب 50 مليار ريال».

وأفادت الحربي بأنه بالنظر إلى عدد سيدات الأعمال في السعودية، فهناك نحو مليون ونصف المليون سجل تجاري للنساء بحسب أحدث الإحصاءات، وتتابع قائلة: «لكن الخدمات التي تقدمها سيدات الأعمال للجمعيات الخيرية متواضعة جدا»، وأوضحت أن أبرز هذه الخدمات تتضمن «تعاون بعض سيدات الأعمال في توظيف عدد لا بأس فيه من فتيات الأسر المحتاجة (خاصة في المشاغل النسائية والمدارس)، والتكفل بإكمال الدراسة لطلاب الأسر، وفي حال أقيمت مهرجانات الأسر المنتجة التي يتم تقديم أعمالهم خلالها فإنها غالبا ما تكون بالمجان، وأحيانا بمبالغ رمزية»، بحسب الحربي.

وتابعت حديثها بالقول: «هذا هو الواقع الذي يقدمه سيدات الأعمال، بالمقارنة مع حجم الأموال الذي يمتلكنه!»، وتناولت الحربي ما هو مأمول من سيدات الأعمال، قائلة: «تأسيس مشاريع جادة وجديدة تواكب حركة التنمية وتوفر فرص عمل جديدة للسيدات، تدريب وتأهيل الخريجين والخريجات، مساعدة الجمعيات في التسويق لمنتجات الأسر، توفير فرص عمل دائمة ومؤقتة». وشاركت في حلقة النقاش كذلك، منى العجاجي، وهي مديرة مركز «عطاء الخير» التابع لجمعية فتاة الخليج في الخبر، من خلال محور (أثر الأسر المنتجة)، تحدثت خلاله عن مركز عطاء الخير، الذي تتضمن مهمته «المساهمة في توطين الوظائف النسائية، من خلال فتح آفاق جديدة للعمل حسب المجتمع وعدم حصرها في نمط تقليدي، عبر تأهيل المرأة والفتاة السعودية وتنمية مهاراتها بما يتناسب مع طموحها واحتياجات سوق العمل، وإكسابها مهارة أو حرفية لتمكينها من العمل بكفاءة واحتضان ودعم الأسر المنتجة اجتماعيا وفنيا واقتصاديا»، حسب قولها.

يشار إلى أن اللقاء الذي حضره جمع غفير من السيدات؛ شهد غيابا لافتا لسيدات الأعمال، حيث تركز الحضور في المسؤولات والمهتمات في قطاع العمل الخيري، وهو الأمر الذي علقت عليه إحدى المتحدثات خلال النقاش، في حين رأت بعض الحاضرات أن ذلك يمثل انعكاسا واضحا لحلقة الوصل المفقودة بين سيدات الأعمال والجمعيات الخيرية، مما دعاهن للمطالبة بإنشاء موقع إلكتروني يسهل من مهمة التواصل بين الجانبين، للتعريف بسيدات الأعمال الراغبات في تقديم الدعم الخيري.