كابوس «الصقيع» يستنفر المزارعين ويجبرهم على اللجوء للبيوت المحمية

خبير يشير إلى تهديد موجات البرد المرتفعة للبقوليات والطماطم

أضاف مجلس الوزراء البرد والصقيع كعوامل تعوض عنها الدولة في حال حدوثها («الشرق الأوسط»)
TT

مع بدء موسم الشتاء، يتحسب مزارعون سعوديون من موجة صقيع تضر بموسمهم الزراعي، وخاصة بالنسبة للخضراوات. ويستعد المزارعون لتحصين المزارع وخاصة البيوت المحمية من موجات برد مقبلة.

ولا تقتصر الأضرار للصقيع على المزارعين فحسب بل يتأثر المستهلك بشكل كبير من موجات الصقيع بسبب الارتفاع الذي يطرأ على أسعار المحصولات الزراعية ليصل إلى 100 في المائة.

ومع احتمال حدوث صقيع خلال الأشهر الثلاثة القادمة منذ بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي مرورا بيناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) من العام المقبل قام العشرات من المزارعين في المنطقة الشرقية بتغطية مشارب حقولهم الزراعية بـ«بيوت محمية» خشية تعرض المزروعات وتحديدا الخضراوات للتلف نتيجة للصقيع الذي عادة ما يحدث سنويا في مثل هذه الأشهر من السنة وإن كان بدرجات متفاوتة من منطقة إلى أخرى حيث تكون آثاره القوية عادة على المنطقة الشمالية قياسا بآثاره في المنطقة الشرقية.

والصقيع هو ظاهرة طبيعية تكون فيها درجة الحرارة في الصفر أو تحت الصفر المئوية وتنتشر رقعتها جغرافيا لتشمل بعض البلاد الحارة نسبيا وخصوصا في فصل الشتاء. وأحيانا يحدث الصقيع في فصل الربيع وعندها يكون مدمرا للمحاصيل الزراعية وخصوصا الخضراوات.

وبين محمد العبدالله الخبير الزراعي أن المزروعات المكشوفة أكثر عرضة للمشاكل والتلف قياسا بالنباتات التي تزرع في البيوت المحمية على اعتبار أنها لا تتعرض بشكل مباشر للأجواء الخارجية. وبين أن تجمد قطرات الندى على أوراق النباتات يتسبب في ذبولها ومن ثم موتها وبالتالي تحدث الخسارة.

من جانبه، قال محمد طربزوني الخبير في الأرصاد الجوية لـ«الشرق الأوسط»، إن الشرقية لا تتعرض إلى صقيع بالمعنى الحقيقي وإن البرودة التي تتعرض لها لا تقاس ببعض المناطق الأخرى كشمال المملكة ولكن هذا لا يعني عدم تعرض بعض المحصولات الزراعية للتلف جراء الانخفاض في درجة الحرارة في بعض أيام السنة أو حتى لساعات محدودة تكون كافية لإتلاف محاصيل زراعية.

وفي الموسم الماضي، أعلنت وزارة الزراعة عن صدور قرار مجلس الوزراء بإضافة البرد والصقيع كعوامل تعوض عنها الدولة في حال حدوثها. إلا أن هناك عدة جهات تتولى تعويض المزارعين بعد التأكد من كونهم تضرروا من الصقيع حيث تشكل لجان تحت إشراف وزارة الداخلية لدراسة وضع المزارع المتضررة من الصقيع قبل إقرار تعويض أصحابها بنسب متفاوتة حسب تقييم اللجان الميدانية التي تقوم بزيارة المزارع التي تتعرض للصقيع.

وبحسب دراسات علمية هناك بعض النباتات يقتلعها الصقيع عندما يحل الشتاء لكن البذور التي تسقطها إلى الأرض في الخريف تضمن نمو نباتات جديدة عوضا عنها في الربيع كما يوجد نباتات أخرى تنشر أوراقها وتبسطها لتحصل على أكثر ما تستطيع من دفء تختزنه التربة. ومن بين هذه النباتات نبات البنفسج، أما الخلنج ونباتات مشابهة فتسمح للجزء العلوي منها أن يذبل ويموت ويبقى الجزء السفلي من الساق حيا ينبت البراعم حينما يقبل موسم النمو.

وهناك نباتات كثيرة تهرب من الطقس البارد بالاختباء تحت التربة مثل البصل والنباتات الدرنية والجذور التي تختزن كل الغذاء التي تحتاجه في موسم النبات الشتوي وحينما يعود الطقس الدافئ تشق سطح التربة بنصال أوراقها الخضراء وبراعمها الجديدة.

وتستخدم الوسائل الميكانيكية أحيانا لحماية النبات من الصقيع في مناطق زراعة الحمضيات حيث توضع مدافئ الزيت والمراوح الضخمة لتحريك الهواء باستمرار ومنع الهواء البارد من الاستقرار على أشجار الفواكه. إلا أن اللجوء إلى البيوت المحمية ليس ممكنا لشريحة واسعة من المزارعين لكونها مكلفة من الناحية المادية.

وتعرضت المنطقة الشرقية في يناير الماضي إلى موجة برد أتلفت مساحات زراعية واسعة سواء في الأحساء أو القطيف أو غيرهما من المزارع المكشوفة، بينما نجت الخضراوات المزروعة في البيوت المحمية من موجة الصقيع مما أحبط الكثير من المزارعين الذين ينطلق موسمهم الزراعي الثاني في نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام ويستمر لفترة تصل إلى 4 أشهر إلى حين موعد الحصاد الذي عادة ما يكون في فصل الشتاء.

من جانبه، وصف المهندس الزراعي مهدي الرمضان لـ«الشرق الأوسط» حدوث الصقيع بالأمر شبه المعتاد، وإن تفاوتت درجاته وآثاره خصوصا في الأشهر الحالية، مبينا أن المزروعات التي تتضرر بشكل أكبر هي فئة البقوليات وأنواع أخرى مثل الطماطم والكوسة والفلفل والقرع والسدر (الكنار)، بينما لا تتعرض أنواع أخرى كالخس والملفوف والزهرة لضرر كبير.