رفع الحصانة السياسية عن المفلسين في النظام المستحدث للإفلاس

«الشرق الأوسط» تستعرض مشروعه المستقل لأول مرة في السعودية

TT

أسقط مشروع نظام الإفلاس والمترقب خروجه لاحقا من هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، الحقوق السياسية عن أعضاء مجلس إدارة الشركة المفلسة أو مديريها ممن ارتكبوا أخطاء جسيمة أدت إلى اضطراب أعمالها وتوقفها عن دفع ديونها.

وتعد هذه المرة الأولى في السعودية، التي يصدر فيها نظام خاص للإفلاس بشكل مستقل، بعد أن اقتصرت أحكام الإفلاس سابقا بالفصل العاشر من نظام المحكمة التجارية، مستغرقة الإجراءات بنصوص مشروع النظام الجديد 262 مادة، بعد أن اقتصرت على 27 مادة بإجراءات الإفلاس في النظام القديم، إضافة إلى مادتين للعقوبات.

وطبقا لما ورد في المادة 133 من مشروع نظام الإفلاس، فإنه لا يجوز لمن أشهر إفلاسه أن يكون ناخبا أو عضوا في مجلس الشورى أو مجلس منطقة، أو المجالس المحلية أو الغرف التجارية والصناعية أو الهيئات المهنية، ولا أن يكون مديرا أو عضوا في مجلس إدارة أي شركة ولا يشتغل بأعمال البنوك أو الوكالة التجارية أو التصدير والاستيراد أو السمسرة في بيع أو شراء الأوراق المالية، أو البيع بالمزاد العلني، كل ذلك ما لم يرد له اعتباره.

ونص مشروع النظام الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، في جانب العقوبات، على عقوبة الحبس دون الثلاث سنوات لكل شخص سرق أو أخفى مالا للتفليسة ولو كان من أصول المفلس أو فروعه أو زوجه.

في المقابل اعتبر مشروع النظام الأموال التي يشتريها زوج المفلس أو التي تشتري لحساب هذا الزوج أو لحساب القصر المشمولين بولاية المفلس خلال الخمس سنوات السابقة على تاريخ إشهار الإفلاس قد اشتريت بنقود المفلس، فتدخل في أصول التفليسة ما لم يثبت غير ذلك، وكل ما يوفيه أحد الزوجين من ديون على زوجه الذي أفلس يعتبر حاصلا بنقود الزوج المفلس، ما لم يثبت غير ذلك.

ومنحت المادة الثانية والعشرون قاضي التفليسة ومن تلقاء نفسه أو بناء على طلب الهيئة أو طلب من مدير التفليسة، الإقرار في أي وقت وضع المفلس تحت المراقبة، في حال تعمد إخفاء أمواله أو دفاتره التجارية أو ما يقوم مقامها أو امتنع عن تنفيذ قرارات قاضي التفليسة.

كما أجازت المادة الرابعة والسبعون لأي من الزوجين أيا كان النظام المالي المتبع في الزواج، أن يسترد من تفليسة الآخر أمواله المنقولة والعقارية إذا أثبت ملكيته لها، وتبقى هذه الأموال محملة بالحقوق التي كسبها عليها الغير بحسن نية وبوجه شرعي.

وبينما أوجبت المادة 109 من النظام القديم توقيف المتقدم بطلب إفلاسه، أفسح مشروع النظام الجديد فصلا كاملا للآثار المترتبة على الإفلاس بالنسبة للمدين، ومنحه حرية الحركة. ومنح مشروع النظام الجديد الحق للمفلس بممارسة تجارة جديدة بغير أموال التفليسة، ولو كانت من نوع التجارة التي كان يمارسها قبل شهر إفلاسه.

واتسم المشروع المتوقع أن يخلف النظام القديم والذي خرج من رحم نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350هـ، بالحذر الشديد والصرامة تجاه أي محاولة من الدائنين للتحايل على نصوص النظام أو التحايل على بقية الدائنين، وكذلك التحايل على المدين كما دلت عليه المادة الـ30 وما تلاها من مواد.

وفرض النظام في المادة السادسة على التاجر التقدم «بشهر إفلاسه» إذا اضطربت أوضاعه المالية و«توقف عن دفع ديونه» إذا انقضى على هذا التوقف 30 يوما فقط، وإلا اعتبر مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير، بينما لم يحدد النظام القديم أمدا كهذا، بالإضافة إلى تطرق مشروع النظام لإمكانية شهر إفلاس التاجر (حتى عقب وفاته)، كما أشارت المادة الثامنة من مشروع النظام إلى إمكانية إشهار إفلاس المتوفى أو اعتزاله التجارة أو حدوث ما يخل بأهليته، وجعلت للورثة الحق في طلب شهر الإفلاس خلال سنتين من الوفاة، في خطوة لحماية حقوق الورثة والدائنين على السواء.

وأكد عبد الرحمن المهلكي المستشار القانوني، أن أهمية صدور نظام متكامل للإفلاس، يأتي متكاملا مع ما صدر سابقا من نظام التسوية الواقية من الإفلاس بعام 1425هـ، مشيرا إلى ما استهدفه مشروع النظام الجديد للحد من قسوة إجراءات الإفلاس الموضحة في نظام المحكمة التجارية، والتي نصت سابقا «يجب» إيقاف التاجر أو وضعه تحت مراقبة الشرطة بمجرد تقديمه لدفاتره التي توضح إفلاسه، والتي اعتبرها المهلكي إجراءات قاسية، «فشلت حتى في حماية حقوق الدائنين عقودا طويلة». وشدد عبد الرحمن المهلكي في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، على ما ورد بمشروع نظام الإفلاس الجديد، أن أهمية ما نصت عليه المادة بإسقاط الحصانة عن أصحاب النفوذ ممن تسببوا في وقوع الشركة بفخ الإفلاس، إلى جانب ما ورد في الفصل الثالث الذي خصص لأنواع خاصة من التفليسة «كإفلاس الشركات»؛ حيث جاء في المادة 124 أن الشركاء الذين خرجوا من الشركة بعد توقفها عن سداد ديونها قد يدخلون في ضمان الديون على الشركة المفلسة.

ودعا في هذا الخصوص إلى إعادة النظر بإحدى المواد المتعلقة بإفلاس الشركات والتي حدت من حرية الحركة للمثل القانوني للشركة ضد الشركاء الذين «خرجوا»، عندما جعلت (إمكانية تحسن المركز المالي للشركة) مانعا من الوصول لأموال الشريك المتضامن. تجدر الإشارة إلى إعطاء المشروع الجديد الحق لهيئة التحقيق والادعاء العام وللمحكمة المختصة (المحكمة الإدارية حاليا) التقدم بإجراءات الإفلاس، ليعطي المشروع صبغة النفاذ المعجل على دعاوى الإفلاس. وفي حال صدور حكم نهائي بشهر إفلاس شركة ما، فأوقعت المادة السابعة والأربعين بعد المائتين، بالعقوبة على أعضاء مجلس إدارتها أو مديريها بحسب الأحوال أو القائمين على تصفيتها بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على 5 ملايين ريال إذا ثبت ارتكابهم بعد توقف الشركة عن الدفع إخفاء الدفاتر، أو الاختلاس من أموال الشركة والإعلان عما يخالف الحقيقة بشأن رأس المال المكتتب به أو المدفوع، أو توزيع أرباح صورية.