«الجيولوجية»: الخصائص الهيدروليكية لـ«وادي إبراهيم» مغذ رئيسي لبئر زمزم

نواب لـ «الشرق الأوسط»: دراسات علمية لحصر المناشط الحضرية المؤثرة على نوعية المياه الجوفية

«وادي إبراهيم» من أكبر الأودية التي تصب وتغذي بئر زمزم (تصوير: أحمد حشاد)
TT

دعت المساحة الجيولوجية إلى المحافظة على الخصائص الهيدروليكية لطبقة التربة المشكلة لحوض وادي إبراهيم، حفاظا على استدامة مسارات وخصائص المصادر المختلفة المغذية لمياه بئر زمزم المباركة، مؤكدة إجراء دراسات علمية وفنية عنت بحصر جميع المناشط الحضرية التي يمكن أن تؤثر على نوعية المياه الجوفية فيه.

وأفاد الدكتور زهير نواب رئيس الهيئة أنه تم التعرف على معدلات التلوث المتوقعة ومدى انتشارها وسرعة وصولها في مناطق مختلفة ضمن الوادي ومعدلات تراكيزها في المواقع المختلفة، ومن ثم يتم تحديد معالم الخطورة لكل موقع وفق خرائط الخطورة التي نفذ بموجبها شبكة آبار الرصد متعددة الأغراض موزعة داخل الحوض، كما تم إرساء برنامج رصد مستمر لمتابعة نوعية وكمية المياه الجوفية داخل الحوض بحيث يتم التعامل مع أي ملوث لا سمح الله من مصدره وفق السيناريوهات المختلفة المستمدة من الأنموذج الجيوكيميائي والحركي لتلك الملوثات، بما يتيح لهذه الهيئة وضع خطط الوقاية والعلاج لتحييد أثر تلك الملوثات عن وصولها إلى طبقة المياه الجوفية داخل الحوض.

وعن مدى أهمية وادي إبراهيم جيولوجيا، وتأثيره على بئر زمزم، قال رئيس المساحة الجيولوجية إن وادي إبراهيم يعد أحد الأودية الرئيسية الموجودة ضمن مدينة مكة المكرمة وهو يمتد من منطقة الشرائع شرقا إلى منطقة الكعكية جنوبا مرورا بالحرم المكي الشريف الذي يحتوي على بئر زمزم المباركة، يطل على هذا الوادي الكثير من السفوح الجبلية ذات وحدات صخرية مختلفة التراكيب المعدنية يتأثر بعضها بالحركات الأرضية وعوامل التعرية والجوية مشكلة بذلك نمطا من الصدوع والفوالق والتشققات الصخرية المتمايزة تعمل على نقل مياه الأمطار أو المياه الجوفية عبرها إلى وادي إبراهيم.

وذهب نواب في حديثه إلى أنه ومن هذا المنظور تتضح أهمية وادي إبراهيم من المنظور الجيولوجي لبئر زمزم المباركة، وأهمية الحفاظ على التراكيب الجيولوجية الكائنة ضمن السفوح الجبلية المطلة على الوادي، إضافة إلى المحافظة على الخصائص الهيدروليكية لطبقة التربة المشكلة للوادي حفاظا على استدامة مسارات وخصائص المصادر المختلفة المغذية لمياه بئر زمزم المباركة.

وعن إدارة الحوض بيئيا، برهن نواب أن ذلك يأتى من خلال إرساء برنامج الإدارة البيئية المستدامة التي عملت هذه الهيئة على تطويره، وذلك بتوظيف أحدث ما توصل إليه العلم في هذا المجال، والذي يتطلب تضافر الجهود بين القطاعات المختلفة المسؤولة عن إدارة وتنمية مدينة مكة المكرمة.

وحول الأسلوب المتبع لمعالجة المواضيع ذات الصلة بالمياه السطحية والجوفية في مكة المكرمة من منظور الجودة والكمية، ذكر نواب أنه يتم ذلك من خلال متابعة المناشط الحضرية التي قد تؤثر على كمية ونوعية المياه الجوفية لضمان استدامتها؛ حيث تم تطوير نظم لتعظيم الاستفادة من مياه الأمطار (مياه سطحية) وذلك عبر منشآت هندسية متنوعة يتم من خلالها تجميع مياه الأمطار المتساقطة على سفوح الجبال أو تلك المتساقطة على مسطحات مباني المشاريع التطويرية، ومن ثم يتم فلترتها وإعادة حقنها إلى داخل الطبقة المشكلة لتربة الأودية.

وفيما يتعلق بإرساء مفهوم استدامة مصادر المياه الجوفية، أضاف رئيس المساحة الجيولوجية أن الهيئة عملت وبالتعاون مع الجهات المختلفة على إرساء برنامج لمراقبة نوعية ومنسوب الأساسات التي يتم تنفيذها ضمن المشاريع الإنمائية والتطويرية المختلفة بحيث يتم التأكد من ملاءمة نوعية الأساسات ومنسوب التأسيس وطرق التنفيذ والمواد المستخدمة للبيئة الجيولوجية والجيولوجية الهندسية والهيدروجيولوجية لموقع المشروع وبما يضمن عدم تأثير الأساسات على حركة ونوعية وكمية المياه الجوفية في المنطقة.

وزاد الدكتور نواب بالقول: «عملت الهيئة على تطوير أنموذج محاكاة رياضي تفاعلي ثلاثي الأبعاد يتم من خلاله إدخال البيانات الخاصة بأساسات كل مشروع، ويعمل الأنموذج على تحليل تلك البيانات واقتراح أنجع السبل لتنفيذ المشروع دون التأثير على التوازن الهيدروجيولوجي في الموقع».

وحول المناشط الطبيعية والحضرية التي من الممكن أن تؤثر في حوض وادي إبراهيم والخزن الجوفي المغذي لبئر زمزم المباركة، لم يخف نواب إجراء دراسات علمية وفنية عنت بحصر جميع المناشط الحضرية التي يمكن أن تؤثر على نوعية المياه الجوفية في الوادي، مؤكدا أنه جرى التعرف على طبيعة تلك المناشط ونوعية وكمية الملوثات التي يمكن أن تصدر منها، وتمت معالجة تلك البيانات من خلال النمذجة الرقمية التفاعلية التي تم تطويرها خصيصا لهذا الغرض وبتوظيف قاعدة البيانات الجيولوجية المدعمة بنظم المعلومات الجغرافية لوادي إبراهيم.

واختتم رئيس الهيئة بالقول: «يعمل كل قطاع على تطوير النظم والمعايير الخاصة بالمناشط الحضرية التي تقع ضمن دائرة إشرافه ذات الأثر البيئي المباشر أو غير المباشر على النظام الهيدروجيولوجي وبما يتوافق والبيئة الجيولوجية للمنطقة المحيطة بذلك النشاط، هذا بالإضافة إلى تطوير سبل الرقابة والمتابعة واعتماد مبدأ الإصحاح البيئي وفق الدراسات الفنية المعدة من قبل هذه الهيئة في هذا المجال، وهو التوجه الذي تمخض عن ورشة العمل وذلك بتأييد المشاركين من القطاعات المختلفة على أهمية اعتماد تلك المبادئ».