عاجزون حركيا يهبون أنفسهم «عبرة» لمخاطر حوادث السيارات

مقيمون بشكل دائم في مستشفى الظهران العام.. من بينهم سيدة

اختصاصيون يؤكدون أن السعودية هي الأولى عربيا في حجم حوادث السيارات (تصوير: خالد الخميس)
TT

عملا بمقولة «العاقل من اتعظ بغيره»، توجه مجموعة من المرضى العاجزين حركيا إلى جعل أنفسهم بمثابة العظة والعبرة للتحذير من مخاطر سرعة القيادة وآثار حوادث السيارات، خلال احتفال اليوم العالمي للتطوع، الذي نظمته جمعية جود النسائية الخيرية في الدمام، مساء الأربعاء الماضي.

وحظيت ليلى الحكمي، وهي السيدة الوحيدة المنضمة للفريق، باهتمام مئات السيدات أثناء حديثها عن تجربتها المرة مع الحوادث، إذ تعجز الحكمي، المصابة بشلل رباعي، عن تحريك يديها وقدميها، وهي أم لخمسة أولاد وابنة واحدة، كانت مستلقية في كرسيها المتحرك أثناء استرجاعها لقصتها مع الحادثة التي تعرضت لها منذ نحو 16 سنة، حين كانت في رحلة مع أسرتها في السيارة، وجاءت الحادثة بصورة مفاجئة، وكانت هي المتضررة الوحيدة منها، مضيفة: «أنا الآن في إقامة دائمة في مستشفى الظهران العام، لكن الإعاقة لم تعقني عن العمل الاجتماعي والتطوعي، لأن هذا واجب علي».

في حين أوضحت فاتن اللبابيدي، وهي مديرة شؤون المرضى في مستشفى الظهران العام، أن ليلى رغم إعاقتها، تقرر الأعمال التطوعية وهم يشرفون على تنفيذها فقط، إلى جانب فتيات متطوعات يساعدنها، وتتابع بالقول: «ليلى امرأة فاعلة لدينا، لأنه لا يوجد في المستشفى موظفون في قسم التوعية والتثقيف، فأصبحت هي المختصة بذلك، في توعية الناس من مخاطر السرعة».

وأفصحت اللبابيدي عن أن ليلى الحكمي هي السيدة الوحيدة في فريق التوعية الذي يضم 6 شباب آخرين، بقولها: «هم أيضا من ضحايا حوادث السيارات، وبعض هؤلاء المرضى لهم نحو 30 سنة مقيمين بصفة دائمة في المستشفى، منهم شباب كانوا في مقتبل العمر وأصيبوا بحوادث سيارات، بعضهم كان سائقا والبعض الآخر راكبا».

وكشفت اللبابيدي عن أن «السعودية تعتبر الأولى عربيا وعالميا في عدد حوادث السيارات»، مضيفة بقولها: «المعاق ليس معاق الجسد، بل هو معاق الفكر»، وتحدثت مديرة شؤون المرضى في مستشفى الظهران العام لـ«الشرق الأوسط» بصورة مفصلة عن هذه التجربة، قائلة: «لدينا فتاة أخرى وضعها أفضل من ليلى، وتستطيع تحريك يدها، لكنها يائسة من وضعها ولا ترغب في المشاركة الاجتماعية».

وتابعت: «هناك أكثر من ليلى والشباب الستة، لكن هؤلاء هم فقط من يخرجون من المستشفى بين فترة وأخرى كي يقوموا بتوعية المجتمع والحديث عن تجربتهم بعد الحادث الذي أصابهم، وأتذكر أن ليلى الحكمي كانت متخوفة جدا في البداية، لكنها تجرأت لاحقا وأصبحت أقدر على التحاور والتخاطب مع المجتمع». وأوضحت اللبابيدي أنهم بدأوا في هذا العمل التطوعي منذ نحو 6 سنوات، مضيفة: «نحن المستشفى الوحيد في السعودية الذي يقدم هذه الخدمات، بالإضافة إلى مستشفى آخر في الطائف».

من جهتها، تحدثت الجوهرة المنقور، وهي نائب رئيس جمعية جود الخيرية النسائية، عن ليلى الحكمي التي أثارت اهتمام مئات السيدات، بقولها: «هذه هي المرة الثانية التي تزورنا فيها ليلى، فلقد سبق أن قدمت محاضرة لتوعية الأسر، وهي مثال حي ومؤثر للعمل التطوعي الذي لا يستطيع أن يمنعه شيء أبدا».

وعودة للحفل الذي أقيم في مسرح الجمعية في الدمام، فلقد شهد حضورا كبيرا جدا، وتضمنت فقراته كلمة مصورة للإعلامي نجيب الزامل، تحدث خلالها عن قيمة العمل التطوعي من واقع تجربته الثرية في هذا الشأن، واحتكاكه مع الكثير من شباب وفتيات المنطقة الشرقية الناشطين في الشأن التطوعي، تلا ذلك مسرحية بعنوان «التعاون» قدمتها مجموعة من الفتيات الصغيرات حول قيمة العمل الاجتماعي، ثم عمل إنشادي قدمته فرقة «ألحان» النسائية، تناول قيمة التطوع وخدمة الوطن.

وتحدثت لـ«الشرق الأوسط»، علياء المطرودي، التي شاركت في تنظيم الحفل، عن تجربتها في العمل التطوعي، قائلة: «أمضيت فترة قصيرة في مجال التطوع، وقد صبغ أثرها المعرفي والتنموي عملي، حيث وجدت العلاقات الاجتماعية من مختلف الفئات، وبذل الخدمة لأصحاب الحوائج.. كلها أعمال تسهم في النضج العقلي، وارتقاء الذات في كيفية التعامل الاجتماعي».

وتتابع المطرودي: «في تاريخ 5 ديسمبر (كانون الأول) يحتفل العالم بمختلف أعراقه بمناسبة اليوم العالمي للتطوع، وقد شهدنا هذا الاحتفال في شعبة التطوع بجمعية جود، من خلال تنشيط عدة فقرات معرفية تهتم بمجال التطوع، وأرى أن هذا اليوم يمثل وجهة التحفيز للمتطوعين، وفيه بادرة لاستمرار العطاء بقصد الخير».

يذكر أن احتفال اليوم العالمي للتطوع الذي أقامته جمعية جود الخيرية واستمر لنحو 3 ساعات، يقام بصفة سنوية من قبل الجمعية التي انطلقت من تحت مظلتها عدة فرق تطوعية في المنطقة الشرقية، وسبق أن احتضنت الجمعية الفتيات المتطوعات في أكثر من مناسبة للتعريف بجهودهن وتنمية روح التنافس بينهن.