السعوديون يبحثون عن «الفروة» بعد لسعات البرد

تعد أهم الملابس التي يحرص عليها أبناء الجزيرة العربية.. و«الطفيلية» الأغلى

الفروة تعتبر أهم الملابس التي تجلب الدفء للابسيها.. خاصة في الأيام التي يكون فيها البرد شديدا («الشرق الأوسط»)
TT

أدت لسعات البرد بعد هطول الأمطار الأسبوع الماضي في أغلب أنحاء المملكة إلى تسارع في عمليات الشراء للمشالح والفراء الشتوية المعروضة في الأسواق، لتكون «الفروة» في مقدمة الملبوسات المعروضة للشراء بشكل كبير.

وقدر صاحب مؤسسة الجنوبي للمشالح والفراء ضيف الله الجنوبي حجم سوق المشالح والفراء الشتوية والبالطوات المستخدمة في فصل الشتاء بنحو 1.2 مليار ريال، بينما أشار إلى أن نسبة إقبال المستهلكين بعد اشتداد برد الشتاء تجاوزت 85 في المائة، الأمر الذي اعتبره أهم المواسم للمشاغل المصنعة والمؤسسات المستوردة للفراء والمشالح.

وأضاف الجنوبي أن أغلب الفراء الموجودة في السوق تم تصنيعها محليا، بينما لا يتجاوز المستورد منها 45 في المائة، التي أغلبها يتم استيراده من الإمارات بنسبة 30 في المائة ومن الأردن 15 في المائة، مشيرا إلى غياب الفروة السورية بسبب الأحداث التي تعصف بدمشق حاليا. إلى ذلك، أوضح بندر أبو سبعة صاحب متجر للفراء أن أسعار (الفروة) تتراوح ما بين 80 ريال، التي يتم تصنيعها من فراء مصنع و5 آلاف ريال التي يتم تصنيعها من أقمشة فاخرة وفراء طبيعي (فراء حمل)، الذي يدل على جودتها، فيما أشار إلى أن أغلب ما يقبل عليه المواطنون الفراء الذي تتراوح أسعاره ما بين ألف ريال و1800 ريال. وكشف أن سوق المنطقة الوسطى تستحوذ على 50 في المائة من الأسواق السعودية لكثرة المشاغل للفراء وكثرة الطلب من قبل المستهلكين، إضافة إلى كون المنطقة الوسطى تتعرض لتيارات برد شديدة في فصل الشتاء. وأضاف أن المشالح المستوردة، وخاصة من الشام، تستحوذ على 60 في المائة من السوق، بينما تستحوذ السوق المحلية، وخاصة منطقة الأحساء، على 40 في المائة، مشيرا إلى أن أعلى قيمة للمشالح تبلغ نحو 5 آلاف ريال. وكشف أبو سبعة عن حضور المرأة بقوة كمشترٍ في سوق الفراء بعد طرح عدة تشكيلات من الفراء المخصصة للنساء بأشكال وألوان مختلفة تناسب طبيعة المرأة، التي تتراوح أسعارها ما بين 150 و1200 ريال، مشيرا إلى أن نسبة الإقبال عليها من قبل النساء تجاوزت 70 في المائة هذا العام. وذكر أبو سبعة أنهم مارسوا التجديد في المشالح، ووضع بعض الإضافات لمحاكة الروح الشبابية ولمعايشة التغيرات السريعة في العالم بالشكل الذي لا يفقد المشلح وقاره وأصالته.

وأرجع أبو سبعة اضطرارهم لإضافة بعض الجماليات على «المشلح» إلى درجة الوعي وتغير النظرة تجاه الأناقة والجمال، مما أدى إلى تغيير بعض المقاييس الفنية لدى أوساط المشترين حتى طالت الرغبة في التجديد الألوان وغيرها.

وتعتبر الفروة أهم الملابس التي يحرص عليها أبناء الجزيرة العربية وخاصة البادية، كونها تعتبر أهم الملابس التي تجلب الدفء للابسيها، وخاصة في الأيام التي يكون فيها البرد شديدا جدا بعكس «المشلح» أو ما يسمى «البشت»، لذا عندما يشتد البرد يبادر أهل الجزيرة العربية إلى الفروة، التي تلبس عند الضرورة، وهذا ما يربط أهميتها القصوى بالظروف المناخية وتقلباتها، بعكس «المشلح» الذي يلبس في الظروف الجوية الحارة والربيعية والمعتدلة، لأنه الأجمل والأخف، لتكون العناية بالمشلح والحرص على اقتنائه كبيرين، في الوقت الذي تكون فيه (الفروة) في الحالات القصوى من اشتداد البرد. وتصنع الفروة من صوف الأغنام، وبعضها من الأرانب والنعام، فيما دخلت التقنية الحديثة على الفورة لتصنع من المنتجات النفطية، التي تستورد عادة من الدول الآسيوية التي تتميز برخص الثمن. ويحرص سكان البادية والمناطق الصحراوية منذ القدم على اقتناء «الفروة» نظرا للظروف البيئية والجوية المتقلبة وبرد الصحراء الشديد الذي لا يقاومه إلا هذا النوع من الملابس الثقيلة، وتصنع هذه الفراء من صوف الأغنام وجلودها ويوضع عليها قماش يطلق عليه «القباب»، كما أن هناك عدة أنواع من الفراء، فمنها ما هو طويل يغطي جسم الإنسان كاملا، ومنها ما هو قصير مثل «الصدرية»، ومثلما تختلف أشكالها تختلف جودتها، وهذا بدوره يؤدي إلى اختلاف أسعارها.

وتعتبر «الفروة الطفيلية» من أجود أنواع الفراء وأغلاها، التي تصنع من صوف وجلود صغار الأغنام أو ما يسميه البادية «الطفال»، التي عادة لم تتجاوز أعمارها الشهرين، كونها تتميز بالخفة ورقيقة وناعمة الملمس وصوفها ناعم يجلب الدفء، ومنها «صينية طفالية» وقيمتها تصل 3 آلاف ريال، وأيضا العراقية «الموصلية طفالية» تصل أحيانا إلى أكثر من 5 آلاف ريال إذا كانت من نوع مبروم وناعم، وهناك السوري والألماني الذي تبلغ أسعاره نحو ألفي ريال، وهناك نوع رابع بدأ يغزو السوق السعودية، وهي الإيرانية، التي تصل ألف ريال.

وهناك من الفراء ما يسمى الدعم، الذي يصنع من جلد وصوف الأغنام الكبيرة، التي تجاوزت أعمارها 6 شهور، والتي تتميز بطولة شعر صوفها وثقلها، والتي لا تلقى إقبالا كبيرا، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأت تدخل إلى السوق الفراء الصناعية، التي يتم تصنيعها من المنتجات البترولية، والتي تتراوح أسعارها ما بين 80 و200 ريال، والتي يتم استيرادها من الخارج وخاصة من دول شرق آسيا، فيما بدأت تطل موضة الفراء النسائية التي بدأت تأخذ حيزا من السوق السعودية والتي وصلت أسعارها إلى 3 آلاف ريال. واشتهر بصناعة الفراء بلاد الشام، وخاصة سوريا والأردن والعراق، ويتم صنع الفراء بإحضار جلود الخراف ومن ثم تغسل وترش بالملح، وتترك لمدة زمنية معينة، ومن ثم تغسل مرة أخرى ويتم رشها بمادة «الشبَّة» التي تعمل على قتل الجلد الحي ومن ثم يتم تنظيفها في ماكينات خاصة من إنتاج يدوي، وبعده تحول الجلود والجواعد إلى الخياطة من أجل تصنيعها لتكون فراء، ومفردها «فروة»، التي تكتسي بأقمشة مزركشة والتي تعطيها لونا وجمالا يجلب لها الزبائن.