مرضى «البهاق»: صافحونا.. مرضنا غير معد

يصيب 5% من السعوديين

مرضى البهاق عرضة لأمراض نفسية تنتج لديهم جراء عدم تقبل المحيط الاجتماعي لمرضهم («الشرق الأوسط»)
TT

قدرت إحصاءات طبية سعودية أن هناك نحو 5 في المائة من السعوديين يعانون من مرض البهاق (البرص)، في وقت يعاني فيه المصابون بذلك المرض من صعوبة في تقبل بعض أفراد المجتمع المحلي لهم، حيث يتحفظ البعض من مصافحة أولئك المصابين بالبهاق، مما دفع مجموعة دعم المصابين بالبهاق إلى إطلاق حملة للتوعية الأسبوع الجاري، شعارها «البهاق مرض غير معد»، وتأتي الحملة بالتعاون مع كرسي أبحاث البهاق التابع لجامعة الملك سعود في الرياض.

ويتحدث لـ«الشرق الأوسط» مدير الحملة مسفر القحطاني، قائلا «هي حملة موجهة لأفراد المجتمع بشكل عام»، مؤكدا أن مرضى البهاق في السعودية يواجهون حرجا اجتماعيا كبيرا، ويسرد أهداف الحملة بقوله «نسعى للفت الانتباه لهذه القضية، ورفع الوعي الصحي وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن المرض، إلى جانب تحسين نظرة المجتمع للمصابين بالبهاق، فالبعض يعتقد أن البهاق مرض معد وربما يتحاشون مصافحة المصاب لهذا السبب، علما أن البهاق مرض غير معد».

ويؤكد القحطاني أن كثيرا من مرضى البهاق تعرضوا للاكتئاب والعزلة الاجتماعية نتيجة نظرة المجتمع القاسية تجاههم، إلى جانب العراقيل التي يجدونها في المسائل المتعلقة بالعمل والوظيفة والزواج، قائلا «القطاع العسكري - على سبيل المثال - لا يقبل توظيف مرضى البهاق، رغم أنه مرض غير معد.. وهناك إشكالات أخرى كثيرة تواجه المصابين بالبهاق على الصعيد المهني».

ويوضح مدير حملة «البهاق غير معد» أن كثيرا من المصابين بالبهاق منعهم مرضهم من الزواج، خاصة بالنسبة للفتيات، مضيفا أن «بعض الفتيات هن اللاتي يتحاشين فكرة الزواج، نتيجة الخوف من رد فعل الطرف الآخر وعدم تقبله للمرض»، مفيدا بأن هناك شريحة أخرى من الفتيات تواجه ضغوطا أسرية تتمثل في منعهن من الظهور في المناسبات الاجتماعية كي لا يعلم الناس بمرضهن وبالتالي يتخوفون من فكرة الزواج من هذه العائلة، بالنظر إلى كون البهاق مرضا وراثيا.

وعن تفاصيل الحملة، فقد انطلقت مساء الخميس الماضي في مجمع «سلام مول» بمدينة الرياض، إذ قامت فرقة «سواعد» الترفيهية بتقديم برامج ومسابقات متنوعة للرجال والنساء والأطفال، وشهدت الفعاليات حضورا وتفاعلا كبيرا، في حين شارك في تقديم الحملة الإعلامي سامي الجعوني والممثل عبد الرحمن القاعود، بحضور مجموعة من المصابين بالبهاق من أعضاء شبكة البهاق الإلكترونية.

وتأتي هذه الحملة استكمالا للحملة الأولى التي انطلقت في الرياض قبل نحو عامين، وهنا يقول القحطاني «أطلقنا قبل نحو شهر كذلك حملة في لجنة التنمية الاجتماعية في حي البديعة في الرياض، والآن حملتنا هذا الأسبوع في مجمع (سلام مول)، وفي الأسبوع المقبل ستكون الحملة في مجمع (خريص مول)، والحملة تتضمن مسرحا للأطفال وتقديم بعض المسابقات، وتوزيع نشرة تعريفية عن البهاق للموجودين».

وعن تأثير هذه الحملات، يفيد القحطاني بقوله «البعض كان متخوفا من مصافحة المصابين بالبهاق سابقا، لكنه يقول الآن إن هذا الخوف زال لديه بعد التعرف أكثر على حقيقة المرض، وكثير من الناس غيروا وجهة نظرهم تجاه مرضى البهاق، وما زلنا نأمل بالكثير في هذا الشأن».

من جهته، أوضح البروفسور خالد الغامدي، المشرف على كرسي أبحاث البهاق بجامعة الملك سعود، أن مرض البهاق الذي يظهر على شكل بقع بيضاء فاقدة للون الجلد الطبيعي ينتشر بكثرة في السعودية، مقارنة ببقية دول العالم، مؤكدا أنه مرض غير معد، وذلك في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»، حيث أكد أنه لا توجد دراسات محلية تحدد نسبة انتشاره، إلا أن الغامدي يعتقد أن البهاق يصيب نحو 5 في المائة من السعوديين، مفيدا بأن أثره لا يقتصر على لون الجلد، بل يمتد للتأثير السلبي على الجوانب النفسية والاجتماعية والوظيفية والاقتصادية.

ووصف الغامدي ذلك بقوله «من آثاره النفسية القلق والاكتئاب لدى مرضى البهاق والانتحار في الحالات الشديدة»، وتطرق لعزلة بعض المصابين بسبب نظرات الاستغراب من الآخرين أو نظرات الازدراء والاشمئزاز، وبسؤاله عن نسبة المعرضين للإصابة بالاكتئاب والرغبة في الانتحار من مجمل مرضى البهاق، أفاد بأنه سبق أن أجرى دراسة على 160 مريضا ووجد أن 50 في المائة منهم يعانون من هذه الأعراض، أي نصفهم.

وعن أسباب ذلك قال الغامدي «هناك معتقدات خاطئة مرتبطة بالمرض مثل أنه يصيب الأشخاص قليلي النظافة ومن يتركون بقايا الأكل على جلدهم من دون غسل، واعتقاد البعض أنه ينتقل بالعدوى»، وأضاف أن «بعض المرضى يقابل بالرفض الاجتماعي، وهناك العديد من حالات الطلاق والعنوسة بسبب هذا المرض»، وأكد الغامدي أن المشكلة تتفاقم عندما يصيب البهاق المناطق المكشوفة من الجسم (كالوجه واليدين) مما يقلل من فرص الحصول على وظيفة لهذه الفئة.

يشار إلى أن البهاق يصنف بكونه مرضا شائعا، حيث يصيب من 1 إلى 2 في المائة من سكان العالم، ويظهر بوضوح أكثر في الأشخاص ذوي البشرة الداكنة إلا أنه ليس خطيرا ولا معديا ولكنه يؤثر على المظهر الخارجي للشخص، مما قد يسبب للبعض مشكلات نفسية مزمنة، ومع أن البهاق لا يعد مرضا وراثيا، إلا أن نحو 30 في المائة من المرضى لديهم تاريخ عائلي للمرض.