مليون متر مربع لإنشاء مشروع «صنع في مكة» قرب الحرم

90% من الحجاج والمعتمرين يشترون بضائع مستوردة

TT

كشفت الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة عن حاجتها إلى مساحة مليون متر مربع لتفعيل مشروع «صنع في مكة»، بعد أن أثبتت مواسم الحج والعمرة أن 90 في المائة من الحجاج والمعتمرين يشترون بضائع صنعت خارج البلاد.

وأوضح طلال مرزا، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع «صنع في مكة» حلم طال انتظاره، وطموح راود رغبة كبار الاقتصاديين، مؤكدا توجه الأمير خالد الفيصل لتفعيل «صنع في مكة» والانطلاقة به إلى حيز الوجود. وأفاد مرزا بأن الغرفة التجارية الصناعية في مكة عملت على صنع الشعار ووضع الترتيبات اللازمة، بيد أن ما كان ينقص هو القاعدة المكانية التي تنضوي تحتها جميع الشركات التي تريد الانضمام والمشاركة.

وقال مرزا إن مواسم العمرة والحج دعت للحاجة الماسة لإيجاد مؤسسة حقيقية تروج الصناعات التقليدية لصنع هدايا الحجاج والمعتمرين، وإيجاد مساحات جغرافية للصناعات الخفيفة بعد أن ضاقت المدينة الصناعية الموجودة حاليا بمشاريع ورؤى «صنع في مكة».

وأشار رئيس غرفة مكة إلى أنه انطلاقا من المشاورات مع وزير التجارة الذي طلب إيجاد مساحة مليون متر بغية إيجاد أرضية صناعية تكفل الانطلاق بشكل علمي ومدروس، ويشمل البنية التحتية للمصانع وتجهيزها.

وأفاد مرزا بالقول: «أكثر من 90 في المائة من الحجاج والمعتمرين يقومون بعمليات شراء لصناعات من خارج البلاد، وهو أمر مؤسف أن يكون حديث الذكريات للحجاج والمعتمرين من صناعات ليس لمكة دخل فيها».

وقال مرزا إن مبنى غرفة مكة الجديد والذي سيتم تدشينه عما قريب، سيدعم اقتصادات الحج والعمرة وسيغطي معظم الاحتياجات اللازم توفرها من خطط وبرامج ومشاريع ومؤتمرات وندوات.

وأشار مراقبون إلى أن تلك التجاوزات الصناعية أفرزت خللا في النهج الاقتصادي، من خلال عوامل كثيرة أضرت بالمنظومة التجارية، مكنت العمالة التجارية من السيطرة على مداخيل التجارة في مكة المكرمة، من خلال استغلال المواطنين بفتح المحال التجارية بأسمائهم، والاكتفاء بجني مبالغ مالية قليلة نهاية كل شهر، ويكون الربح الأكبر لهم، وتحويله إلى بلدانهم.

من جهته، قال خالد الغامدي، المحلل الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن العاصمة المقدسة أصبحت طوال السنة في حراك اقتصادي متصاعد، وذلك بسبب توافد المعتمرين والزوار لها في أغلب فترات الموسم، بالإضافة إلى موسم الحج، الذي يعتبر اللاعب الرئيسي في نمو الاقتصاد في مكة، وذلك لتوافد الملايين من البشر إلى هذه المنطقة المقدسة، فالقيمة السوقية مرتفعة جدا، وبالتالي يجب التركيز على نوعية البضائع المستوردة، ويجب البعد عن المقلدة من أجل الكسب المادي، فضلا عن أن هذا سيؤثر على الوافدين إلى مكة في نظرتهم على ثقافة العاصمة المقدسة الدينية.

وتابع الغامدي حديثه قائلا: «هناك عوامل كثيرة تحدث خللا في المنهجية الاقتصادية لمكة المكرمة، على الرغم من امتلاكها أرضا خصبة لأفضل مقومات التجارة، وهي وجود القوى الاستهلاكية من قبل الحجاج والمعتمرين، ومن هذه العوامل عدم التنظيم في عملية البيع والشراء في العاصمة المقدسة، فتجد محالا تفتح مع بداية موسم الحج والعمرة، وتغلق بمجرد انتهائهما، وليس الاعتراض على موضوع فتحها وإغلاقها، ولكن مكمن الخلل هو وجود عمالة أجنبية، تدير تلك المحال، من خلال بيعها لبضائع مقلدة ومضرة في بعض الأحيان». وزاد بالقول: «السعودية تخسر جراء وجود البضائع المقلدة أكثر من 100 مليار دولار سنويا، ويتكبد اقتصادها خسائر فادحة، بحكم أنها جميعا بضائع مقلدة لها عمر افتراضي صغير جدا لا يتجاوز الـ12 شهرا».

وقال: «يجب الاستفادة من الروافد المالية الكبرى من القوى الاستهلاكية الشرائية لدى الحجاج والمعتمرين، وذلك بسبب الانتفاع الكامل من هذه القوى الشرائية من قبل العمالة الأجنبية، بتحويل ما يجنونه من تجارتهم في العاصمة المقدسة، إلى بلدانهم، بسبب أن المواطن سمح لهم باستغلال اسمه صوريا فقط، وما يجنيه منهم نهاية كل شهر لا يتعدى ألوفا قليلة، والربح الأكبر يذهب إلى جيوب هؤلاء العمالة الذين قد يكونون في بعض الأحيان من العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة في المملكة».

وأفاد الدكتور فاروق الخطيب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط»، بأن البضائع المقلدة، التي يركز عليها هؤلاء التجار الأجانب، ساهمت في أخذ التصور الخاطئ من قبل الحجاج والمعتمرين لثقافة مكة الدينية والتجارية، من خلال عمليات الغش والغبن التي ينتهجها هؤلاء التجار الأجانب، مما ساهم في الإساءة إلى قدسية مكة المكرمة، مطالبين في ذات الوقت بتفعيل الصناعة في مكة المكرمة، لتكون محفزا للقضاء على تلك البضائع المقلدة، وتحل محلها بضائع «صنع في مكة».