الرياض تدشن أول أكاديمية للتدريب على الحوار.. بعد شهر من الآن

«الخطاب الثقافي» يستحضر «قس مكة» و«حمزة كشغري» و«الشاب العاري»

قضايا جدلية حضرت على مائدة الحوار في جلسات الخطاب الثقافي بالعاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، مستشار خادم الحرمين الشريفين والأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، عن قرب تدشين أكاديمية التدريب على الحوار، متوقعا أن يكون ذلك خلال الشهر المقبل، مؤكدا بدء العمل في مكتب مركز الحوار في المنطقة الشرقية وقرب افتتاحه في محافظة جدة.

وتعرضت الأمانة العامة لمركز الملك عبد العزيز للحوار لسيل من الانتقادات لدى اختتام جلسات لقاء الخطاب الثقافي الخامس بالرياض يوم أمس، حيث طالب محمد آل زلفة، عضو مجلس الشورى السابق، بتغيير مسؤولي الأمانة على ألا تتجاوز مدة بقائهم في منصبهم عامين، في حين قالت طالبة مشاركة إن الحوار يستقطب متشددين من التيارين الإسلامي والليبرالي ينقلون مواجهاتهم على الطاولة دون تقديم حلول لقضايا وطنية أهم.

بينما اقترحت الدكتورة فوزية أبو خالد الأكاديمية أن يتم اختيار ضيوف لقاءات الحوار الوطني من قبل الموظفين دون أن يتم ترشيحهم من قبل المسؤول.

وحاول بن معمر احتواء الانتقادات ببعض التعليقات الساخرة، لكنه عاود التأكيد بأن النقد هو من ساهم في دفع عجلة الحوار، مبينا أن مصيبتهم ستكون كبيرة إن لم تتحقق نتيجة من الحوار خلال السنوات التسع الماضية.

وأوضح بن معمر أن الواسطة لا توجد في الوظائف التابعة لوزارة الخدمة المدنية لأنها تحظى بأنظمة صارمة، مشددا على أهمية التحاور لنقل المعلومات الأمينة للمجتمعات الأجنبية التي لا تتضح لها الصورة الحقيقية بالشكل الكافي، حيث فوجئ بعد لقائه بعض الطلاب والطالبات في النمسا وألمانيا بأنهم لا يعرفون عن الشريعة الإسلامية إلا الجلد وقطع اليد.

وأمام اتهامات أطلقها بعض المنتمين للتيار الإسلامي للصحافة بأنها تقصي آراءهم وتستبعد أن يكونوا ضمن خياراتها للاستكتاب، دعا جمال خاشقجي، مدير قناة «العرب» الإخبارية، إلى تخصيص حوار يجمعهم مع رؤساء التحرير لسماع وجهتي النظر وتجلية الحقائق.

ولم يأبه الدكتور خالد المصلح، أستاذ الفقه في جامعة القصيم، لوصف بعض المشاركين في جلسات الحوار الوطني بأنهم مجرد مفرقعات صوتية، ليس لهم قصد سوى تسجيل الحضور دون أن يكون لهم أثر فعلي في حل القضايا الشائكة، موضحا أنه استعان بهذا الوصف من خلال الصدى الذي يجده اللقاء في شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر).

وقارنت الدكتورة بنية الرشيد، الأكاديمية في إحدى الجامعات، بين صدى اختراق الثوابت الدينية بين المسلمين وبقية الأديان، حيث يحارب اليهود على سبيل المثال كل من يشكك في وقوع مذبحة الهولوكوست، بينما لا يصدر رد فعل من المسلمين حين تتعرض ثوابتهم للاختراق.

واستحضر المستشار التربوي، فيصل الكاف، بعض القضايا التي كانت محل تجاذبات بين أقطاب التيارات المختلفة في المجتمع السعودي دون أن يسهب في تفاصيلها، ومن أبرزها قضية حمزة كشغري، وقضية قس مكة، والشاب السعودي الذي التقطت له إحدى المجلات الأجنبية صورا عارية.

وتناولت مشاركات المتحدثين والمتحدثات في اليوم الختامي للقاء موضوع اختراقات الثوابت الوطنية السعودية في الخطاب الثقافي، حيث أكدت الدكتورة هدى الدليجان، المستشارة في وزارة التعليم العالي، أن القرآن الكريم والسنة المطهرة رافدان مهمان لثوابت الدولة السعودية في نظام الحكم القضائي والسلطات التشريعية والسلطات التنفيذية، التي جعلت أساس الحكم هو الرجوع للكتاب والسنة والاجتهاد في احترام التعدد الثقافي لكل أفراد الوطن ومؤسساته، وبينت أن الثوابت الوطنية تقوم على الوحدة والوئام واحترام الآخر واندماج جميع المتغيرات في كيان أصيل متنوع، بهدف بناء المجتمع الصالح والابتعاد عن الخلافات المذهبية والتيارات الدينية والمعارك الفكرية.

من جهتها، أشارت الدكتورة فوزية البكر إلى أن انتشار العدل أهم من الحرية في المحافظة على الوحدة الوطنية التي تحقق التفافا حول الثوابت الوطنية، وتمثل درعا حصينة ضد من يهددها، معتبرة أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست من مهددات الوحدة الوطنية كما يشاع. كما طالبت بإعادة ترتيب الملفات الداخلية، وتحديد استراتيجيات مستقبلية واضحة بقرارات سياسية شجاعة، تحمي كيان الملكية وتعزز المشاركة الشعبية التي تحتكم للقانون بمساندة الشريعة لتطبيق مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية بين الجميع.

وأكد أغلب المشاركين والمشاركات أن صياغة الخطاب الثقافي أمر تعذر على الأمة العربية بأكملها، إذ إن المطروح في وسائل الإعلام رؤى وليس خطابا ثقافيا، مطالبين بأهمية المسارعة إلى العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، والحاجة إلى إضافة البعد المعرفي الخاص بالمجتمع بدلا من استهلاك المعرفة، في ظل وجود الممارسات الخاطئة من قبل بعض المثقفين والمفكرين والعلماء ضد التيارات الفكرية، إضافة إلى انطواء كل طائفة على نفسها، مؤكدين أهمية غرس مفهوم الثوابت الوطنية لدى الناشئة من خلال الاتفاق على خطاب سعودي ثقافي موحد، وتحديد مفهومها، ثم الحوار حولها من جميع الأطياف.

كما دعا عدد من المشاركين والمشاركات إلى قراءة النصوص بعمق والبعد عن التأويل والاختلاق، مقترحين تبني وطرح لقاء موسع عن مواقع التواصل الاجتماعي وتجاوزاتها والحلول التي تطرح لتلك التجاوزات وطرح الأبحاث ذات العلاقة بالثوابت الوطنية.

وقدم المشاركون رؤية شاملة لخطاب ثقافي سعودي ملتزم بالثوابت الوطنية، وأجمعوا على ضرورة صياغة تلك الرؤى في شكل مبادرات قابله للتطبيق، سواء في المؤسسات الإعلامية أو التعليمية أو مؤسسات المجتمع بشكل عام، بحيث تصل هذه الرسالة الوطنية لكل شرائح وأطياف المجتمع، وقد أكدوا أهمية طرح مثل هذا الموضوع الحيوي والمفصلي.