عمالة مخالفة تتغطى بستار «أعمال الصيانة» للسطو على المنازل

تتهم بأنها تقف خلف 60% من الحرائق بالسعودية

تشكل العمالة غير النظامية أحد المخاطر الأمنية والاجتماعية التي تعانيها السعودية مؤخرا («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت السلطات الأمنية بمدينة جدة (غرب السعودية) عن أن معظم الجرائم الجنائية، ومنها «سرقة المنازل»، تنفذها عمالة مخالفة لنظام الإقامة المعمول به في المملكة، وتعمل في قطاع الحرف المهنية، بينما تشير الإحصاءات إلى أن 60% من الحرائق داخل المنازل ناتج من ماس كهربائي أو سوء في المواد المستخدمة لتمديدات الكهرباء، التي يتسبب فيها عمالة مخالفة.

وبحسب التحقيقات الأولية التي تجريها أقسام الشرط في محافظة جدة، مع المتورطين في عمليات سطو على منازل، هم من العمالة المخالفة التي تمكنت من دخول المنزل في وقت سابق، بهدف إصلاح أحد الأعطال المتمثلة في «الكهرباء، السباكة»، وقاموا وفقا للتحقيق بدراسة مداخل ومخارج البيت، ورصد النوافذ إن كانت مغطاة بشبك، حتى يتسنى لهم الفرار في حال المقاومة من مالك المنزل.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الملازم أول نواف البوق، المتحدث الرسمي لشرطة جدة: «إنه وفقا للتحقيقات الأولية، تبين أن العمالة المخالفة لنظام الإقامة التي تعمل في مهن عدة، منها السباكة، الكهرباء، صيانة أجهزة الأطباق الفضائية، متورطة في قضايا السرقة للجهات المختصة».

وزاد: «إن العمالة المخالفة تهدف من هذه الأعمال لتمكينها من الدخول إلى المنزل، ومعرفة ما يدور فيه وقراءاته من كثب، فهي تستفيد من خلال أنها اكتسبت خبرة في مجال لا تعمل فيه، وتكون قادمة للبلاد بغرض الحج أو العمرة، وفي الشق الآخر تمكنت من كسب المال، وعاينته قبل السطو عليه».

يأتي ذلك في وقت تشهد فيها الكثير من الشوارع الرئيسية داخل المدن الكبرى بالسعودية انتشار العمالة غير المؤهلة فنيا، التي تقدم خدماتها على أرصفة الشوارع، رغم التحذيرات المتكررة من السلطات الأمنية من التعامل مع تلك العمالة التي توصف دوما بالمخالفة لأنظمة العمل بالبلاد.

وهنا يؤكد متحدث شرطة جدة، أن عددا من الفرق الأمنية الميدانية تقوم بعمليات مداهمة لكافة المواقع المشتبه فيها، التي تكثر فيها العمالة الوافدة، وينتج عنها سقوط أعداد كبيرة من العمالة العربية والآسيوية المخالفة، مشيرا إلى أن تلك العمليات الميدانية تأتي خلافا عن الحملة المشتركة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وذلك بهدف إحالة كل قضية لجهتها في لحظة القبض على المتورطين.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد العمالة الوافدة في السعودية تجاوز 7 ملايين شخص، من مختلف الجنسيات، تسيطر العمالة الآسيوية على النسبة الأكبر منها، بينما تشكل تلك العمالة العمود الفقري لعدد من المنشآت التجارية، التي تعمل في قطاع العقار، والتقنية، ومنافذ بيع المنتجات الغذائية والاستهلاكية.

وعزا مختصون انتشار العمالة المخالفة في قطاع الحرف المهنية، إلى قلة المؤسسات المتخصصة بتأهيل العمالة لتكون منافسا للعمالة المخالفة، إضافة إلى أن بعض المؤسسات لا تقبل القيام بتأدية مهام الصيانة البسيطة، تحت ذريعة أنها لا تغطي التكلفة المالية لأداء العمل من قبل عمالها.

من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» العقيد سعيد سرحان، المتحدث الرسمي للإدارة العامة للدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة: «إن 60% من الحرائق التي تباشرها فرق الدفاع المدني، يكون سببها ماس كهربائي، ناتج من سوء استخدام التوصيلات الكهربائية، أو التمديدات الداخلية المنفذة بطريقة سيئة، لا تراعي القواعد التقنية والفنية لها». وشدد سرحان على أهمية إدراك المواطن أنه ينفق ملايين الريالات في بناء منزله بمواصفات عالية الجودة، ويستهين في تمديد الكهرباء، من خلال الاعتماد على مثل هذه العمالة التي تجهل طرق وآلية العمل في هذا المجال.

من جهته، أوضح لـ«الشرق الأوسط» حطاب العنزي، المستشار والمشرف العام على إدارة العلاقات العامة والإعلام والمتحدث باسم وزارة العمل، أن العمالة السائبة تمثل خطرا كبيرا على المجتمع، لمخالفتهم النظام أو تخليهم عن العقود المبرمة مع الشركات، ونصح أصحاب المنشآت بعدم التعامل مع تلك الفئة المخالفة التي تؤثر سلبا على سوق العمل، وتحارب المواطنين في أرزاقهم.

وأردف حطاب: «إن الوزارة اتخذت الكثير من الإجراءات لمحاربة التستر والمتاجرة بالتأشيرات»، مشيرا إلى وجود الكثير من القرارات الوزارية التي تعاقب المخالفين، سواء من أصحاب العمل الذين يسمحون بتسريح عمالتهم، أو العمال الذين يعملون لدى الغير دون موافقة أصحاب العمل، أو الذين يعملون لحسابهم الخاص، كما تنص على ذلك المادة التاسعة والثلاثون من نظام العمل، وكذلك أصحاب الأعمال الذين يستقطبون العمالة المخالفة للعمل لديهم».

ويرى اقتصاديون أن العمالة المخالفة، لا يتم الاستفادة منها داخل البلاد، ولا يكون لها مردود إيجابي على الاقتصاد، في عمليات الشراء، واستخدام كافة الخدمات التي تقدمها الجهات المختصة، خاصة أنهم يجتمعون في مكان صغير أكثر من 10 أفراد، ولا يتجاوز حجم أنفاقهم 300 ريال في الشهر، بينما يستفيد هؤلاء من أعمالهم، في كسب مبالغ كبيرة يتم تحويلها بطرق غير شرعية في معظم الأحيان إلى خارج السعودية.