«الأمان الأسري»: العنف ضد المرأة يمثل «رأس الهرم الجليدي».. وما خفي أعظم

الخجل الاجتماعي أحد معوقات الرصد للظاهرة

TT

أكدت الدكتورة مها المنيف المديرة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري الوطني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العنف الموجه ضد النساء «أصبح ظاهرة حتمية، ولا شك في وجودها بالمجتمع السعودي»، ووصفت حالات العنف في السعودية بـ«رأس الهرم الجليدي» الذي يخفي العديد من الحالات التي لم يبلغ عنها.

وأشارت إلى سعي برنامج الأمان الأسري الوطني للحد من ظاهرة العنف، وذلك من خلال تقديم برامج الوقاية والمساندة ونشر الوعي وبناء شراكات مهنية مع المتخصصين والمؤسسات الحكومية والأهلية والمنظمات الدولية لتوفير بيئة أسرية آمنة.

ولفتت المنيف إلى أن البرنامج «يمارس دورا محوريا في تغيير ثقافة المجتمع تجاه العنف الأسري، مما ينعكس بطريقة إيجابية للحد من حدوث العنف والتقليل من عدد الضحايا».

ونوهت المنيف إلى أن أبرز أهداف البرنامج هو «دعم ومناصرة حقوق المرأة والطفل وتأييد التشريعات والأنظمة التي من شأنها حماية الأسرة وخفض معدلات العنف».

وذكرت المنيف أن آخر إحصائية لبرنامج الأمان الأسري أشارت إلى أن 60 في المائة من النساء يزرن المستشفيات جراء العنف الأسري وتشكل النساء من عمر 20 – 32 سنة أعلى معدل للضحايا، مضيفة أن العنف احتل المرتبة الثالثة في أسباب الوفيات بين النساء، في حين كشفت دراسة أجريت في مراكز الرعاية الصحية الأولية شملت 687 مراجعة عن تعرض 57 في المائة منهن للعنف بشكل متكرر، أما عن الإصابات فقد أوضحت الدراسة أن 63 في المائة تظهر عليهن الإصابات إثر العنف الأسري، واتفقت 49 في المائة على أن العنف ضد المرأة تجاوز الحالات الفردية وأصبح ظاهرة في المجتمع السعودي، مشددة على أن الإحصاءات الموجودة حاليا للعنف الأسري لا يمكن القياس عليها أو أن يعول عليها وذلك بسبب عدم توحد الإحصاءات في مركز أو جهة واحدة، فكل جهة تملك إحصائية خاصة بحسب الحالات المتقدمة لها، إلى جانب أن بعض الحالات قد تراجع أكثر من جهة وتسجل فيها.

ووصفت المنيف حالات العنف في السعودية بـ«رأس الهرم الجليدي»، معللة ذلك بوجود الكثير من الحالات التي لم تكتشف أو لم يتم التبليغ عنها لذلك لا يمكن الوثوق بالإحصاءات الموجودة لأنها لا تعكس الواقع الحقيقي للمشكلة.

من جانبه، قال المحامي يوسف العرفج إنه «يتوجب على النساء - المعنفات - التمرد على العادات والتقاليد المجتمعية التي تحول بينهن وبين الشكوى من العنف أيا كان مصدره»، موضحا أن خوف المرأة من نظرة العائلة والمجتمع والتي وصفها بـ«النظرة السقيمة» التي تزدري الشكوى ضد أحد أفراد الأسرة خوفا من الفضيحة المصطنعة أو التشهير بالسمعة في المحاكم، يجعل المرأة تتعرض لما يشابه الموت البطيء جراء تعرضها للتعنيف الأسري.

وذكر العرفج أن «اضطرار المرأة المعنفة - في ما لو قاضت معنفها - للعودة إلى منزلها الذي تتعرض فيه للإساءة أحد أهم أسباب امتناعها عن مقاضاة المعنف خاصة في غياب الرقيب القانوني والسلطة الرادعة المسؤولة عن متابعة حالتها والتواصل معها وإلزام الأسرة بحرية تواصلها مع الجهات القضائية». وأضاف العرفج أن «إحجام بعض المعنفات عن اللجوء للقضاء يعود إلى غياب الحلول الشرعية والقانونية والتعقيدات التي تواجهها المرأة سواء شرط وجود المعرف أو غياب خبرتها القانونية في تحرير دعواها أو جهلها بالمكان الصحيح لتقديم الشكوى وهي المحاكم الجزائية».

ولفت إلى أن «النظام الجديد القاضي بتشكيل المحاكم الأسرية سوف يسهل على المرأة المطالبة بحقها بالإضافة إلى قرار مزاولة المرأة لمهنة المحاماة، الأمر الذي سيحل أزمة استحياء بعض النساء من اللجوء إلى محام للدفاع عنهن».

ولم يقلل العرفج من قيمة التوعية والتثقيف الحقوقي حيث يأمل من جمعيات حقوق الإنسان نشر الوعي وتنظيم جولات في المدارس وأماكن وجود النساء في مؤسسات الدولة وفي الأحياء من أجل الاطمئنان بشكل دوري على عدم تعرض النساء للعنف، كما أوصى بتفعيل دور مراكز التنمية الأسرية وخطباء المساجد من حيث إيضاح حقوق المرأة وتوعية المجتمع والتوجيه بالوسطية في التعامل مع المرأة.

كما شدد على دور هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حماية المرأة وضرورة إقرارها إنشاء مراكز هيئات نسائية تلجأ لها المرأة أثناء تعرضها للعنف الأسري أو الاعتداءات الجنسية أو غيرها من مظاهر التعنيف.

وأكد العرفج أن الأخذ بالحلول السابقة سيفتح الأبواب للمرأة لتطلب النجدة والمساعدة، وفي المقابل ستضع الرجل موضع مسؤولية لأنه سيواجه امرأة ذات سلطة ويقف خلفها رادع وقوانين تجبره على التزام حدوده.