«الصحة» تلوح بعقوبات لردع المصالح الشخصية بين الأطباء وشركات الأدوية

تكرار المخالفة يؤدي لسحب الرخصة بشكل نهائي وغرامات تصل لـ50 ألف ريال

تواجه شركات الأدوية ضغوطا من بعض الأطباء مقابل الترويج لمنتجاتها («الشرق الأوسط»)
TT

شددت وزارة الصحة على تطبيق عقوباتها لردع المصالح الشخصية بين الأطباء والشركات المصنّعة للأدوية، وسن نظام مزاولة المهن الصحية بشكل إيجابي، الذي يحد من ترويج بعض الأطباء لأنواع معينة من العلاجات مقابل الحصول على امتيازات ومكافآت ومبالغ مالية من تلك الشركات.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سامي باداود مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة أن «ترويج الطبيب لدواء محدد على حساب نوع أفضل منه، أو صرف علاج دون استدعاء الحالة المرضية له يندرج ضمن المخالفات التي يحاسب عليها نظام مزاولة المهن الصحية».

وأضاف باداود «تتحدد العقوبة بحسب حجم المخالفة، حيث تبدأ بغرامات مالية تتراوح ما بين 5 آلاف و50 ألف ريال، وتتدرج إلى السحب المؤقت لترخيص مزاولة المهنة، الذي يستمر من شهرين إلى عام كامل، وفي حال تكرار المخالفة يتم سحب الترخيص بشكل نهائي».

من جهته، بين لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول بوزارة الصحة، أن الوزارة لا تعتمد على دائرة المباحث الإدارية في مراقبة الأطباء بالمستشفيات، ولكنها ترفض وبشدة مثل هذه السلوكيات، داعيا الأطباء إلى عدم الانجراف وراء المغريات التي قد تردهم من قبل شركات الأدوية في سبيل التسويق لمنتجاتها الدوائية.

وقال المصدر المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: «قد يتم التأكد من وجود مصلحة شخصية بين شركة الأدوية والطبيب عن طريق إصرار الثاني على صرف نوع معين من الأدوية، رغم توفر البدائل»، واصفا هذه السلوكيات بـ«النادرة» جدا ولا يمكن تعميمها على كل الأطباء.

يأتي ذلك في وقت أكد فيه لـ«الشرق الأوسط» مندوب تابع لإحدى الشركات الكبرى المصنعة للأدوية بالمملكة، وجود مصالح شخصية بين عدد من الأطباء وشركات الأدوية، التي تتضمن تسويق العلاج من قبل الطبيب عن طريق الوصفات الطبية المكتوبة للمرضى، مقابل تلبية الشركة لمتطلبات ذلك الطبيب.

وقال المندوب الذي فضّل عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «حينما أصاب بمرض ما، فإنني أزور الطبيب دون أن أبين له هويتي الحقيقية، لأكتشف أنه يكتب لي نوعا رديئا من الأدوية كي يحقق فوائد مالية من الشركة المصنعة لهذا الدواء».

وأشار إلى أن الشركة المصنعة للأدوية قد تواجه ضغطا من الطبيب مقابل ترويجه لمنتجاتها، حيث توفر له تذاكر طيران أو مكافآت مالية أو عينية، أو حتى رحلات سفر بحجة المشاركة في ندوات علمية على مستوى العالم (بحسب قوله).

وزاد: «معظم تلك المصالح عادة ما تنشأ بين الأطباء والشركات المصنعة للأدوية التنافسية التي تقوم بتصنيعها أكثر من شركة بدرجات جودة متفاوتة، إذ إن الوضع الطبيعي أن يصف الطبيب النوع الأفضل من هذه الأدوية للمريض، إلا أن آخرين يكتبون الرديء منها؛ إما بناء على رغبة المرضى كونه يباع بسعر أقل، أو لتحقيق مكاسب شخصية من الشركة المصنّعة».

واستطرد: «تكمن الإشكالية في عدم القدرة على إثبات وجود مثل هذه المخالفات، ولا سيما أن الطبيب لديه حرية اختيار العلاج الذي يراه مناسبا من وجهة نظره، فضلا عن أن تقديم دعوات للأطباء بشأن حضور ندوات علمية لا يدين أي طرف من الأطراف».

وعلق مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة: «لا يمكننا الدخول في ضمائر الناس، ومن غير المعقول الاعتماد على مجرد سلوكيات، غير أننا نطبق العقوبات في حال وجود إثباتات ملموسة حول مثل هذه القضايا».

من جهته، أوضح أنس بادحمان، الذي يعمل مندوبا في إحدى شركات الأدوية، أن الشركات تبحث عن الأطباء المقتنعين بالمادة العلمية التي تصنّعها، لافتا إلى أن ذلك الاقتناع ينتج عن الدراسات والبحوث والندوات العلمية المتعلقة بمكونات العلاج, إضافة إلى اجتماعات للنظر في الدراسات الحديثة للأدوية والفروقات بين كل مادة علمية وأخرى، وتحديد المزايا ومدى ملاءمتها للفئات العمرية والحالات المرضية.