غرفة الرياض لـ«العمل»: قراراتكم تحارب توطين الوظائف.. وسترفع أجور العمالة الوافدة

نظام لضبط حوالات الأجانب يتوعد المتجاوزين بالمساءلة القانونية

وزير العمل المهندس عادل فقيه خلال مؤتمر صحافي عقد بالرياض أول أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

في تصعيد جديد، اتهمت الغرفة التجارية والصناعية في الرياض وزارة «العمل» السعودية بمحاربة توطين الوظائف، والمساهمة في زيادة رواتب العمالة الأجنبية بنسبة تصل إلى 30%، حيث أعلنت غرفة الرياض في هذا السياق يوم أمس، عن رفض رجال الأعمال تعديلات نظام العمل الأخيرة التي أقرتها الوزارة.

وأفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن عددا من رجال الأعمال والغرف التجارية السعودية سيترافعون قضائيا ضد وزارة «العمل»، وهو الأمر الذي يعني مزيدا من الاحتقان في هذا الخصوص، يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه وزير العمل المهندس عادل فقيه خلال رده على سؤال «الشرق الأوسط» أول من أمس، أن 150 ألف منشأة التزمت بسداد الرسوم الجديدة على العمالة الوافدة.

من جهته، أعلن المهندس منصور عبد الله الشثري عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية بالرياض رئيس لجنة الموارد البشرية عن رفض رجال الأعمال لتعديلات نظام العمل التي اقترحتها وزارة «العمل»، وقال: «هذه التعديلات ستؤدي إلى زيادة رواتب العمالة الوافدة بنسبة 30% مما يجعل بيئة سوق العمل مناخا جاذبا للعمالة الوافدة، ويرسخ مبدأ الاستيطان الوظيفي بالسعودية، وهو ما يتعارض مع سياسة توطين الوظائف لأبنائنا من جهة، ويؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة على المواطنين من جهة أخرى».

وحول قرار رسوم العمالة الوافدة، قال الشثري: «المستفيد الأكبر من هذه التعديلات هم العمالة الوافدة التي ستنال حقوقا إضافية، وزيادة في معدلات رواتبهم الشهرية، إضافة إلى زيادة في المزايا المتفق عليها في عقود العمل المبرمة»، مؤكدا في الوقت ذاته ترحيب وموافقة رجال الأعمال على إعطاء الشباب السعودي العامل في القطاع الخاص مميزات وحوافز إضافية شريطة أن لا تشمل تلك الحوافز العمالة الوافدة التي تشكل ما يقارب 90% من حجم القوى العاملة في القطاع الخاص.

من جانب آخر، كشفت وزارة العمل السعودية عن التزام 150 ألف منشأة في القطاع الخاص بدفع رسوم العمالة الوافدة، يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الوزارة عن بدء تطبيق نظام جديد يتعلق بحماية أجور العاملين في القطاع الخاص من جهة، والتعاون مع وزارة «الداخلية» في البلاد لكشف الحوالات الكبيرة التي تفوق معدلات دخل العمالة الوافدة الشهرية من جهة أخرى.

وقال المهندس عادل فقيه، وزير «العمل» السعودي في رده على سؤال «الشرق الأوسط» خلال مؤتمر صحافي عقد بالرياض أول من أمس: «عدد منشآت القطاع الخاص التي التزمت بقرار رسوم العمالة الوافدة بلغ حتى الآن 150 ألف منشأة، والرقم يزداد بشكل يومي، ولا أعتقد أن هنالك تكتلات قام بها التجار ضد هذا القرار».

ولفت فقيه حينها إلى أن «نظام» حماية الأجور يعني أن تقوم الشركات بإرسال قوائم خاصة بتحويلاتها البنكية المتعلقة بالرواتب الشهرية إلى وزارة «العمل»، مضيفا «هنالك تعاون كبير مع مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك المحلية لتفعيل هذا القرار الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال أسابيع معدودة».

وأوضح وزير العمل أن أهم العقوبات التي ستفرض على الشركات المتقاعسة في منح الموظفين رواتبهم الشهرية بشكل منتظم هي منع هذه الشركات من خدمات وزارة «العمل» في حال عدم التزامها لمدة شهرين، وقال: «كما أنه في حال مرت 3 أشهر ولم يحصل الموظف الأجنبي على راتبه الشهري، فمن حقه أن يقوم بنقل كفالته دون أن يعود إلى الكفيل الأساسي الذي تقاعس في منحه الراتب الشهري المتفق عليه».

وبين فقيه أن وزارته ستتعاون مع وزارة «الداخلية» في البلاد نحو مراقبة تحويلات الأجانب، وقال في هذا الخصوص «نظام حماية الأجور سيكشف حجم العقود المبرمة بين العامل الوافد والشركة أو المؤسسة، لذلك إن قام هذا العامل بتحويل مبلغ ضخم جدا يفوق مرتبه الشهري، فإنه سيعرض نفسه للمساءلة وفقا لقانون من أين لك هذا».

ولفت وزير العمل إلى أن نظام حماية الأجور سيشجع الشركات على الالتزام بالإيفاء بحقوق العاملين فيها، مبينا أن النظام الجديد سيجعل الجهات الحكومية في قدرة تامة على كشف واقع شركات المقاولات وغيرها، وقال: «مثلا سيمكن نظام حماية الأجور وزارة المالية من معرفة شركات المقاولات التي لم تلتزم بعقودها مع العاملين فيها، وهو ما سيجعل الوزارة تبحث عن شركات جديدة تلتزم بالعقود، وهو أمر يقلل تماما كثيرا من المشكلات التي تواجه الجهات الحكومية فيما يخص تعثر المشاريع».

وحول التصريحات الصحافية لرئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يخص ملف تأنيث محلات المستلزمات النسائية، قال فقيه «كنت أتمنى أن يكون التنسيق بين الجهات الحكومية شأنا داخليا، وأن لا يكون عبر المنابر الإعلامية، نحن سنعقد اجتماعات عدة مع هيئة الأمر بالمعروف لمناقشة ملاحظاتهم على قرار تأنيث محلات المستلزمات النسائية».

وأضاف وزير العمل: «من الطبيعي أن يكون هنالك مخالفات وممارسات سلبية لقرار تأنيث المحلات النسائية، وأنا هنا أضرب مثالا بالمرور الذي يفرض الأنظمة ولكنه يجد بعض التجاوز من السائق عندما يقطع إشارة مرور أو غيرها، لذلك من يضع يده على موضع مخالفة للأنظمة التي سنتها وزارة العمل، فإنني أدعوه للإبلاغ عنها والتعاون معنا في ذلك».

وأكد فقيه أن العامل السعودي الذي يتقاضى 1500 ريال شهريا سيتم احتسابه بواقع نصف عامل فقط في نسبة التوطين المحتسبة في برنامج نطاقات، وقال: «السعودي الذي يقل أجره عن 1500 ريال لن يتم احتسابه في نسبة التوطين في برنامج نطاقات، كما أن تطبيق قرار تنظيم احتساب الأجور الشهرية سيتم تطبيقه في 2 فبراير (شباط) المقبل بهدف تحسين بيئة العمل».

وأوضح أن قرار تنظيم احتساب الأجور الشهرية سيتناول معالجة مشكلة تدني الأجور، مشيرا إلى أن احتساب العامل السعودي في نسبة التوطين في برنامج «نطاقات» بواقع عامل واحد يشترط أن لا يقل أجره الشهري عن 3 آلاف ريال، مضيفا «من أهداف برنامج حماية الأجور تحسين بيئة العمل في القطاع الخاص من خلال ضمان صرف مستحقات العاملين بالوقت والمبلغ المتفق عليه إضافة إلى ضمان حقوق أطراف العمل من خلال توفير مرجع معتمد وشامل لبيانات الأجور يتسم بالشفافية، إلى جانب عدد من الميزات النوعية للقرار منها تقليل المشاكل العمالية، وإيجاد بيئة عمل صحية تشجع رفع الإنتاجية، وإثبات حقوق المنشأة، وإثبات دفع الأجور للعامل من غير الحاجة إلى كشوفات التسلم، والحد من الشكاوى الكيدية».

وزاد فقيه قائلا: «من بين أهداف البرنامج كذلك زيادة التنافسية في سوق الأعمال من حيث فرص الحصول على مشاريع حكومية، وجذب الكوادر، وجعل مستحقات العمالة على رأس أولويات صاحب العمل لضمان استقرار الحياة الكريمة لهم، وتوفير مستوى من الرخاء الاجتماعي، والاستقرار النفسي، وبيئة عمل آمنة، وضمان امتداد الحماية الاجتماعية لجميع موظفي القطاع الخاص بعد التقاعد أو في حالات الإصابات، وضبط أجور العمالة الوافدة، وربطها بما يتوافق مع عقود أعمالهم، وتقييم الحالات المصرفية المشبوهة».

وأشار المهندس عادل فقيه إلى أن برنامج «حماية الأجور» يهدف كذلك إلى ضمان حقوق العمال وإعطائهم أجورهم من دون تأخير أو تلاعب، وإثبات علاقة العمل الحقيقية، والتعرف على المنشأة الوهمية، وضمان أمن العمال، والموظفين في القطاع الخاص من حالات السرقة بتسلم أجورهم، والحد من عمليات التستر، وضبط العمالة السائبة، وكشف العمالة التي لا تعمل لدى صاحب العمل الرسمي، والمساهمة في ارتفاع إنتاجية العامل في القطاع الخاص نتيجة ضمان حقوقهم، والحد من الشركات الوهمية، وتوفر معلومات وبيانات واقعية محدثة تعكس حالة القطاع الخاص واحتياجاته المستقبلية، إضافة إلى المساهمة في إبقاء المدخرات المالية للعمالة الوافدة داخل البلد وعدم اللجوء إلى الحوالات بشكل سريع.

وأضاف وزير العمل: «البرنامج يقوم برصد بيانات صرف الأجور الشهرية للمنشآت ومقارنتها مع البيانات المسجلة في وزارة العمل»، مشيرا إلى أن وزارته ستقوم برصد انضباط صاحب العمل بالسداد في الوقت وبالقيمة المتفق عليهما حسب ما تم تسجيله في نظام حماية الأجور.

وأفاد وزير العمل أن برنامج حماية الأجور للعاملين في القطاع الخاص سيقوم بمتابعة دقيقة لصرف مستحقات العمالة الشهرية في القطاع الخاص بشكل كامل وفي الوقت المتفق عليه، مشيرا إلى أن تلك المنظومة المتكاملة من الإجراءات التي تقوم بها الوزارة تهدف في المقام الأول لمعالجة تشوهات سوق العمل، وتوفير بيئة عمل مناسبة، وجعل المواطن السعودي الخيار المناسب لمنشآت القطاع الخاص.

وأبان فقيه أن الدولة لا تتدخل في مسألة تحديد الأجور بالقطاع الخاص، مضيفا «ارتفاع أجور الموظفين السعوديين بالقطاع الخاص يتحقق بزيادة الطلب على أكبر قدر من الأفراد السعوديين بسوق العمل مما يؤثر بالتالي إيجابيا على ارتفاع أجورهم»، كاشفا النقاب عن عزم الوزارة إطلاق الكثير من المبادرات خلال الفترة المقبلة التي تهدف إلى مزيد من المبادرات والتنظيمات بسوق العمل المحلي التي تدعو إلى نشر ثقافة العمل.