817.5 مليار ريال تضع «المؤسسات الرقابية» أمام تحدي تدقيق الصرف

بعد الإعلان عن أضخم ميزانية في تاريخ الدولة السعودية الحديث

TT

تمثل الميزانية العامة للسعودية أكبر تحد يمارسه ديوان المراقبة العامة الذي يعد الذراع الرئيسية لحفظ المال العام، حيث تعول عليه الحكومة في التدقيق على مصير أكثر من 817.5 مليار ريال خصصتها لأكثر من 40 وزارة وهيئة ومؤسسة حكومية.

وفي حين لمحت بعض الدوائر الرقابية في البلاد بأنها تعاني بعض الصعوبات في حماية النزاهة ومكافحة الفساد ودرء الشبهات عن المعاملات المالية التي يشوبها الاختلاس، زود خادم الحرمين الشريفين هيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، وهيئة التحقيق والادعاء العام، بـ900 وظيفة، على أن تشغلها كفاءات قادرة على تدقيق الحسابات وتحصيل الأموال والتحري عن المخالفات الإدارية والمالية والتحقيق فيها من أجل إحالة مرتكبي التجاوزات إلى المحكمة الإدارية والمرافعة أمامها لإيقاع أشد العقوبات بحقهم.

ويبدو أن السعودية تسير على منهجية واضحة لحماية مدخراتها المالية منذ الإعلان عن موافقة مجلس الوزراء في عام 2007 على اعتماد الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، التي تسعى الدولة من خلالها لتشخيص مشكلة الفساد، وسنت لذلك بعض المبادئ، أبرزها إقرار مبدأ الوضوح والشفافية وتعزيزهما داخل المؤسسات الحكومية، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في حماية النزاهة، وكفالة حرية تداول المعلومات عن شؤون الفساد بين الجمهور ووسائل الإعلام، إضافة لتوضيح إجراءات عقود مشتريات الحكومة ومؤسساتها، وعدم اللجوء للسرية إلا في ما يتعلق بالمعلومات التي تمس السيادة والأمن الوطني.

ولعل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تأسست في مارس (آذار) من عام 2011، هي أولى الدوائر التنفيذية التي انطلقت من أعمال استراتيجية حماية النزاهة، على أن يكون دورها الرئيس هو مكافحة الفساد الحكومي ورصده، وقد تم منحها عددا من الدوافع الإيجابية وإعطاؤها مزيدا من المرونة بارتباطها مباشرة برئيس مجلس الوزراء.

وفرضت الهيئة على موظفيها قسما وظيفيا لضمان أن يكون أداؤهم نزيها ويتحلى بالآداب دون إفشاء الأسرار، كما تسعى لتطبيق نظام كشف الذمة المالية لكبار مسؤولي الدولة. ورغم أن الهيئة ما زالت تعتمد في أعمالها على ما يردها من بلاغات المواطنين ولم تتجاوز بعد مهامها التقليدية في التحقق من الشكاوى، فإنها ساهمت في بث بعض الهيبة على سلامة عقود المشاريع وبعثت برسائل تحذيرية لمن يتطاولون على بعض المستودعات الحكومية، بما في ذلك صيدليات المستشفيات في بعض المحافظات، التي اكتشف تعرض أدويتها للسرقة.