بورصة أبراج الحظ تبلغ ذروتها مطلع كل عام بين الشباب

ينتظرونها بصبر نافد.. ومختصون يصمونها بـ«الكهانة المحرمة»

TT

ينتظر عدد من الشباب بفارغ الصبر السنة الميلادية الجديدة، متشوقين إلى ما يطلقه المنجمون والفلكيون من توقعات للعام المقبل، حيث يقضي أولئك المتابعون من الشباب ليلتهم الأخيرة من العام للتنقل من قناة تلفزيونية إلى أخرى، لعل التوقعات الجديدة التي يدلي بها الفلكيون تحمل لهم أنباء سارة تغسل همومهم التي صاحبتهم خلال العام الذي يسبقه.

إلى ذلك، تقول فادية لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن برجي من الأبراج المحظوظة عام 2012، وأتمنى أن تنقشع السحابة السوداء هذا العام وأحظى بشيء من الأمل والحظ الجيد».

فادية تعمل في القطاع الخاص، وتنتظر منذ سنتين الترقية أو الموافقة على تعيينها في القطاع الحكومي، وتضيف: «للأسف لم يكن برجي من الأبراج المحظوظة خلال السنتين الماضيتين، وأتمنى أن تكون الحسابات الفلكية هذا العام في صالحي».

وتنتظر آلاء جابر، وهي طالبة في المرحلة الجامعية، كنهاية كل عام أن يطلق المختصون بعلم الفلك توقعاتهم للعام الجديد، لكي تعرف ماذا يخبئ لها العام الجديد من مفاجآت، مؤكدة اعتقادها بصحة تلك التوقعات، لا سيما أن علم الفلك هو علم قائم بذاته منذ القدم. وتقول آلاء: «من المعروف أن النجوم والكواكب لها تأثير على حياة الأفراد، خصوصا أن من يكتب تلك التوقعات مختصون يعتمدون على حسابات وأرقام مرتبطة بساعة الولادة والتاريخ والعام، وغير ذلك ليتعرفوا على صفات كل برج ونسبة حظه من العام الجديد».

ولا تكتفي الفتيات بمتابعة توقعات الأبراج عبر الفضائيات، بل تشهد المواقع الإلكترونية المتخصصة بعلم الفلك والأبراج ضغطا كبيرا، كما تشهد صفحات علماء الفلك والمنجمين إقبالا من قبل الشبان والفتيات الذين يبحثون عن إجابة لتساؤلاتهم سواء في ما يتعلق بالحياة العلمية أو العملية والصحة وغيرها.

كذلك ينتظر خالد العتيبي البالغ من العمر 26 عاما أن تبشره النجوم مطلع السنة الجديدة بفرصة عمل، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى أن أكون محظوظا في العام المقبل لأنني منذ ثلاث سنوات لم أوفق في عمل»، لافتا إلى أن إحدى المتخصصات بالأبراج قالت إن الحظ لن يحالف البرج الذي ينتمي إليه خلال السنوات الثلاث التي مضت. وتعلق الاستشارية النفسية مها حريري على متابعة الشباب للأبراج بقولها: «إن الأمور الغيبية وعلم الغيب دائما تكون مشوقة لأي إنسان، إذ من الملاحظ أن علم الفلك والتنجيم ومحاولة معرفة الطالع والغيبيات موجودة منذ العصور القديمة وحتى أيام الفراعنة».

وأرجعت حريري في حديث لـ«الشرق الأوسط» انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لدى فئات المجتمع السعودي إلى ضعف الوازع الديني وتقليد الغرب، مشيرة إلى أن الجيل الجديد جيل «هش» الثقافة.

وأضافت حريري: «لم يعد يكتفي الباحثون في الأبراج وعلم الفلك بمعرفة حظهم خلال العام، بل إن كثيرا من الفتيات والشبان أصبحوا يبحثون عن شريك حياتهم الذي يتوافق مع البرج والطالع».

ولفتت الاستشارية النفسية إلى أن هذه جميعها للأسف ثقافات خارجية دخيلة على المجتمع السعودي غالبا ما تكون بسبب ضعف الوازع الديني، لافتة إلى أن فئة المراهقين هي الأكثر بحثا عما تقوله الأبراج، موضحة أن أسباب انتشار تلك الأفكار الدخيلة يقع على عاتق المجتمع إلى الإعلام والتعليم والبيئة والأسرة. وأرجع الدكتور حاتم صويلح الاختصاصي في علم الاجتماع لجوء كثير من الأفراد لمعرفة الغيبيات، أو ما يسمى بالأبراج، إلى بحثهم عن أمل جديد في حياتهم، لا سيما للذين يعانون من سوء حظ.

وقال صويلح لـ«الشرق الأوسط»: «الظروف الاجتماعية المحيطة بالفرد وواقعه السيئ غالبا ما تكون سببا رئيسيا لدخولهم عالم الأبراج والفلك والغيبيات للبحث من خلالها عن أي خبر سار»، محذرا في الوقت ذاته من الانسياق وراء تلك «التكهنات» التي لا تمت إلى الواقع بأي صلة، والتي من شأنها أن تعود على الأشخاص بآثار نفسية سلبية حال تعلقهم بها من دون أن تتحقق.

من جهته أوضح الدكتور سعود الفنيسان عميد كلية الشريعة الإسلامية سابقا بجامعة الإمام وأستاذ الشريعة أن كل ما يتعلق بالحظ والنصيب والحياة والوظيفة والمستقبل هو علم غيبي لا يمكن أن يعلمه أحد قبل حصوله، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن علم الغيب يسمى في الشريعة «كهانة»، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد»، والمراد بذلك هو التحريم القطعي بما يقوله المنجمون والكهنة بجميع أصنافهم كون ذلك ادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.

وأشار إلى أن تلك الأمور تنتشر نتيجة الجهل وبُعد الناس عن حقيقة الإيمان، مضيفا: «لذلك نجد أن هذه الأشياء معلومة وموجودة في الغرب بسبب انعدام الإيمان، ولكن المؤسف والمؤلم انتشارها لدى المسلمين عبر وسائلهم الإعلامية».

وأكد أن أصحاب هذه المنكرات هدفهم التكسب من الناس، لافتا إلى أن هذه الظاهرة ليست خاصة بفئة عمرية، بل هي عامة لكثير من الفئات، وإن كانت تظهر لدى الشباب أكثر نتيجة لتطلعهم وشدة حرصهم لمعرفة المستقبل.