جدة: الإطاحة بعمالة وافدة تحول الأموال بطريقة غير شرعية لخارج البلاد

اتخذت من منازل شعبية مراكز لاستقبال عملائها

جهود حكومية تبذل للسيطرة على الحوالات المالية للعمالة الوافدة التي تتم بطرق غير مشروعة («الشرق الأوسط»)
TT

أطاحت السلطات الأمنية في جدة (غرب السعودية)، بعمالة وافدة من جنسيات مختلفة، اتخذت من المنازل الشعبية مركزا، لتحويل الأموال خارج البلاد بطرق غير شرعية.

وجاءت عمليات الإطاحة بالعمالة الوافدة المتورطة في تحويل الأموال، إثر بلاغات تلقتها فرق البحث والتحري، التي قامت بمراقبة وتحري المواقع المشتبه فيها، وجمع المعلومات حيال آلية التحويل واستقبال المبالغ من المقيمين في البلاد، وطرق إيصالها لعدد من دول العالم.

وأوضح الملازم أول نواف البوق المتحدث الرسمي لشرطة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن شرطة محافظة جدة تمكنت خلال الفترة الماضية من القبض على عمالة وافدة في عدد من الأحياء منها الرويس، الكندرة، السبيل، تقوم بعمليات مخالفة للأنظمة في المملكة، من خلال تحويل مبالغ مالية من داخل منازل شعبية.

وأردف متحدث باسم شرطة جدة بقوله: إن هذه العمالة تلتف على النظام في تحويل المبالغ المالية عبر جهات غير مرخص لها بمزاولة النشاط، الأمر الذي يدفع للشكوك في سلامة مصادر هذه الأموال التي قد تكون ناتجة من عمليات غير مشروعة، وهي أمور أمنية يتطلب مراقبتها والتدقيق فيها بشكل أعمق.

وتندرج هذه الأعمال وفقا لاقتصاديين، ضمن غسل الأموال، أو ما يعرف بالاقتصاد الخفي، أو اقتصاد الظل، والذي لا يخضع للرقابة الحكومية، فيما تعتبر مخرجاته، خارج الحسابات وميزانية الدول، في حين لا يعتمد فقط على الأنشطة غير المشروعة، بل يدخل ضمن السلع والأنشطة المعترف بها داخل ورش ومنافذ بيع مرخص لها بالعمل.

وأشار الملازم أول نواف، أن الجهات الأمنية تشدد عمليات الرقابة، وتقوم بدورها في التحري والبحث عن هذه المواقع ومكافحتها بكافة الطرق للحد من تناميها، وهو ما توصلت إليه شرطة جدة في تقليص هذه المواقع عما كانت عليه في أوقات سابقة.

وفي سياق متصل أعلنت وزارة العمل في وقت سابق، عن بدء تطبيق برنامج حماية الأجور في مطلع مارس (آذار) من العام الحالي 2013. والذي لا يقيد بحسب وزير العمل، التحويلات المالية للعمالة الوافدة، إلا أن قرار تنظيم احتساب الأجور الشهرية سيعطي الجهات المختصة دورا رقابيا، في حين سيمكن هذا البرنامج بمتابعة صرف مستحقات العمالة الشهرية، وتهدف هذه البرامج لمعالجة مشاكل سوق العمل، وتجعل المواطن الخيار الأمثل للقطاع الخاص، فيما لوحت الوزارة بتنفيذ حزمة من العقوبات على المنشآت التي تتخلف عن تقديم بيانات العاملين لديها خلال المهلة المحددة، بوقف جميع خدمات الوزارة، فيما سيحال العاملون على تلك الشركات لشركات أخرى دون الرجوع لصاحب العمل في حال طالت فترة تصحيح الوضع.

من جانبه قال الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ عضو مجلس الغرفة التجارية في جدة، والخبير الاقتصادي، إن قرار وزارة العمل في توضيح حجم تحويلات العمالة الذين يعملون في القطاع الخاص، أمر هام وله مردود إيجابي، إذ ما علمنا أن أعدادا من العمالة تتقاضى أجورا تقدر بنحو 2000 ريال، وتصل تحويلاتهم لخارج المملكة بأكثر من 100 ألف دولار، وهو ما يدل على أن هذه العمالة تقوم بأعمال أخرى غير المناطة لها.

وأشار مرعي إلى أن هذه الأعمال تندرج بما يعرف عالميا، «الاقتصاد الخفي»، إذ تقوم مجموعة من العمالة النظامية والمخالفة، بتحويل مبالغ مالية عبر مواقع غير مرخص لها بالعمل في قطاع الصرافة، والذي ينعكس بالسلب على الاقتصاد الوطني، من خلال تحرك رأسمال ضخم تديره عمالة وافدة، إذ تمتلك ما مقدراه 80% من حصة السوق في أعمال البيع النظامي وغير النظامي وتعتمد على التحويل لإخراج هذه المبالغ.

وأكد عضو مجلس الغرفة التجارية في جدة، أن إمكانية القضاء ومحاربة ظاهرة تحويل الأموال بطرق غير شرعية ممكن وسهل، إذ تم تغليظ الأحكام الصادرة بحق المتورطين في التستر والمحولين ومالك تلك المحلات، بغرامات تصل إلى السجن أكثر من 10 سنوات والإبعاد ودفع غرامة مالية كبيرة، موضحا أنه في حال تعرض كبار السوق المخالفين لمثل هذه العقوبات فإن الصغار سيوقفون نشاطاتهم على الفور.

وبحسب تقارير اقتصادية، بلغت تحويلات العمالة الوافدة من الربع الأول للعام الماضي 2012 قرابة 105 مليارات ريال، فيما كشف تقرير حديث لمصلحة الإحصاءات والمعلومات، أن قوة العمل لغير السعوديين بلغت 79% من إجمالي السكان غير السعوديين، أعمار 15 سنة فأكثر، وشكل المشغلون ما نسبته 99.9% من إجمالي قوة العمل غير السعودية، فيما بلغت نسبة التعليم بين المقيمين من كافة دول العالم داخل قوة العمل نحو 97%.