جدة: معرض «وكز» يعكس مفهوم ما بعد الحداثة والمفاهيمية للفن التشكيلي السعودي

محاولات فنية لتماهي الماضي مع الحاضر

معرض «وكز» مزج بين الحاضر والماضي برؤية فنية حداثية تعيد تنسيقها أنامل تشكيليين سعوديين بجدة («الشرق الأوسط»)
TT

بطريقة طرح غير اعتيادية، انفرد مجموعة من الفنانين التشكيليين السعوديين، بعرض أعمالهم الفنية برؤية مختلفة، هيمنت على عقول زوار معرض فني احتضنته صالة «شدة» بالردسي مول بمدينة جدة (غرب السعودية)، في أولى فعالياتها للفنون العالمية الذي تسعى من خلاله للتنافسية المحترفة.

وتمكن التشكيليون من جذب زوار المعرض بأفكارهم المبتكرة، والتي تمثلت في وضع بعض الأعمال في مسطح أبيض أو إعادة بعض المواد واستخراج شكل فني جديد استطاع أن يلقى إعجاب الحضور.

المعرض شارك فيه 7 من الفنانين التشكيليين السعوديين، ممن يمثلون مدرسة الفن الحديث المعاصر، حيث عرض الفنان فهد القثامي مجموعة صغيرة أطلق عليها «نثريات»، لما تنثره من شفافية ورقة للمشاهد، وشارك القثامي بعمل آخر عبارة عن عرض كامل لماكينة الخياطة كمادة قديمة جاهزة للعرض الفني.

بين القثامي لـ«الشرق الأوسط» أن مشاركته بعمل ماكينة الخياطة، بالقول: «إن هذه الآلة عبارة عن عمل فني تستحق التجسيد لما كان لها من أهمية في الماضي، إذ كانت سببا ومصدر رزق لكثير من السيدات اللاتي كن يساعدن أزواجهن في العمل بها من المنزل».

وزاد: «هذه الآلة ستظل رمزا أبديا لكل امرأة عملت عليها وكانت مصدر رزق لها ولأسرتها، إضافة إلى أنها ساعدت كثيرا من العائلات في الحصول على ملابس أفضل بتكلفة أقل».

من جانبه، شاركت الفنانة شروق الهاشمي المتخصصة بفن البوب والكولاجي، بعمل لوحة فنية احتوت على ما يزيد على مائة قطعة من نشرات الأخبار الورقية لمشاهير الفن في حقبة السبعينات والستينيات، لتقدم بها رؤيتها الفنية عبر قراءة لحياة أولئك المشاهير.

ويلاحظ زائر «شدة» مدى اختلاف وتنوع الطرح بين القديم والحديث، حيث يعرض في إحدى الزوايا مجموعة ملفات خضراء قديمة، يصل عددها لأكثر من 10 ملفات متراصة بجانب بعضها، للفنان والناقد سامي جريدي، والذي يصف العمل بأنه عبارة عن خطاب فني ذي بعد مفاهيمي مختلف، يأخذ حقيقته من مشروع كلي موحد يقوم على المهمش والرمزي، إعادة تدوير الأشياء المستعملة، وذلك للتعبير عن ظروف الحياة وأزمة إنسان هذا العصر وفلسفة وجود الأشياء.

إلا أن الفنان ماجد الثبيتي رأى أن يشارك بعمل ذي رؤية جديدة لورق اللعب والكاسيت، معتبرا أنهما صرير البداية والصمت الذي يسبق انبعاث الصوت، حيث يتكون العمل من شريط ممتلئ الدائرتين تماما، حيث إن كل شيء يخص العالم يوجد هنا.

وقال الثبيتي: «العمل هو جزء من تاريخ مؤثر في حياة من يترقب وينتظر أول كلمة وأول نغمة وأول حياة، ودائرتا هذا العمل ممتلئتان تماما دون أدنى استطاعة للحراك من جديد».

وعبر الفنان حمدان محارب عن حديث النساء وضجيجهن وفرحة الأطفال، من خلال عمل تشكيلي بسيط متفاوت الأحجام ومختلف الألوان، أطلق عليه «حكاية نساء وأطفال»، حيث بين أن الحياة الصاخبة للإنسان بكل ما فيها من حكايات يومية ومشاهد بصرية، عبارة عن نوافذ تطل على سينمائية الوجود، كما أنها تستنطق خامات طلاها التهميش، رفعت من واقعها إلى واقع جديد يروي نفسه.

وبدقة اللون الأسود اختارت الفنانة التشكيلية فاطمة باعظيم أن تحكي وسائط لعدة أنواع من المرايا، إذ توضح من قلب عملها «سنتيمتر»عن الدقة غير المتوقعة والتي لا يراها الزائر إلا إذا نظر في مرآة اللوحة، ليكتشف أنه لن يرى الحقيقة إلا إذا اقترب منها لتؤكد أن «كل شيء في الحياة مستطر».