ظاهرة «الدرباوية».. مواجهة الموت كسلوك اجتماعي

تحذيرات من اتخاذها غطاء لتمرير المخدرات بين فئة الشباب السعودي

القيادة المتهورة للمركبات والملابس الغريبة في مظهرها ومواكب التجمعات وسط الشوارع والطرق الرئيسية علامات ظاهرية لسلوك «الدرباوية» («الشرق الأوسط»)
TT

أبها: فاتن الشهري باتت ظاهرة «الدرباوية» تشكل سلوكا اجتماعيا يؤرق المجتمع السعودي، لما يترتب عليها من مظاهر تثير الريبة، وتبعث على الخوف من سلوكيات تلك المجموعات التي يغلب على عناصرها الشباب، بما يقدمون عليه من أعمال خارجة على المألوف، وتؤدي في أحيان منها إلى تلفيات في الممتلكات العامة، وتصل في كثير من الأحيان إلى نشر ثقافة القيادة المتهورة للمركبات في الشوارع العامة.

يأتي ذلك في وقت حذر فيه عدد من المختصين الاجتماعيين والنفسيين بالسعودية من تبعات ذلك السلوك الاجتماعي، معتبرين أن تلك السلوكيات قد تكون مظلة، لارتكاب عدد من الجرائم المجتمعية الخطرة، وفي مقدمتها الترويج للمخدرات بين فئة الشباب.

وأكد يوسف الناجي الاستشاري الاجتماعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تشابها من حيث الهدف بين جماعات «الإيمو» و«الدرباوية» يصل إلى حد التطابق الفكري بين الجماعتين، موضحا أن أوجه الشبه تتلخص في اتخاذ زي معين، أو الظهور بشكل محدد وأسلوب متشابه ومتعارف بين أفراد الجماعة.

وكانت «الدرباوية» ظهرت بصورة لافتة في الآونة الأخيرة في السعودية، بينما تميز أعضاء تلك المجموعة برفع شعار الحمضيات كمشروب انفردت به الجماعة، وترى في ممارسة القيادة المتهورة للمركبات أو ما يعرف محليا بـ«التفحيط» لذة حياتية تدفعهم كما يعتقدون إلى تحدي الموت.

وأوضح الناجي أن «الدرباوية» أصبحوا خطرا يهدد مستقبل الأبناء، خصوصا في ظل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، مما ساهم في نشر استعراضاتهم المصورة والمميتة في الشوارع والطرقات، موضحا أن ذلك السلوك الاجتماعي بات من أكثر الأخطار التي تهدد المجتمع السعودي في الوقت الحاضر.

وفي السياق ذاته وصف نواف الردعي، أحد المدونين السعوديين، «الدرباوية» بأنهم شباب يمثلون طيفا من المجتمع يتخذون من ظاهرة «التفحيط» والانغماس في الملذات الحياتية الخطرة، كتعاطي الحبوب المخدرة، رمزا لرد فعلهم تجاه الضغوط الاجتماعية، مشيرا إلى أن أبرز ما يعانيه أولئك الشباب الضغوط النفسية الناتجة عن الفقر والإحساس بالدونية في ظل انقسام المجتمع إلى طبقتين وانحسار الطبقة الوسطى.

واعتبر الردعي أن الرسالة التي يحملها «الدرباوية» هي رسالة احتجاج مدججة بكل ما هو شاذ اجتماعيا، وأن من ينادي باحتوائهم عبر تخصيص مساحات لممارسة هواياتهم الخاصة بها بعيدا عن الشوارع العامة والطرق الرئيسية قول غير صائب، كونه - بحسب الردعي - تبنٍّ لفكر وسلوك شاذ اجتماعيا.

وكان لفئة من الشباب آراء مختلفة حول فئة «الدرباوية» رصدتها «الشرق الأوسط»، حيث قال سعد الغامدي، طالب جامعي: «من وجهة نظري أرى أن التقسيمات أو التصنيفات التي تحدث في الآونة الأخيرة سببها الشباب أنفسهم، ففي عصر السرعة وعالم التكنولوجيا وزمن العولمة بدأت تظهر مسميات الشباب الدرباوي والشباب الكول، والفرق بين الفئتين قوي جدا، ولكن لو سلطنا الضوء على (الدرباوية) لتبين لنا أن مخاطرهم تفوق منافعهم، وهذا لا نعني به إلغاء صلاحهم لدى القلة منهم، ولكن منهجهم الحياتي والسلوكي يعكس لنا تلك الخطورة، فالتفحيط وقتل الأرواح من باب إثبات درباويتهم هو أكبر مؤشر على مدى خطورتهم».

ويرى يوسف الملحم، شاب يعمل موظف بنك، أن مسمى «الدرباوية» مسمى مشتق من منتدى يجمع مفحطي السعودية، ويرسم لهم خططا وأماكن التجمع للتفحيط ويدعى «درب الخطر»، مشيرا إلى أن للدرباوية مراتب، فهناك درباوي يتولى مهام التفحيط، وهناك مساعد يتولى مهام التعزيز (أي التشجيع) ويكون بجانب السائق.

من جانبه أوضح الدكتور علي العايضي، باحث شرعي، بأن «الدرباوية» فئة من الشباب يعشقون الأشياء القديمة كاللبس والموسيقى الشعبية، معتبرا أنهم يمثلون ظاهرة مستوردة تلقاها الشاب السعودي، وعمل على تطويرها وتطعيمها ببعض الأساليب، لتبدو أكثر محلية في قالبها العام الذي تظهر به.

وحذر العايضي من مغبة استفحال تلك الظاهرة بين فئة الشباب صغار السن، لافتا إلى أن الكثير من المعجبين بتلك الظاهرة هم من طلاب المرحلة المتوسطة بالتعليم العام بالبلاد، وبين العايضي أن تلك المرحلة الدراسية تعد محطة انطلاق نحو الانجراف خلف روح التحدي، لإثبات الوجود بين صغار السن من الشباب، لافتا إلى أن عددا من طلاب تلك المرحلة يستعيضون عن عجزهم بمشاركة «الدرباوية» المخاطر التي يقومون بها بتعليق صور لأبرز شخصيات «الدرباوية»، أو العمل على تصميم وتطوير لقطات الفيديو لاستعراضاتهم ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.