شباب أعمال جدة يتحدون الظروف بصناعة الفرص الاستثمارية

خبراء وأصحاب منشآت يسردون لـ «الشرق الأوسط» قصص النجاح وشروطه

جانب من مشاركة الشباب في اجتماع مجلس منطقة مكة المكرمة المنعقد في جدة بحضور الأمير خالد الفيصل («الشرق الأوسط»)
TT

شرعت بيئة الأعمال في جدة بتجاوز حدود التجارة لتطال المشاركة الفعلية في تنمية المجتمع، ويعزو خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» النجاحات الاقتصادية والتنموية إلى جملة عوامل، أبرزها التحالفات الصغيرة للمنشآت، والدخول كائتلاف في المشاريع، إلى جانب فعالية التعاون الاجتماعي الذي أعقب كارثة السيول.

وتتجلى ملامح فعالية المساهمة التنموية في مشاركة الشبان بمجلس المنطقة وقت استعراض المشاريع، وذلك إبان اجتماع الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في المجلس يوم الاثنين المنصرم.

وقالت الإمارة في بيان: «تتاح الفرصة للشباب أن يتعرفوا على آليات وطرق إدارة اجتماعات مجلس المنطقة».

ويشير الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة إلى خبرات سيكتسبها الشبان لدى حضور اجتماعات المجلس، وقال: «إنها تعد جيلا مؤهلا للقيادة، يمكنه المشاركة بفعالية في ترجمة الرؤية الاستراتيجية للمنطقة» لافتا إلى استهداف مبادرة أمير المنطقة إعداد الشباب ليكونوا يوما شركاء في صناعة القرار.

وفي الناحية الاقتصادية، تحظى جدة بنجاح طال بيئة الأعمال الشابة، وسجل الشبان والفتيات قبل شروعهم في المشاركة التنموية أمثلة، اعتبرها الدكتور عبد العزيز إسماعيل وهو مدير دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة بوزارة العمل: «متميزة». يقول الدكتور عبد العزيز لـ««الشرق الأوسط»: «كخبراء في المجال، جذبتنا فكرة تقديم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في جدة نموذجا للتحالف والدخول كجسد واحد في تسلم مشاريع متنوعة».

ويتفاءل الشاب هشام كوشك عضو لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، في تحقيق المشاريع الصغيرة معدلات نمو جيدة هذا العام: «في ظل الميزانية الضخمة، يبرز توجه القطاعين العام والخاص نحو دعم المشاريع والنهوض بها عبر البرامج المختلفة، كتمويل الحاضنات والقروض المسهلة إضافة إلى التسهيلات المقدمة من الجهات الحكومية».

ويقول كوشك لـ«الشرق الأوسط» إن الجهود المبذولة من القطاعين الخاص والعام، ذللت معوقات واسعة كانت تواجه المشاريع، مستدلا بالتمويل الذي كان يعتبر من أول المعوقات التي تواجهها. لافتا إلى احتياج المشاريع الصغيرة في الوقت الحالي إلى دعم الأسس الإدارية من حيث التأهيل والتدريب على كيفية إدارة المشاريع، فضلا عن الحاجة لفتح أسواق جديدة «لا سيما أن البيئة العملية خصبة وتتسع لدخول مشاريع صغيرة للسوق السعودية».

بيد أن غسان بادكوك وهو خبير اقتصادي، يرى أنه من المنتظر أن تكثف وزارة العمل جهودها في دعم المشاريع الصغيرة، باعتبارها الجهة الحكومية المسؤولة عن تنظيم سوق العمل وتعزيز البيئة المناسبة لنمو الأعمال الصغيرة، والمعنية بالتعامل مع أحد أكثر الملفات الوطنية إثارة للحساسية وهو ملف البطالة لزيادة تنافسية الكوادر السعودية على حساب العمالة الوافدة.

وتوقع تناميا سيشهده قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في ناحية الدعم خلال العام الجديد، مرجعا ذلك إلى الاهتمام الحكومي الخاص في دعم مبادرات المشاريع الصغيرة، التي تشكل روافد رئيسية لخلق فرص عمل للشباب.

وأضاف كوشك «زادت صناديق تمويل حكومية دعمها الموجه للمشاريع الجديدة، في حين تتنافس شركات كبرى وفاعلة في مجال خدمة المجتمع؛ لتنظيم دورات مختلفة لتدريب الشباب حول الأسس اللازمة لبدء أعمال صغيرة، سواء في مجال الإدارة أو المحاسبة والتسويق.

ويوصي الدكتور عبد العزيز إسماعيل إلى خمسة اشتراطات يجب أن يتمكن صاحب المنشأة منها وهي «فكرة المشروع والسوق التي ينفذ فيها، والقوى العاملة التي ستدير المشروع، علاوة على شبكة التواصل التي تساعد المشروع لكي ينجح، والدعم الحمائي المتمثل في الدعم الحكومي أو الخاص من ناحية التمويل والاستشارات». ويتخذ وليد العمودي الشاب الذي بدأ بمشروع صغير متخذا من جملة «الإصرار على النجاح» شعارا ملزما في عمله. وحمله الشعار ليتحول من مستورد منتجات أولية للمخابز – حسبما يقول - إلى منتج ومصدر منتجات أولية محليا وعربيا.

واستطاع العمودي أن ينتقل خلال خمس سنوات من صاحب مشروع صغير إلى متوسط، وتمكن خلال سنتين من صنع اسم في سوق العمل بعلامتين تجاريتين، كما أنه لا يزال يسعى لتحقيق حلمه بالتوسع الفعلي وإنشاء مصنع محلي بجودة عالية. مشوار العمودي لم يكن مفروشا بالورود، بل واجه كثيرا من الصعوبات، إلا أن تلك الصعوبات لم تزده سوى إصرار على تحقيق النجاح، حتى أصبح الآن مسجلا ضمن أكثر المشاريع نموا في لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية بجدة.

وأوضح العمودي أن مشواره في تحقيق مشروعه بدأ منذ المرحلة الجامعية إذ لم يكن يطمح إلى الوظيفة، بل كان هدفه العمل التجاري الخاص، ووجد أن المواد الأولية تعد أكثر المنتجات المطلوبة في السوق السعودية. أثناء دراسات الجدوى التي نفذها قبل تنفيذ مشروعه. وقال العمودي «حصلت على دعم مادي قيمته 300 ألف ريال والحمد لله تمكنت من سدادها بعد خمس سنوات من انطلاق المشروع». وتبرز لغة التفاؤل في وقت ذاق فيه آخرون طعم الفشل قبل أن يثبتوا أقدامهم مرة أخرى. فلم تبدأ منال الراوي وهي سيدة أعمال «بدراسة احتياجات السوق واشتراطاتها» كما تقول: «ذقت طعم الفشل مرتين». وأرجعت فشلها إلى عدم تنفيذها دراسة جدوى تكشف معطيات السوق، وافتقارها الخبرة والإلمام بالأنظمة والاشتراطات الخاصة بسوق العمل. بيد أنها لم تستسلم، وراحت تنشئ مشروعها الثالث الخاص بتفصيل العباءات، وحقق نجاحا بدوره على مستوى الخليج، وباتت أول خليجية تحصل على علامة تجارية للعباءات في الخليج.