تحذيرات من غياب الإحصاءات عن العنف الأسري في الوطن العربي

ثقافة المجتمع حجر الزاوية في بناء منظومة حماية شاملة

TT

أرجع مختصون واستشاريون غياب البيانات الإحصائية، الخاصة بحالات العنف الأسري في الوطن العربي، إلى عدم وجود تقارير إحصائية دقيقة، حول حجم الظاهرة، إلى جانب عدم دقة تلك البيانات في حالة وجودها، نظرا لتأثير الثقافة السائدة في المجتمع، والتي تتسبب في الحد من إفشاء تلك الحوادث إعلاميا ومحاولة إخفائها.

وبين الدكتور محمد القرني، أستاذ العلاج الأسري بجامعة أم القرى، أن هناك أرقاما وإحصائيات واضحة ودقيقة، لحالات العنف الأسري، في مختلف دول العالم، مما يجعل إجراء الدراسات والبحوث لمعرفة الأسباب ومحاولة الحد منها أمرا سهلا. ولفت القرني إلى آخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة (2010) والذي يظهر أن 59 في المائة من الرجال يضربون ثلثي نساء العالم، حيث أثبتت منظمة الصحة العالمية أن ثلثي النساء في العالم يتعرضن للإساءة والأذى البدني جراء العنف الذي يرتكب ضدهن داخل المنازل. وأظهر التقرير أرقاما مخيفة حول العنف، إذ تبين أن في أميركا امرأة مغتصبة كل ست دقائق، وفي المكسيك كل تسع دقائق، في حين تتعرض 6 ملايين امرأة أميركية للضرب كل عام تموت منهن 400 زوجة، كما بين أن 45 في المائة من النساء يتعرضن في بيرو لشكل من أشكال العنف، فيما تقتل زوجة بيد زوجها يوميا بإسبانيا، وفي فرنسا كل أربعة أيام، بينما تتعرض 45000 زوجة سنويا للعنف في ألمانيا. وبين القرني، خلال فعاليات ملتقى كرسي المهندس عبد الله بقشان، لدراسات العنف الأسري بجامعة الملك عبد العزيز، والتي انطلقت أمس، بمركز الأبحاث بمستشفى الملك فهد بجدة تحت شعار «العنف الأسري.. المنظور الطبي والاجتماعي»، أنه من المؤسف أن تلك النسب أيضا ليست دقيقة؛ لأن عدد النساء اللاتي يتعرضن للعنف أكثر من ذلك بكثير، لكن قلة منهن لديهن جرأة للإفصاح عما يتعرضن له. وأشار خلال ورقة العمل، التي قدمها في الملتقى، إلى أن منظمة الأمم المتحدة تعتزم توظيف النتائج التي خلصت إليها دراستها، على شكل نقاط مهمة ومطالب، للضغط على الحكومات التي تسجل بلدانها معدلات عنف عالية ضد النساء؛ من أجل توفير السبل والطرق التي من شأنها الحيلولة دون ممارسة العنف ضد النساء في أي مكان بالعالم.

من جهته، وصف المشرف على كرسي المهندس عبد الله بقشان لدراسات العنف الأسري، الدكتور محمد الغامدي، القرن العشرين بـ«قرن العنف»، لانتشار العنف فيه بصورة غير مسبوقة؛ وبالذات ضد النساء والأطفال، وأصبح وباء يهدد حياة وصحة الأفراد، كما باتت تعاني منه المجتمعات من جيل لآخر، مشيرا إلى أن الملتقى سيلقي الضوء على ممارسات العنف داخل الأسرة وأسباب ذلك وعلاجه. وكشف عن مضي الكرسي في وضع تصور لاستراتيجية وطنية، للتعامل مع ظاهرة العنف الأسري؛ للحد من هذه الظاهرة في المجتمع، والإسهام في التخفيف من انعكاساتها على النساء والأطفال والمسنين. وأشار إلى إعداد الكرسي للبحوث والدراسات الميدانية المتخصصة وتقديم استشارات للأسر والأفراد الذين يتعرضون للعنف الأسري، إلى جانب إقامة الندوات والمحاضرات العلمية، وتقديم دورات تدريبية وتأهيلية للعاملين في الاستشارات الأسرية، والمشاركة مع الجهات المختصة أو المعنية في وضع السياسات والإجراءات؛ للحد من تفاقم هذه الظاهرة، ورصد وتحليل ومعالجة قضايا العنف الأسري؛ لضمان سلامة الأسرة التي تعد الركيزة الأولى، لتلاحم المجتمع وتماسك أركانه.

من جهتها، بينت سوسن المارديني، رئيسة قسم التدريب والتأهيل بجمعية حماية الأسرة الخيرية، دور الجمعية في التعامل مع حالات العنف الأسري، والحد منها ورعاية وتأهيل وعلاج ضحايا وأسرهم، من خلال تنفيذ برامج توعوية تثقيفية، إلى جانب تدريب العاملين في المجال؛ لتقديم الخدمات والتعاون مع الجهات الرسمية والأهلية، بالتنسيق مع لجنة الحماية الاجتماعية، بوزارة الشؤون الاجتماعية في المنطقة. وأوضحت أن الجمعية تعتبر الأولى من نوعها، على مستوى المملكة، التي تعمل على حقوق الطفل والمرأة وكبار السن، من ظاهرة العنف الأسري، بكل مظاهره وأنواعه، كما أنها تتعاون مع الجهات الرسمية ذات الصلة بقضية العنف الأسري، واللجان الرسمية والأهلية، وتقوم بالتنسيق مع لجنة الحماية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية، لمباشرة الحالات المعنفة في المنطقة.

وأشارت إلى أن أهم ما تقوم به الجمعية وضع خطة لحماية الأسرة، تشتمل على النهوض بواقع المرأة، وتمكينها من القيام بدورها المفترض في عملية التنمية، والنهوض بواقع الطفل، وتمكينه من حقوقه كاملة، وإعادة دمج وتأهيل ضحايا العنف الأسري، والعمل على توعية المجتمع بحقوق المرأة والطفل في الإسلام.