المدينتان المقدستان تجددان قرار حظر التدخين

بعد 9 سنوات من حظر التبغ داخل نطاق «الحرم» فيهما

لم تمنح الجهات المختصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة أي تراخيص جديدة لنشاط بيع التدخين والشيشة في المحال التجارية داخل منطقة الحرم («الشرق الأوسط»)
TT

نفى مسؤولون بارزون في المدينتين المقدستين ما أشيع عن تراجع في قرارات حظر بيع التبغ، مؤكدين عدم منح أي تراخيص جديدة لنشاط بيع التدخين والشيشة في المحال التجارية.

وأحدثت عمليات حظر التدخين في المدينتين المقدستين خسائر اقتصادية كبيرة، دفعت كثيرا من المقاهي إلى تغيير أنشطتها ومساراتها التجارية؛ نتيجة خسائر اقتصادية تكبدتها جراء مواجهتها أقدم وأكبر حملات المواجهة على الإطلاق في السعودية.

الأفكار التي بدأت بمبادرات انتهت بمداهمات تحظر بيع التبغ في جميع المحال التجارية والتدخين في الأماكن العامة في المدينتين المقدستين وسط أنباء أولية حول عمليات انتهاك للأنظمة، وخارجين عن القانون اضطروا أكثر من مرة إلى دفع غرامات؛ تمهيدا لإغلاق المحال التجارية في حال تكرار المخالفة للمرة الثالثة.

وأكد المهندس يحيى سيف مساعد وكيل الأمين لأمانة المدينة المنورة للخدمات، استمرار إيقاف إصدار أي تراخيص جديدة لنشاط بيع التدخين والشيشة في المحال التجارية، مشيرا إلى أنه لا صحة لما ذكرته إحدى الصحف عن تراجع أمانة المدينة عن قرارها بمنع التدخين وإعطاء التراخيص ببيع التدخين في المحال التجارية داخل حدود الحرم.

وقال المهندس سيف إن التجديد للرخص القائمة لهذا النشاط تم إيقافه، ويأتي ذلك ضمن الجهود المشتركة التي تبذلها أمانة منطقة المدينة المنورة مع مختلف الجهات المعنية بجعل المدينة خالية من التدخين، في ظل التوجيهات الكريمة، والمتابعة المستمرة من قبل الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، والتي كُللت بفوز المملكة بجائزة منظمة الصحة العالمية لمكافحة «التبغ» لعام 2007م، وذلك نظير جهود المملكة في جعل المدينة المنورة ومكة المكرمة خاليتين من التدخين، والتي شرفت باستلام خادم الحرمين الشريفين جائزة منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ، منوها إلى أن ذلك تم بتوفيق الله، ثم ما يسديه لهاتين المدينتين من عناية ورعاية خاصة شملت مختلف الجوانب.

وقال أحمد العمودي، مدير جمعية مكافحة التدخين في مكة المكرمة: «إن المشروع حقق نجاحات كبيرة على الرغم من حداثة التجربة، ويتكون المشروع من الأهداف الطويلة الأجل، والتي تشمل دعم صورة مثالية من مكة المكرمة، المدينة العزيزة على قلوب المسلمين». وأفاد العمودي: «إن المشروع يسير بخطى مدروسة وفعالة، ونعمل على تدعميه بشكل أكبر من خلال حملات توعوية متواصلة لكشف مخاطر التدخين».

من جهته قال خالد القارحي، مشرف صحي في مكة المكرمة: «إن القرار لم يرقَ بعد إلى مستوى أهدافه المعلنة»، مؤكدا أن «عملية الحظر لم تشمل المقاهي التي تقع على الطريق السريع مكة - جدة التي تقع في معظمها في مكة المكرمة».

وأكد القارحي وجود عيوب وإخفاقات في مجال مكافحة التدخين من جانب الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء، بما في ذلك المؤسسات الطبية والتعليمية.

وكشفت جولات في مكة المكرمة أن الحملات لم تشمل تشديدات رقابية كبيرة، فما زال هناك إقبال كبير جدا على تلك المقاهي من خلال شرائح مختلفة ومنوعة من المجتمع، وأن الحال فيها لم تختلف عما كانت عليه في الماضي، خاصة في المساء، وبعض تلك المقاهي أغلقت أبوابها بعد فقدان عملائها بسبب ما يتكبدونه من خسائر مالية.

وقال عبد الله الدعدي، وهو صاحب مقهى في حي الحسينية: «إن عمليات الحظر ما زالت مستمرة ومتواصلة في مكة المكرمة، وهو ما نتجت عنه خسائر مالية كبيرة بشكل كان متوقعا»، مشيرا إلى أن عملياتها التجارية قد انخفضت أكثر من 50 في المائة منذ صدور حظر التدخين.

وقال إن هناك أصحاب محال تخلوا عن أنشطتهم التجارية بسبب القيود التي فرضتها السلطات البلدية من خلال عمليات تفتيش مفاجئة لمراقبة الحظر المفروض على بيع واستخدام التبغ، مضيفا أنه سوف تتم - أيضا - مراقبة بيع الوجبات الخفيفة والمشروبات الساخنة والباردة أو النظر في تغيير موظفيها جميعا.

من جهته قال فهد العلوي: «إن بعض التجار استغل بعض الأفراد، واستمر في بيع السجائر في السوق السوداء بأسعار أعلى من ذلك بكثير».

وأفاد - أيضا - بأنه بسبب الحظر المفروض على التبغ، كثير من المدخنين للسجائر يبحثون عنها في كل مكان، وهو ما خلق اقتصادا آخر، على الرغم من الثمن الباهظ، وسط محاولات السلطات البلدية في مكة متابعة هؤلاء الباعة المتجولين لمصادرة بضائعهم المحظورة.

«مكافحة التبغ تتطلب جهودا داخل الأسرة وعلى مستوى المجتمع».. هذا ما قاله الدكتور إبراهيم الحربي، الطبيب في مستشفى النور، مشيرا إلى أن الرقابة السليمة تتطلب - أيضا - «التدابير الرامية إلى تثقيف المدخنين حول مخاطر التدخين التي تشجعهم على الإقلاع عن طريق الأنشطة المبتكرة».

وتنفق السعودية نحو 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار) سنويا على علاج المدخنين، وفقا للجمعية الخيرية لخلق الوعي حول الضرر الناجم عن التدخين.