أطفال التوحد ينتظرون مراكز صحية متخصصة للتعامل معهم

في ظل ضعف وعي الكادر الطبي بطبيعة الوضع النفسي والاجتماعي لهم

التعامل مع أطفال التوحد طبيا يحتاج للمهارة والبعد المعرفي لمتطلبات الحالة نفسيا واجتماعيا («الشرق الأوسط»)
TT

خلصت عدة آراء تربوية وطبية متخصصة إلى أهمية إيجاد مراكز مؤهلة للتعامل مع المتوحدين، لا سيما في الحالات الخاصة التي تستدعي العلاج الطبي، وحالات التدخل المبكر، مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والنفسية، التي يعاني منها أطفال التوحد وأسرهم. في وقت تفتقر فيه العديد من المراكز الطبية المحلية إلى المراكز الطبية المتخصصة لمعالجة أطفال التوحد، حيث تلجأ العديد من الأسر السعودية للهجرة بأبنائها لخارج البلاد بحثا عن مراكز طبية للتأهيل والعلاج، مما يراكم على تلك الأسر تكاليف مالية عالية.

ويعتبر التوحد أحد الاضطرابات المؤثرة بشكل مباشر على النمو الطبيعي للمخ، مما يترك أثرا على الحياة الاجتماعية للفرد المصاب والقائمين عليه، ويؤثر على مهارات التواصل غير اللفظي والتفاعل الاجتماعي، وصعوبات في الأنشطة الترفيهية والتواصل مع الآخرين، وفي الارتباط بالعالم الخارجي، حيث تظهر آثاره بصورة جلية على السلوك العدواني والحركات المتكررة بصورة غير طبيعية.

وتتحدث أم أحمد العازمي بحرقة شديدة عن معاناة ابنها المصاب بالتوحد، بأن الصعوبة التي تواجهها في عيادات طب الأسنان هي التي تؤخرها عن اللجوء إليها، نظرا لعدم قابلية خضوع طفلها لعملية التخدير الكامل، والتي يستخدمها أطباء الأسنان كحل للسيطرة على حركة الطفل التوحدي، فتضطر للسيطرة على تحركه، بمعاونة شخص آخر بتثبيته على كرسي العلاج؛ حتى ينهي طبيب الأسنان عمله.

من جانبه، قال الدكتور إبراهيم المطلق، استشاري طب أسنان الأطفال، لـ«الشرق الأوسط»: «إن أغلب أطفال التوحد يصبحون عدوانيين، خلال ثوان معدودة من مباشرة الحالة علاجيا، لذا يعتمد طبيب الأسنان في نحو 90 في المائة من الحالات التي تستوجب تدخلا علاجيا لأطفال التوحد إلى التخدير الكامل في الحالات المتوسطة إلى المتقدمة لعلاج الأسنان».

وأبان المطلق أن الأطباء عادة يتدربون أسبوعيا على علاج حالات التوحد، كجزء من متطلبات التدريب العملي في مرحلة دراسته لطب الأسنان بالولايات المتحدة الأميركية، وأوضح أن إصابتهم بالتوحد لا تلغي أهمية الكشف نصف السنوي، أسوة بأقرانهم من الأطفال الأصحاء.

وفي السياق ذاته، أشارت الدكتورة هدى أمين، عضو هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أنه لو توافرت مراكز متكاملة لتأهيل المصابين بالتوحد في السعودية تشتمل على كل الخدمات الطبية والعلاجية والتعليمية، فإن القائمين على شؤون الطفل التوحدي لن يضطروا لمراجعة طبيب بمستشفى أو عيادة أخرى، وإن كان الطبيب على دراية بخصائص الطفل التوحدي فإن الإخصائي خاضع لتدريب مكثف للتعامل مع الحالات.

يشار إلى أن جمعية أسر التوحد الخيرية بالسعودية أشارت في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود توجه لمجلس الشورى في السعودية لدعم فئة أطفال التوحد وأسرهم، والتي جاءت على خلفية زيارة خاصة، من أطفال التوحد لحضور إحدى جلسات المجلس، للوقوف على مناقشة إمكانية دعم وتطوير الأنظمة، وإيجاد آلية لتفعيل المشروع الوطني للتوحد، حيث إن الحاجة ماسة إلى تفعيله لدعم أكثر من 200 ألف طفل مصاب به بالبلاد، تعاني أسرهم من قلة الموارد، وضعف الإمكانيات، وغياب المؤسسات المتخصصة في تقديم الرعاية والتأهيل والعلاج اللازم.