الطائف: أسر فقيرة تتحول إلى منتجة عبر بوابة السياحة

بمساندة الدعم الحكومي ومؤسسات القطاع الخاص

أسر الطائف المنتجة تستثمر المناسبات العامة والمهرجانات السياحية لعرض منتجاتها وتسويقها («الشرق الأوسط»)
TT

انتهجت الكثير من الأسر الفقيرة التي كانت تنتظر الدعم والمساندة من الجهات الخيرية في محافظة الطائف، العمل الحر، أو ما يعرف بنشاطات الأسر المنتجة، حتى أصبحت أسرا عائلة وليست معولة، حيث لا يخلو أي مهرجان سياحي في محافظة الطائف من وجود تلك الأسر، مسنودة بدعم حكومي وخاص، مستغلة بذلك الفرص الاستثمارية والاقتصادية التي تتوافر لها في تلك المهرجانات، وتدر عليهم عائدا ماديا ممتازا.

ويشير طارق بن محمود خان، المدير التنفيذي لفرع هيئة السياحة في محافظة الطائف، إلى أن هناك أثرا إيجابيا للمهرجانات السياحية في دخل الأسر المنتجة، وتعريف المجتمع بنشاطات تلك الأسر، مبينا أن الهيئة تدعم تلك الأسر بمواقع مجانية في المهرجانات السياحية، كما أن بعض المشاركات، مثل الحرف، لها دعم ومكافآت لوجودها بمهرجانات مثل سوق عكاظ.

ولفت خان إلى أن برنامج تطوير ودعم الحرف أوجد بيئة للتنافس بين الأسر في تقديم أجود وأفضل معروضاتهم في المهرجانات، وذلك بسبب الجوائز الكبيرة التي تقدم لهم، والتي كان منها تقديم 350 ألف ريال للفائزين بمهرجان سوق عكاظ، حيث حصلت حسنة السفياني من الطائف على المركز الأول ومبلغ 40 ألف ريال.

من جهته، أوضح عثمان القصير، مدير فرع الضمان الاجتماعي في الطائف، أن الضمان يستهدف الأسر المنتجة والمسجلة في الضمان، ويقوم بتقديم إعانات لهم تتراوح بين 20 ألف ريال للأسر التي في المنازل، و30 ألف ريال للأسر التي ترغب في فتح محال في الأسواق، مؤكدا أن ذلك سيطور المستفيدات ويزيد ربحهن حتى تكون الأسر عائلة بدل أن تكون معولة، وتستغني برغبتها عن إعانة الضمان الاجتماعي.

وتؤكد منى الزهراني، مديرة القسم النسائي في الغرفة التجارية الصناعية بالطائف، أن الأسر المنتجة تحظى بكثير من الخدمات والتسهيلات، متمثلة في توجيههن للفرص المتاحة للاستثمار، وكذلك ورش العمل والتدريب المجاني لعرض منتجاتهن.

ولفتت الزهراني إلى أن الغرفة تحاول إيجاد دعم لتلك الأسر من التجار، وقالت إن هناك تعاونا بين الغرفة والبنك الأهلي لدعم الأسر في تصنيع وإنتاج الزيوت العطرية من الورد الطائفي، وحصلت في ذلك التعاون أكثر من 100 سيدة على دعم يتراوح بين 20 ألف ريال و30 ألفا، حتى استطعن الاعتماد على أنفسهن.

وأوضح حسن بن ظافر الشهري، منظم الكثير من المهرجانات السياحية في الطائف، مثل: مهرجان العسل والسمن، ومهرجان تراثنا في متحف شبرا، أنه يقوم كمنظم بتخصيص موقع مجاني للأسر المنتجة في كل بازار يقيمه، متلمسا بذلك حاجة تلك الأسر إلى زيادة دخلها المادي، وكذلك الانفتاح على المجتمع، والتعرف على السيدات، ومن ثم التواصل معهن بعد البازارات.

وقال الشهري: «يؤمن للمستفيدات من الأسر المنتجة أماكن داخل الأسواق بالتعاون مع أصحاب تلك الأسواق، ويتكفل هو بالدعاية للبازار والتنظيم داخل السوق»، مشيدا بأفضل تجربة وأول تجربة في السعودية لدعم تلك الأسر المنتجة التي قام بها رئيس البلدية السابق حسن حجرة قبل 20 عاما، وذلك بتخصيص موقع لسيدات الطائف اللاتي يعملن مشغولات أو مأكولات في البيوت في سوق البلد، حيث خصص لهن مقرا مجانيا وثابتا حتى اليوم يوفر لهن ولأسرهن حياة كريمة، إلا أنه طال ذلك الموقع الإهمال وعدم الصيانة حتى أصبح شبه مهجور وقلت حركة البيع فيه.

وتصف نور نصير، إحدى ربات الأسر المنتجة ورئيسة سابقة للأسر المنتجة، عوائد سيدات الأسر من المهرجانات السياحية بـ«الجيدة»، وتستدرك: «لكن ليس في جميع المهرجانات تخصص لهن أماكن للبيع»، موضحة أن سوق عكاظ هو أهم مهرجان يهتم المنظمون فيه بالحرفيات والحرفيين ويغفلون الأسر المنتجة، حيث لا يخصص لها مواقع إلا على الأرصفة وفي آخر السوق، أي في المكان الذي لا يقصده الناس.

وشددت نصير على أن الغرفة التجارية الصناعية في الطائف لا تقيم لهن بازارات مثل باقي المدن، ولا تدعمهن بالمال، مضيفة أنهن مضافات في الغرفة بالاسم فقط، ولم يحصلن على أي شيء منذ سنة؛ لا دعوة لبازار ولا دعم، وإن الأمر لا يعدو كونه مجرد خطط على الورق لم يشهدن منها أي شيء.

أما عويبدة حميد، وهي من الأسر المنتجة، فتقول إن منظمي المهرجانات يعطون الأسر أماكن مجانية، ولا يشترطون شيئا أكثر من ذلك، معتبرة أن هذا دعم كبير لها، وتشير إلى أن المردود المادي ليس جيدا دائما، فبعض المهرجانات تكون الخسارة فيها أكثر من التكلفة، وتطلب عويبدة أن تخصص لهن مقرات ثابتة بدل التشتت من مكان لمكان.

وتحدثت أم سعد عن أن مجال الأسر المنتجة أصبح سهل الاختراق، حيث دخلت عليهن أجنبيات يتحدثن نفس اللكنة السعودية، ويحصلن على أفضل الأماكن والمواقع في المهرجانات الكبيرة، كما حصل في سوق عكاظ في نسخته الأخيرة، حيث وضعن على الأرصفة والأجنبيات في محال خاصة، ما جعلهن ينسحبن من المشاركة لعدم وجود فائدة لمبيعاتهن.

ولفتت أم سعد إلى أن أبرز المعوقات التي تواجه الأسر المنتجة هي عدم وجود تراخيص لفتح محال، وصعوبة استخراجها من الأمانة، حيث يتطلب منها الكثير من الاشتراطات التي يصعب على أسر بسيطة تأمينها لفتح محل صغير في سوق شعبية.