القصيبي لـ «الشرق الأوسط»: الجودة مطلب ضروري لتحسين الأداء في الدول النامية والمتقدمة

يجب التخلي عن الكثير من المفاهيم والأنماط الإدارية التقليدية واستخدام الأساليب الجديدة

القصيبي: المؤتمر الذي ينطلق الأسبوع المقبل سيمثل نقطة تحول في مسيرة الجودة بالسعودية وفي الاطار د. سعد القصيبي
TT

أكد الدكتور سعد القصيبي، محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، أن الجودة في المنتجات والخدمات أصبحت قضية وطنية ومطلبا ضروريا لتمكين المنتجات المحلية من المنافسة في الأسواق العالمية، بما يعزز نمو الاقتصاد الوطني.

وأشار الدكتور القصيبي إلى أن جائزة الملك عبد العزيز للجودة تعتبر الجائزة الوطنية الأعلى مرتبة في المملكة، والتي تهدف إلى نشر ثقافة الجودة على المستوى الوطني، لا سيما أنه مع دخول الألفية الثالثة وفي ظل ثورة تقنية المعلومات، اشتدت المنافسة على المنتجات ذات الجودة، مما رفع مستوى توقعات وتطلعات العملاء تجاه المنتج والخدمة المقدمة، الأمر الذي يستوجب التخلي عن كثير من المفاهيم والأنماط الإدارية التقليدية، التي لم تعد قادرة على الصمود أمام هذه التحديات.

وبين القصيبي خلال حوار مع «الشرق الأوسط» أن مؤتمر الجودة الذي ينطلق الأسبوع المقبل، سيمثل نقطة تحول رئيسية في مسيرة الجودة، وذلك من خلال الدعم والتوجيهات الصادرة من القيادة الرشيدة بتحويل الجودة إلى قضية وطنية يتم التخطيط للتعامل معها من خلال الاستراتيجية الوطنية للجودة، والتي سيعلن عن إطلاق مشروع تطويرها خلال هذا المؤتمر.

وإلى نص الحوار:

* ما مرئياتكم بشأن تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين بأن تكون السعودية في عام 2020 بمنتجاتها وخدماتها معيارا عالميا للجودة والإتقان؟

- عودنا خادم الحرمين الشريفين دائما على رؤاه الطموحة للارتقاء بمؤسسات وقطاعات العمل المختلفة في الدولة، ورؤيته للجودة تؤكد البعد الاستراتيجي، حيث إنها لا تهدف إلى مجرد وصول المملكة لمستوى عالمي في تطبيق الجودة والإتقان فحسب، بل تتجاوز ذلك الأمر بحيث تصبح الجودة في المملكة معيارا عالميا ومرجعا لقياس مستويات الجودة.

ومن هنا يأتي التحدي، حيث إن تحقيق هذه الرؤية الطموحة يحتاج إلى تضافر الجهود من جميع الجهات ذات العلاقة المؤثرة والمتأثرة، وذلك من خلال التخطيط لمنظومة متكاملة من البرامج الشاملة المتعلقة بتطبيقات الجودة ومتابعة تنفيذها، وتقييم نتائجها، وتطوير أعمالها بشكل يراعي التخصصات النوعية لقطاعات العمل الصناعي أو الخدمي بشتى مجالاته.

ولعل إطلاق مشروع الاستراتيجية الوطنية للجودة يعد الركيزة الأساسية والخطوة الأولى في الطريق نحو تحقيق هذه الرؤية.

* كيف تنظرون لتطبيقات الجودة الشاملة في القطاعين الحكومي والخاص في ظل المنافسة العالمية؟

- إن الفوائد المترتبة على تطبيق مفاهيم الجودة والتميز في القطاعين الحكومي والخاص كبيرة وواضحة، ومن أهمها الرقي بمستوى رضا المستفيدين من خلال تحقيق توقعاتهم وتنفيذها على أكمل وجه مما يؤدي إلى زيادة معدلات الرضا عن الخدمات المقدمة.

كما أنه من شأنها أن تعمل على زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف التشغيلية وتنفيذ المشاريع في الوقت المحدد، بالتكلفة المناسبة، وهذا مطلب مهم لتنفيذ الخطط الوطنية بكفاءة عالية، إلى جانب تطوير وتحسين الخدمات الأساسية المقدمة للمجتمع كالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات، مما يسهم في بناء أجيال قادرة على المنافسة، إضافة إلى أنها ستوفر بيئة عمل مميزة للموظفين، وتعمل على تطوير أدائهم لتحقيق الاستثمار الأمثل للقدرات والثروات البشرية، وتساعد على تطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية لتمكينها من توفير خدمات أفضل وقدرة أكبر على المنافسة، وهذا عامل مهم لتنمية الموارد الاقتصادية الوطنية.

* هل أسهمت جائزة الملك عبد العزيز للجودة في تعزيز ونشر ثقافة الجودة وتشجيع تطبيقاتها؟

- جوائز الجودة أثبتت تاريخيا وعمليا أنها من أهم عوامل التحفيز لتبني ثقافة ومنهجية إدارية أكثر فاعلية، كما أن الدخول في مسابقات الترشيح للحصول على هذه الجوائز، من شأنه أن يسهم في تحسين الأداء بكثير من المنشآت حتى في حالة عدم تحقيقها مراكز متقدمة، حيث إن مجرد الاشتراك في مثل هذه الفعاليات يسهم في اتخاذ إجراءات تصحيحية ووقائية لدى تلك المنشأة وتشجيعها على البحث عن فرص التحسين المتاحة.

وتعتبر جائزة الملك عبد العزيز للجودة الجائزة الوطنية الأعلى بالمملكة في مجالات الجودة، حيث إنها تسهم بشكل فعال في نشر ثقافة الجودة على المستوى الوطني، وتسهم أيضا في توعية القطاعات الصناعية والإنتاجية والخدمية لتمكينها من تحقيق قدرة تنافسية أفضل وخصوصا بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية (WTO).

وتؤكد الجائزة أهمية مبادئ وممارسة قياس مستويات الأداء في الأعمال المختلفة (التقييم الذاتي) ومقارنتها بمستويات أداء المنشآت المنافسة، إضافة إلى قياس التحسين في النتائج واستمراريتها، كما تهدف الجائزة أيضا إلى التعريف بالتجارب السعودية الرائدة في مجال الجودة وتتيح الفرصة للاستفادة منها وزيادة أعداد المتخصصين في مجال الجودة من مدققين ومحكمين وفنيين وخبراء ومستشارين متخصصين.

وبهذه المناسبة أدعو المنشآت الوطنية للتقدم للجائزة في دوراتها المستقبلية، مع التأكيد أن الجائزة رغم أنها هدف جيد وطموح فإنها ليست نهاية المطاف، فالحصول عليها يعتبر بمثابة الخطوة الأولى نحو الريادة والتميز، لكن التحدي الأكبر يكمن في الحفاظ على هذه المكتسبات، ومواصلة رحلة التميز من خلال التطوير والتحسين المستمر.

* ما أهمية المؤتمر الوطني الرابع للجودة، ولماذا حرصتم على عرض التجارب العالمية، وما أفضل الممارسات في مجال تطبيقات الجودة؟

- تحرص الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بحكم المهام المنوطة بها والتي تعد من أهم أركان الجودة دائما، على الأخذ بزمام المبادرة والشروع في خطوات فاعلة للقيام بتلك المهام وتنفيذها بمهنية.

وأصبحت الجودة في عالمنا المعاصر حديث المعنيين بتحسين وتطوير الأداء في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، نظرا للأهمية التي يعول عليها بصفتها إحدى المنهجيات الإدارية الحديثة التي تسهم في الارتقاء بمستوى الأداء، مما جعل بعض المفكرين يطلقون على عصرنا هذا عصر الجودة.

ومع دخول الألفية الثالثة اشتدت المنافسة في ظل ثورة تقنية المعلومات، مما رفع مستوى توقعات وتطلعات العملاء أو المستفيدين تجاه المنتج والخدمة المقدمة، الأمر الذي يستوجب التخلي عن الكثير من المفاهيم والأنماط الإدارية التقليدية التي لم تعد قادرة على الصمود أمام هذه التحديات.

وفي السنوات الأخيرة برز مفهوم أنظمة الجودة للتعامل بكفاءة وفاعلية أكثر مع هذه التحديات، من خلال معرفة نقاط القوة والعمل على تعزيزها، ومعرفة نقاط الضعف والعمل على تلافيها ومعالجتها.

ويأتي المؤتمر الوطني الرابع للجودة كأحد المناشط القوية والمهمة لنشر ثقافة الجودة، والتعريف بأفضل الممارسات والمنهجيات الإدارية التي تسهم في تحسين فعالية الأداء، والاستفادة من أفضل الممارسات والتجارب العالمية في تطبيقات الجودة لتحقيق أهداف التطوير والتحسين المستمر ومواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة في مجالات الجودة والتميز والإتقان التي يشهدها عالمنا المعاصر.

* ما أهم أهداف المؤتمر ومحاوره وأبرز المتحدثين فيه؟

- يهدف المؤتمر إلى نشر ثقافة الجودة والتميز المؤسسي لجميع القطاعات والشرائح المختلفة في المجتمع، وإطلاق مشروع الاستراتيجية للجودة، إضافة إلى التأكيد على أهمية المواصفات القياسية ونظم الجودة في رفع مستوى جودة المنتجات والخدمات والأداء لما فيه صالح المستهلك والاقتصاد الوطني، وإبراز جائزة الملك عبد العزيز للجودة كنموذج وطني للجودة والتميز المؤسسي، والاطلاع على أفضل الممارسات المحلية والدولية في مجال الجودة في قطاع الخدمات والسياحة والبناء والتشييد، إلى جانب استعراض الجهود الوطنية لتحقيق الجودة والاعتماد الأكاديمي في التعليم العالي.

ويتضمن المؤتمر ست جلسات علمية وثلاث ورش عمل، إضافة إلى حلقة نقاش علمية وجلسة ختامية، ويستضيف خبراء دوليين من داخل المملكة وخارجها من أبرزهم: البروفسور محمد زائيري، رئيس المجلس الأوروبي للجودة، ورئيس كرسي جوران للجودة الشاملة في بريطانيا، كما سيتحدث البروفسور أنانثيو بارسيو، أستاذ التسويق في جامعة ميامي وعضو الأكاديمية الدولية للجودة بالولايات المتحدة الأميركية في محور الخدمات والسياحة.

ومن خبراء المواصفات القياسية الدولية وكبار علماء الجودة سيكون المتحدث الرئيسي في محور جوائز الجودة الوطنية الدكتور جوهاني إنتيلا مستشار الجودة والعضو الرئيسي في اللجنة الفنية للمواصفات الدولية الآيزو 9001 وعضو الأكاديمية الدولية للجودة بفنلندا، إضافة إلى مشاركة الدكتور عبد الرزاق روماني وهو من الخبراء الدوليين في مجال الجودة في البناء والتشييد بالهند.

* ما التوقعات والآمال المعقودة على هذا المؤتمر ونتائجه وتوصياته في دعم وتعزيز مسيرة الجودة في المملكة وتحقيق تطلعات الحكومة؟

- نأمل من هذا المؤتمر الكثير، ونتوقع بعون الله وتوفيقه أن نخرج بتوصيات تسهم في نشر ثقافة الجودة وأهمية تطبيق معاييرها من خلال تبني التخطيط الاستراتيجي للجودة في رسم الخطط وتنفيذها وتقويمها، كما سنسعى إلى تحفيز المشاركين والمهتمين على تبني مبادئ الجودة وأسسها وتطبيقاتها على جميع المستويات محليا وإقليميا وعالميا، ونعمل على رفع مستوى الجودة في القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة في المؤسسات السعودية لتصبح قادرة على المنافسة العالمية.

ونطمح أيضا للارتقاء بمستوى العمليات الإدارية وتطوير القيادات على شتى المستويات وفي جميع القطاعات لتمكينها من الوفاء بمسؤوليتها نحو تطوير الأداء، من خلال نشر مفاهيم الجودة والتميز والإبداع وتطبيقاتها في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية في القطاعين العام والخاص، إلى جانب أننا سنعمل على تدعيم الالتزام بالمواصفات والمقاييس السعودية والدولية وتحسين مستوى الالتزام بها لرفع مستوى جودة السلع والمنتجات وتذليل التجارة البينية بين الدول، والاستفادة من التجارب السعودية الرائدة.

وأكد القصيبي في نهاية حديثه عزمهم على المضي قدما في هذه النشاطات لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين والارتقاء بالإجراءات والخدمات التي تقوم بها القطاعات المختلفة في مملكتنا الغالية، من أجل الوصول بإذن الله إلى تميز وريادة حقيقية في الأعمال والنشاطات على جميع المستويات.